لماذا تراجعت قيم الاخوة في بلداننا؟
حسين الرواشدة
15-02-2013 03:25 AM
ينطلق مفهوم الاخوة في الاسلام من وحدة الايمان ، فالاخوة ناتجة عن الايمان بالله تعالى ومرتبطة به ايضا ، واهم ما يميزها انها في ذاته سبحانه وامتداد لمحبته وتوحيده ، فمن احب الله ووالاه كان محبا - بالضرورة - لعباده الذين خلقهم ، ولاخوانه المؤمنين الذين يقفون معه في دائرة العقيدة والملة الواحدة.
وعقد الاخوة بين المؤمنين هو عقد حقوق واجبة بنفس الايمان ، والتزامها بمنزلة التزام الصلاة والزكاة وباقي العبادات ، والمعاهدة عليها كالمعاهدة على ما اوجب الله ورسوله ، وهذه - كما يقول ابن تيمية - ثابتة لكل مؤمن على كل مؤمن ، وان لم يحصل بينهما عقد مؤاخاة ، اما المناصرة بين المسلمين فواجب شرعي وفريضة واجبة ، اذ لا قيمة للاخوة اذا لم تتكلل بالنصرة والتعاون والتراحم ، واذا لم تترجم عمليا لكف الاذى عن المسلم والاهتمام بهمومه ، ومشاركته في الالم والامل ، وصد العدوان عنه.
في الاية الكريمة انما المؤمنون اخوة ، ينحصر مفهوم الاخوة في دائرة الايمان فقط ، فالعقيدة هي التي ترتب العلاقة بين المسلمين ، وهي علاقة في الله ولله ، مقدمة على علاقة النسب واللون والعنصر والطائفة ، وعابرة لحدود الزمان والمكان ، ومنزهة على كل ما يمكن ان يشوبها من اختلافات او مصالح ، وهي - في ذات الوقت - نعمة من الله تعالى على عبادة واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا ، وهي معجزة ربانية ايضا لا يستحقها الا المؤمنون لو انفقت ما في الارض ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ، وهذه المعجزة تحققت في المؤاخاة بعد الهجرة مباشرة ، حيث الانتقال الى مفهوم الامة الواحدة والدولة الواحدة ، وما يقتضيه هذا التحول من اجتماع للصفوف ، وانتقال في القصور ، وعقد اخوة بين المجتمع المسلم بما يترتب عليه من حقوق وواجبات لا ابالغ اذا قلت بأن مفهوم الاخوة في الاسلام يشكل اهم سلاح اسلامي يمكن ان نستخدمه اليوم لاستعادة حضور الاخوة ، ويتغلغل داخلها الاحساس بالوحدة والتضامن والتناحر والتعاون والتراحم يمكن ان تعجز عن المواجهة ، او يستهين بها الاخر ، او تقف متسولة على ابواب الشرق والغرب طلبا للعون والنصرة.
ويبقى ان نتساءل: لماذا تراجعت قيمة الاخوة في امتنا اليوم ، ومن هو المسؤول عن هذا التراجع ، وما علاقة ازمتنا الفكرية والسياسية والفقهية بذلك ، وماذا عن دور العلماء في اعادة الاعتبار لهذه القيمة المغيبة ، هل تمثل صحوة الشارع العربي والاسلامي عودة لروح الاخوة؟ ولماذا تقتصر هذه العودة في وقت الازمات فقط ، وهل اختزال مفهوم الاخوة في اطار المواطنة او القطر او غيرها اودى بكثير من معانيها ومدلولاتها الواسعة..
ما احوجنا اليوم الى تجديد عقد الاخوة بين ابناء الامة.. والى الالتزام به كما نلتزم بالعبادات المكتوبة.. فهو طويقنا الى الانتصار.الدستور