اغلاق Atv وحظنا في الإعلام
اكرام الزعبي
19-02-2013 08:58 PM
قرار القضاء يُحترم بالطبع، ولكن إغلاق قناةAtv يمثّل في خلاصته إغلاقاً لإمكانية قيام إعلام وطني محلّي مهنيّ : غير طائفي، وغير مأجور. بغضّ النظر عمّن أخذ شيئاً من هذه القناة, وعمّن أعطاها، كان ينبغي أن يُقفل "الفساد" الذي رافقها بالشمع الأحمر، لا أن تُقفل القناة نفسها. جميعنا فهم ما حدث، وجميعنا في الوقت ذاته لن يفهم أبداً - ولو "فتح" عند السُمَرّا - حقيقية الذي حدث !!!
نحزن ليس فقط دفاعاً عن المركز العربي ومنجزاته الكبيرة على المستوى العربي، ولا دفاعاً عن الصورة المُشرقة المُحترفة التي رسمها المركز للفنان الأردني بأجياله الثلاثة، ولكن نحزن دفاعاً عن حقّنا في إعلام حديث جريء يُبرز الأردن الحقيقي بعظمته دون كذب وتزوير وحماسيّات تنتمي للعهود البائدة. كنّا نحلم كإعلاميين مّخلصين للأردن بأن نشعر بأننا أصبحنا مركزاً إعلامياً هاماً يعتمده العرب والأردنيين، تماماً مثلما نجحنا في جعل كل فنّان عربي كبير يطمح الوقوف على مسارح مهرجان جرش.
تغييب الإعلام المهني والوطني كما شهدت الإنتخابات النيابية الأخيرة، جاء لصالح إعلام قام بخداع الناس وإيهامهم بأن الفأر فرس، فنجح بعض أعضاء هذا المجلس بواسطة اللعبة الإعلامية، لعبة العصر الديجيت السياسي -إن جاز التعبير – مع أن بعضهم من مبيضي النحاس لمن يذكر ما هو مبيّض النحاس !! لا يبدو بأنّ أحداً قد فهم الدرس .. تركواالميدان فرقص حميدان !!
حَلُمنا – وكان مجرد حلم ليلة صيف – أن نقترب من مساحة الحريّة التي "يرفل " بها زملاؤنا في لبنان ومصر ودبيّ. وأن ننتقل للشكل الحديث المتطوّر كل يوم الذي يهرول إليه إعلاميو تلك الدول وغيرها. ولكن من الواضح أن علينا أن نصحو دائماً وفي عيوننا غبار الواقع الذي يميت من القهر ؛ فليس عدلاً أن نكون أول من فكّر بفكرة المدن الإعلامية الحرة، وآخر من قد يطبقها. وليس من العدل أن بعض الجهلاء قد "خَسّروا" الأردن إمكانية قيام قناة الجزيرة وقناة mbc الأردن، وقنوات أخرى كثيرة في الأردن..لاقت هوىً بل غراماً عند غيرنا، لمجرد أن شخصاً لا يستطيع تكوين جّملة مفيدة قرّر أن في ذلك "وجعة" راس !!!
الرؤوس الآن ستنفلق غضباً من هذا الحظ الإعلامي الخائب الذي تتصف به البلد؛ إذ حملت تلك القنوات صيت ومكانة البلدان التي نشأت بها إلى النجوم، ونحن رأينا "نجوم" الظهر ونحن ننظر بحّرقة لمصير صديقاتنا وأصدقائنا الذين حملوا صخرة سيزيف وكلما كادوا يصلون لأعلى القمة الإعلامية ... كانوا يعيدون الكَرّة من نقطة الصفر ... كان الله بعونهم وعوننا على الكآبة التي ترافق الشعور بالخيبة والخذلان والمرار .. هؤلاء الذين نحتوا في الصخر، ونحَتَهُم الإنتظار، وفي النهاية سننحت معاً للبحث عن طريقة لمنع تحطّمهم ونقمتهم على اليوم الذي صدّقوا فيه ما رأوه قريباً، ورآه الجهابذة مستحيلاً !!!
لمحبي "شخصنة " كل رأي فلا ناقة لي ولا برنامج في فضائية Atv التي أُهدِرَ دمُها بين القبائل، بل لم يسبق لي أن دخلت من بابها، ولكني حزنت لأن لا وساطة "نمر بن عدوان" ولا "عودة أبو تايه" بجلالة قدرهما قد شفعت لإطلاق بث تلك القناة. حزنت وبكيت مع صديقات وزميلات ضاعت أحلامهنّ في الإنتظار بين ستوديوهاتها، وحزنت أكثر لشباب حزموا حقائبهم وتهيّأوا لسفر أو لهجرة الى بلاد ربّما ليس فيها ولا حتى راديو ...