إذا صح أن النمو المتوقع لإيرادات قطاع الاتصالات لن يزيد هذه السنة عن 1% ، فمعنى ذلك أن هذا القطاع وصل حد الإشباع ، وهذا واضح من كون نسبة انتشار الهواتف في الأردن تزيد عن 100%.
في هذا المناخ تفكر بعض الجهات الرسمية بترخيص مشغل إضافي لمجرد الرغبة في الحصول على قيمة الرخصة ، وإن كان من شأن ذلك الإساءة لاقتصاديات الشركات العاملة في القطاع ، وبالتالي انخفاض حصة الحكومة من الأرباح وضريبة الدخل.
في غياب النمو فإن عمل المشّغل الجديد ليس إيجاد عمل جديد بل محاولة انتزاع جزء من أعمال الشركات الراهنة ، التي بدورها ستحارب المشغل الجديد وتضمن فشله وخسارته كما ضمنت فشل المشـّغل الرابع اكسبرس والمشغل الافتراضي الذي لم نعد نسمع به.
عندما تم الترخيص للمشـّغل الرابع ، احتجـّت شركات الاتصالات ، وضغطت ضد الفكرة ، وعرضت أن تدفع للحكومة 100 مليون دينار إذا لم تسمح بمشغل رابع ليس له لزوم ، لكن هيئة الاتصالات كان لها رأي آخر ، والنتيجة معروفة ، وهي فشل المشروع وعجز المشغل الرابع عن انتزاع جزء هام من عملاء المشغلين الثلاثة ، أورانج وزين وأمنية.
من الواضح أن جميع مبررات فتح الباب للمزيد من الرخص غير متوفرة ، فالمنافسة موجودة بحدودها القصوى ، والتعرفة مخفضة للحد الأدنى ، والمجتمع الأردني مشبع بخدمات اتصالات ذات كفاءة عالية ، وهناك سعة متوفرة للتوسع فيما إذا حدث طلب إضافي.
عندما لا تنمو إيرادات قطاع الاتصالات إلا بنسبة 1% هذه السنة ، فمعنى ذلك أنها في الواقع تتراجع ، لأن التضخم بنسبة 6% يعني أن الإيرادات الحقيقية للقطاع تتراجع بنسبة 5% ، فلا مبرر لزيادة الطين بلة.
قطاع الاتصالات نموذج للاقتصاد المعرفي الذي يستحق التشجيع ، والقيمة المضافة في هذا القطاع عالية جداً ، فإذا كانت إيراداته الإجمالية تتراوح حول 2ر1 مليار دينار فإن القيمة المضافة بشكل رواتب وأجور للعاملين وأرباح للمساهمين ، وإيجارات للملاك العقاريين ، وفوائد وعمولات للبنوك تزيد عن مليار دينار ، أو أكثر من 4% من الناتج المحلي الإجمالي ، أي أكثر من قطاع التعدين.
قطاع الاتصالات في الأردن ناجح بجميع المقاييس ، وهو يقدم خدماته على مسـتوى عالمي رفيع ، وليست هناك شكاوى من احتكار وارتفاع أسعار وسوء خدمة ، فلا داعي لتعريض القطاع لطعنة تثبت أننا لا نطيق النجاح ولا نسكت على ناجح!.
الرأي