لا تغيب السياسة عن المجالس الخاصة ولا العامة في الأردن، سؤال المرحلة يقفز دوما عن توقع الرئيس المقبل، لكن لا أحد يملك قوة الحسم، إلا صاحب الشأن، وهذه المرة يفترض بتشكيل الحكومة أن يكون مختلفا، وهو سائر إلى ذلك، فلنوابنا مهما اختلفنا أو اتفقنا على شرعيتهم أو على درجة تمثيلهم لنا، سلطة منح الثقة وسلطة إبقاء الحكومة، وهو ما نطق به خطاب العرش، وما يكفله الدستور، والمتوقع أن يكون ماراثون اختيار الرئيس ثم منح الثقة تتويجا لمشروع تسييس الناس واندماجهم بالأحزاب فيما بعد، ذلك طموح لا يتأتى بسهولة.
والسؤال: لماذا يتحدث الشعب بهذا الكم من السياسة، وهذا الحضور الكثيف للتوقعات والتخيلات التي تتناول كل اسم وتدخله باب الأمنيات في تشكيل الحكومة المقبلة، أليس هو ذات الشعب الذي طالب بحل البرلمان السابق، وثمة من يقول بنزع الثقة عن المجلس الحالي، ألم تكن التعليقات ذات شكل احتفالي ومهول على أخبار حل آخر مجلسي نواب؟ ففي مجتمع يخلو من تأثير مباشر لسلطة الأحزاب فيه، يظل الحديث عن تحديد اتجاهات الجمهور ضئيلا، وغير متوقع، وفي مثل هذه الحالة تلعب كل القوى فعلها، وهي محكومة بالرغائب والميول وحضور الهويات الفرعية القبيلة والمدينة والإقليم والعائلة، وبدرجة أقل في حالتنا الراهنة الأحزاب، وهو ما تبيّن في تشكيلة الكتل البرلمانية ومواقفها الأولية.
وهنا لا بدّ أن نتجرد ونحن نبحث عن عوامل فاعلة لتسييس المجتمع حزبيا، من وهم استمرار التأثير الفردي للقيادات، ذلك حضور يتضاءل، ويصعد في مقابله دور الفرد بذاته وسيطرة الإعلام ورجال الدين الشباب، كل المجتمع ينفض نفسه من جديد، ويظهر به فاعلون جدد في مستويات مختلفة من التأثير.
تسييس الشعب يتطلب التخلي عن فكرة نزع السياسة عن المدرسة أو الجامعة، الدفاع عن المؤسسات التعليمية بمعنى الحيلولة دونها ودون السياسة، يمكن أن يكون اقرب للأحجية، فطلبة الاتحادات يفوزون في الانتخابات بكل أنواع الفرز، وأقلهم نجاحا أولئك الذي يعبرون عن ذاتهم بهوية إقليمية أو جهوية، وأكثرهم انضباطا وتحقيقا لفرص النجاح من هم في التنظيم السياسي الأيديولوجي، سواء اعترفت إدارة الجامعة -أي جامعة- بهم أم لا.
في النقابات الصراع سياسي، والكسب في التأييد يتجه إلى أدوار مختلفة تمايز الناس بين العروبة ورفض الهيمنة وتقسيم الدول العربية والتقوى ودرجة الصلاح، وهو فرز وشعار سياسي وأيديولوجي، لكن ما لم يحدث بعد هو تقبل السياسة بين الشعب، واعني السياسة هنا الروح الحزبية، إن جاز لي ذلك.
فلماذا نتقابل في النقابة والجامعة على أساس حزب، ولماذا حين ننتخب أو نجلس تحت قبة البرلمان كنواب نرى أنفسنا أو نعبر عن ذواتنا بأقل من ذلك، سؤال تكمن إجابته في تسييس المجتمع بلا هوادة.
Mohannad974@yahoo.com
الدستور