قناة البحرين : هل أصبح الحل البديل حتميا؟
باتر محمد وردم
16-02-2013 05:36 AM
أثارت الجلسة الحوارية المفتوحة التي تم عقدها يوم الخميس بحضور مسؤولي سلطة المياه وخبراء البنك الدولي والشركات الاستشارية المشاركة في دراسات تقييم الأثر البيئي والجدوى الاقتصادية لمشروع قناة البحرين، أثارت العديد من التساؤلات والمخاوف حول الفرص الحقيقية لتنفيذ هذا المشروع بوجود قضايا فنية ومالية مهمة غير محسومة.
بالرغم من أن التقارير تشير إلى أن المشروع “مجد” اقتصاديا وأن آثاره البيئية قابلة للمعالجة فإن هنالك ثلاث قضايا في غاية الأهمية ما زالت مجهولة المعالم.
القضية الأولى هي تمويل المشروع والذي تصل قيمته إلى 10 بلايين دولار ويبدو من الصعب جدا الحصول على هذا التمويل في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية في العالم. القضية الثانية تتعلق بالآثار البيئية المحتملة من مزج مياه البحر الأحمر والبحر الميت. تشير دراسة الخبراء إلى أن إسالة كمية تقل عن 400 مليون متر مكعب من مياه البحر الأحمر إلى الميت سنويا لن تؤدي إلى أية تأثيرات بيئية ملحوظة ومهمة، ولكن بعد ذلك سيتم تكوين طبقة الجبس على المياه نتيجة اختلاط السلفات من البحر الأحمر مع الكالسيوم من البحر الميت. المشكلة هي أن الدراسة نفسها تشير بأن استعادة البحر الميت لتوازنه المائي ومن ثم ارتفاع منسوبه ( وهذا من أهم أهداف المشروع) لن يتحقق إلا في حال تم ضخ كمية 700 مليون متر مكعب وأكثر.
هذا استنتاج في غاية الأهمية والسلبية إذ أنه يشير إلى أن الهدف المتعلق برفع مستوى البحر الميت لن يحدث في حال تم الالتزام بهذه النتائج من التحليل البيئي، وأقصى ما يمكن فعله هو تخفيف تدهور وتراجع المنسوب من خلال ضخ أقل من 400 مليون متر مكعب سنويا كحد أقصى.
القضية الثالثة هي كمية وكلفة الطاقة. يحتاج الكثير في حال اكتماله إلى مصدر للطاقة يزود 800 ميغاواط سنويا وهذه كمية كبيرة جدا ومن الصعب تخيل وجود مصدر ملائم لها وبكلفة معقولة. دراسة الخبراء الدوليين وبكل أسف تفترض سعر الكهرباء بحسب أرقام 2009 ولكن هذه الأسعار في زيادة مستمرة ومن المفروض إجراء سيناريوهات مختلفة في حال زيادة الأسعار أو ايجاد مصادر طافة بديلة والتي يمكن بدورها إما أن ترفع وتقلل الكلفة.
وفي موضوع الكلفة أيضا تقدر الدراسة كلفة المتر المكعب من مياه الشرب الناتجة بحوالي 2 دولار وهذا يعني أن الحكومة مضطرة لتحمل نسبة دعم كبيرة في المستقبل.
الآن ستتخذ الحكومات المختلفة القرار النهائي ومنها الحكومة الأردنية. المسألة ليست سهلة ولكن يمكن دائما التفكير بمنظومة من البدائل منها تنفيذ مرحلة أولى بكلفة 2-3 مليارات لتزويد كميات مياه معقولة واختبار الظروف البيئية المرافقة لها، كما يمكن التفكير ببناء محطة تحلية في العقبة لضخ مياه محلاة إلى حوض الديسي لترتبط فورا مع مشروع نقل مياه الديسي وتسهم بتخفيض تركيز المواد المشعة في نفس الوقت وبتكلفة أقل من قناة البحرين.
ملاحظات الحضور من الخبراء البيئيين الأردنيين والمشاركين من عدة مؤسسات أظهرت مستوى عال من الوعي والذي يجب استثماره في توسعة نطاق التفكير بقناة البحرين والخروج من التصور الهندسي التقليدي الذي بقي مطروحا منذ أكثر من 20 سنة وربما تطوير منظومة مختلفة من المشاريع التي تؤمن المياه المطلوبة للشرب دون الكلفة العالية والمخاطر البيئية المتوقعة ومصادر الطاقة الهائلة مجهولة المصدر.
batirw@yahoo.com
الدستور