منذ عام 1928 وعند صدور اول قانون انتخاب نيابي كانت السمة البارزة والاساسية فيه، هي ضرورة ان يضمن القانون تمثيل شرائح المجتمع والاقليات، وقد حافظت جميع قوانين الانتخاب النيابية الصادرة بعده وحتى القانون الأخير على هذه السمة.
للحظة ينظر الى هذا التخصيص على انه نوع من انواع العدالة في التوزيع، وربما يكون ذلك فيه الكثير من الصحة على الصعيد الاجتماعي، لكن على الصعيد السياسي وعلى بنية المجلس التشريعي فان القانون يكون قد اخذ بالنظام الفردي، اي الاعتماد على النواب الافراد الممثلين لتكويناتهم الاجتماعية وليس على مؤسسات العمل السياسي وهي الاحزاب الممثلة لبرامج متباينه، وكانه أسس لاستبدل الحزب بالعشيرة والعائلة والطائفة والعرق، وبالتالي حرص على ان يضمن تمثيل شرائح المجتمع اجتماعيا في البرلمان.
بالمقابل فقد اشارت المادة واحد في الدستور الاردني بوضوح الى ان نظام الحكم في الاردن هو نيابي ملكي، بمعنى انه في الحالة الاردنية تم الاخذ بالنظام النيابي كمكون اساسي لطبيعة النظام السياسي، والمعروف والمستقر في النماذج العالمية الناجزة التي اخذت بالنظام النيابي البرلماني سواء في اطار ملكي او جمهوري ان هذا النظام لا يعمل بكفاءة ولا يمكن ان يستقيم ويحقق غاياته الا اذا استند الى احزاب سياسية وليس الى الافراد.
اذا ميزة قانون الانتخاب الاردني الذي يعتمد على النظام او الاسلوب الفردي والذي يعززه نظام تقسيم الدوائر الى ما يشبه الدوائر الديمغرافية الصغيرة وفر بيئة طاردة لقيام حياة حزبية تعددية وفاعلة, الأمر الذي أسهم في إضعاف السلطة التشريعية بفعل اعتمادها على نواب افراد قادمين من دوائر اجتماعية، مما ادى الى ان اصبح تنافس النواب في اطار البرلمان تنافس فردي باتجاهين، الاول تحقيق مصالحهم المباشرة، والثانية تحقيق مصالح فردية ايضا لبعض ناخبيهم.
بعد ان انتهت الانتخابات تبين ان اتجاهات تصويت الناخبين ما زالت لا تدعم الاحزاب او المؤسسات بقدر ما تدعم الافراد، وبالتالي فانها لن تسهم باي شكل من الاشكال في بناء سلطة تشريعية قوية او تعزيز بناء نظام ديمقراطي نيابي ناجز.
وحتى يحدث العكس فان قانون الانتخاب ينبغي ان ينسجم مع فكرة ان البرلمان مؤسسة سياسية تشريعية رقابية، وليس مجرد حاصل جمع عائلات وطوائف وكوتات.
"الرأي"