ألا يستحق الحب عيدا؟ .. كما توجِد الحروب أعيادا؟ *عبير حسن العاني
14-02-2013 04:03 PM
تختلف الروايات التي تتحدث عن أصل عيد الحب (Valentine s Day) وتتعدد الأساطير التي كانت سببا للاحتفال به.
يعود سبب تسميته بالـ (فالنتاين) نسبة الى (القديس فالنتين) والذي التصق اسمه باثنين من قدامى ضحايا الكنيسة النصرانية، ويقال انه واحد توفي في روما أثر تعذيب القائد القوطي (كلوديوس) له حوالي عام 269 م وبنيت كنيسة في روما تخليدا لذكراه في نفس المكان الذي توفي فيه عام 350م.
وحين اعتنق الرومان النصرانية أبقوا على الأحتفال بعيد الحب لكنهم نقلوه من مفهومه الوثني، الى مفهوم آخر ممثل في القديس (فالنتين) الذي يرمز الى الحب والسلام الذي استشهد في سبيلهما، وأعتبر (القديس فالنيتين) بعدها شفيعا لشهداء الحب ورمزا خاصا للعشاق.
وتتعدد الأساطير التي تتحدث عن هذا العيد، ولا يعنينا هنا سردها كونها اساطير وثنية عند الرومانيين أو النصارى، لكن ما يهمنا نحن كمسلمين الجدل المحتدم حول شرعية الأحتفال بهذا العيد او تحريمه.
وحين نطلع على الفتاوى التي حرمت الأحتفال بعيد الحب لابد أن تستوقفنا تفاصيلها. فهناك من حرّم شراء الزهور أو لبس الثياب الحمر أو التهاني المتبادلة أو رسم القلوب الحمراء على الحلويات وووو...
وهنا أوجز بعضا مما ورد في الفتاوى التي قيلت عن عيد الحب:
- ((هو عيد لا اساس له في الشريعة، وهو عيد يدعو للشغف والغرام، ويشعل القلب بالأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح رضي الله عنهم.ونشأة هذا العيد مرتبطة باساطير وخرافات لايقبلها العقل السوي. وان ارتباط القديس (فالنتين) بهذا العيد ارتباط مختلف فيه وفي سببه وقصته، بل أن بعض المصادر تشكك أصلا في هذا التقديس وتعتبره اسطورة لا حقيقة لها، وحتى لو ثبت أن هذا العيد كان بمناسبة اعدام( القديس فالنتين) بسبب ثباته على النصرانية، فما لنا وله وما علاقة المسلمين بذلك؟)).
- (( وان الأعياد في الاسلام عبادات تقرب الى الله تعالى وهي من الشعائر الدينية العظيمة، وليس في الأسلام ما يطلق عليه عيد الا عيد الجمعة وعيد الفطر وعيد الأضحى. والعبادات توقيفية، فليس لأحد من الناس ان يضع عيدا لم يشرعه الله تعالى ولا رسوله (صلى الله عليه وسلم) وبناء عليه فأن الأحتفال بعيد الحب أو بغيره من الأعياد المحدثة يعتبر ابتداعا في الدين وزيادة في الشريعة،واستدراكا على الشارع.
وان الاحتفال بعيد الحب فيه تشبه بالرومان الوثنيين ثم بالنصارى الكتابيين وعموم التشبه بالكفار - وثنيين كانوا أم كتابيين- يحرم.
وبناء على كل ذلك فقد أوجب الفقهاء عدم الأحتفال مع المحتفلين بعيد الحب، أو الحضور معهم، وعدم اعانتهم على احتفالهم بأهداء أو طبع أدوات العيد وشعاراته،لأنه شعيرة من شعائر الكفر. ولا يجوز للتجار المسلمين أن يتاجروا بهدايا هذا العيد من لباس معين أو ورود حمراء او بطاقات تهنئة صممت لاجله أو غير ذلك، لأن المتاجرة بها أعانة على المنكر الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله (صلى الله عليه وسلم). ويجب عدم التهاني بعيد الحب لانه ليس عيدا للمسلمين، وأذ هنئ المسلم به فلا يرد التهنئة)).
- (( ولا يجوز التزاور أو اللعب أو اللهو والغناء أو بروز النساء أمام غير المحارم في هذا اليوم)).
وكثيرة هي الفتاوى التي صدرت (بحق هذا العيد)!!وكذلك الشعارات (المناوئة لعيد الحب)!! وهنا أود أن أطرح بعض التساؤلات التي قد يثيرها هذا الموضوع الاشكالي:
أن كان عيد الحب بدعة أو ليست الأعياد الأخرى بدعا أيضا؟كأعياد الميلاد وعيد الشجرة وعيد المرأة ووو..؟؟
وماذا نقول عن أعياد الميلاد لحكامنا في دولنا العربية الأسلامية والتي غالبا ما تكلف الآلاف بل الملايين من الدولارات والتي يصاحبها احتفالات وغناء ورقص على مدى أيام وتلبس لأجلها الألبسة الحمراء والبيضاء واللماعة والفاضحة؟ وماذا نقول عن أعياد وطنية وقومية وثقافية وفنية (مبتكرة)غالبا ما تستهل بتلاوة من آيات الذكر الحكيم ورموز معروفة من علماء الدين؟!
وأذا توجب عدم بروز النساء على غير المحارم بهذا العيد، فهل هذا يعني أن بروزهن في الأيام الأخرى جائز؟ وأن كنا نقول بوجوب الامتناع عن اللهو والغناء في هذا اليوم فهل هذا يعني ضمنا جواز ذلك في الأيام الأخرى؟!
وان كنا نمنع هذا العيد كونه عيدا وثنيا نسبة الى قديس نصراني، فلماذا نحتفي ونزهو ونفخر مثلا بجائزة أرتبط اسمها بمخترع الديناميت (الفريد نوبل) والذي أطلق عليه (صانع الموت)، هذا علاوة على كونه غير مسلم واتهم الاسلام بأنه دين عنصري؟!!! في الوقت الذي نرى العرب يحلمون بنيلها كما نالها أربعة مصريين مسلمين سابقا يفتخر العرب بحصولهم عليها!!
واذا كانت الحجة التي يدعي بها بعض (الوسطيين) من علماء الاسلام باننا لا نحتاج يوما للحب او للأم كما يحتاجها الغرب ليذكروا زوجاتهم او امهاتهم بيوم واحد في العام، فأن علينا ان نحتفل بالحب والأم يوميا ، فهل هذا حقا ما نجده في مجتمعاتنا الاسلامية؟
كم رجل عربي مسلم يقول لزوجته كلمات حب كل يوم أو لنقل كل شهر او ربما كل عام؟ والعكس بالطبع صحيح.
وهل كل الابناء في مجتمعاتنا هم بارّون بامهاتهم حقا؟
لماذا ندعي المثالية وعيوبنا المستترة تزيد من تفسخ مجتمعنا في الوقت الذي ننهمك فيه بمحاولات تشويه لطقوس الغرب بغض النظر عن كونها مشوهة أصلا أم لا؟!!
ولماذا لا نستغل أي فرصة ولو كانت (دخيلة) ان كان استغلالها يزيد من أواصر المحبة والتسامح والسلام؟!!
ولماذا نقحم - دائما- الدين الذي هو أسمى من اشكاليات لا تجدي نفعا، في كل شيء؟؟
ولماذا لا نناقش الجوهريات بدل اضاعة وقت كثير بتناول موضوعات تافهة ربما تؤدي الى نزاعات أخرى تضاف لنزاعاتنا.. وما اكثرها؟!!!!
الجوهر هو الحب.. والحب يستحق عيدا كل يوم .. يستحق زهرة كل يوم.. وحبا كل يوم!!
فلنحاول ان نحب ونوجِد كل يوم عيدا أحمر للحب، بدل أعياد حمر للحروب!!