السلفية في مواجهة الإسلام السياسي
اسعد العزوني
19-02-2013 04:48 PM
هي سّنة الكون، لكل شيء ضده، وتستمر الحياة، حسب مخطط من يرسمون، وكان الله سبحانه وتعالى هو أول من اعتمد هذه الظاهرة كونه خالق هذا الكون ومصممه،إذ خلق الليل المعتم والنهار المشمس، والثواب والعقاب والجنة والنار والخير والشر، والأبيض والأسود.
ما دعاني للكتابة حول هذه الموضوع هو ما يجري هذه الأيام بعد أن أطل علينا ما يحلو للبعض أن يطلق عليه "الربيع العربي" الذي اطاح برؤوس الحكم العلماني الذين تحكموا في رقاب العباد وثروات البلاد، منذ أن وجدنا أنفسنا نرزح تحت حكم الدولة القطرية بضم القاف، وشهدنا لاحقاً تحول الجمهوريات إلى ملكيات وإن غابت دساتير الملكية، وقد تم تحويل الرؤساء إلى ملوك وتوريث الحكم لأبنائهم من بعدهم بموافقة برلمانية لم تتعد إجراءاتها زمن رمشة العين.
الحالة الأولى التي تناسب هذا المقام، هي الصراع الذي حصل بين جماعة الإخوان المسلمين، والرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي كان يمثل القومية العلمانية، وقد كلف هذا الصراع مصر ثمنا كبيرا، أعاق تقدمها وازدهارها حتى يومنا هذا، علما أن وضعها آنذاك كان أفضل من وضع اليابان وكوريا وحتى الصين، لكن في حال رغبنا بالمقارنة فأين الثرى من الثريا في مجال التقدم بكافة اشكاله.
هذا الصراع لم يتوقف بوفاة عبد الناصر، بل إستمر في عهد صاحب نظرية الفرم "الرئيس المؤمن" محمد أنور السادات الذي هدد بفرم الإخوان المسلمين،الذين شهد وضعهم بعض الانفراج في عهد مبارك، مع ان الأمر لم يخل من التوترات وقد كان الرئيس الحالي د.محمد مرسي سجينا في عهد مبارك، لكنه قيل أن سجنه لم يكن بدوافع عقدية.
بعد الربيع العربي ظهر صراع من نوع آخر تمثل في الصراع بين جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، وهذا هو الوجه الأقبح للصراع، إذ كنا نتفهم بعض الشيء أن يكون هناك صراع بين القومية والعلمانية من جهة وبين الإسلاميين من جهة أخرى، لكن أن يكون الصراع دينيا قلبا وقالبا فإن الأمر يصبح مثارا للاستغراب.
ففي تونس يشكل السلفيون بعبعاً مخيفاً لحركة النهضة الإسلامية، لذلك نرى هذه الحركة الحاكمة في تونس بين فكي كماشة، الأول السير باتجاه المرونة لمواكبة الوضع ومتطلباته، وعندها ستجد غير الإسلاميين يتهمونها بالتراخي ويفتحون النار في وجهها، والثاني هو الهجوم السلفي عليها في حال جنوحها للتشدد.
لذلك نجد أن الوضع في تونس، قد اتجه إلى المجهول ولا أحد يستطيع تحديد المغطيات التي ستحكم المشهد، وهذا يعني أن المستقبل في تونس غامض رغم خلع الفاسد المفسد بن علي وكل حاشيته.
أما في المحروسة مصر فهنا الطامة الكبرى، فمصر ليست كغيرها من الدول العربية، ولذلك فإن اي تحول وضمن أي درجة على مقياس ريختر السياسي ،سينعكس إن سلبا وإن إيجابا على الواقع العربي برمته، ولأننا لا نرى شيئا إيجابيا، فإن الانعكاس وبكل تاكيد سيكون سلبيا.
السلفيون في مصر قوة لا يستهان بهم ولهم جذورهم الخارجية التي تغذيهم بالمال، ليس حبا بهم طبعا بل حتى لا تقوم لمصر أي قائمة بعد عبد الناصر.
إنهم في سباق على الحكم، ويتخلل ذلك السباق مشاكسة ليست سهلة ،لذلك فإن الخوف على مصر لا يكمن فقط في أتباع نظام مبارك ولا في القوى المتأمركة الأخرى، بل هناك خطر شديد من تبعات الصراع الإخواني –السلفي ،ومعروف أن كلا الطرفين يتسابقان في كسب ود أمريكا التي تلعب في رياح المنطقة السياسية حسب أهوائها وطموحاتها الراغبة في منع مصر من التحرر والاستقلال.
المعارك كثيرة وكبيرة بين الإخوان والسلفيين وفي مقدمتها هجوم السلفيين على الإخوان لرعايتهم حفل الفنانة اللبنانية دوللي شاهين وكذلك بالنسبة للقرض الأوروبي لمصر.
السلفيون يريدون تطبيق الشريعة بحذافيرها في مصر، ويقولون أن الدين والشريعة ليسا أهم الأشياء بالنسبة للإخوان ،ويتهمونهم بالإنفتاح على العلمانيين.
كما أن المواجهة ستكون بالنسبة للمنقبات وخروجهن إلى الشوراع للتظاهر، وهن ينتمين للسلفيين، وهناك من يقول أن السلفيين يلعبون بالنار وأنهم نقضوا العهد مع الإخوان،ورغم تحالفهما الظاهر بعد خلع مبارك فإن تخلي السلفيين عن الإخوان بات أمرا لا مفر منه ،ويبقى السؤال: مصر إلى أين في حال وقوع المواجهة المسلحة بين السلفيين والإخوان؟