اللامركزية مجدداً في الخطاب الملكي *د. هيام كلمات
mohammad
14-02-2013 03:13 PM
اكد جلالته في خطاب العرش السامي بمناسبة إفتتاح الدورة غير العادية للبرلمان مجددا على أهمية اللامركزية كأحد آليات التطوير الإداري والديمقراطي لتعزيز التنمية المستدامة والعادلة في كافة المحافظات.
لا شك بأن التنمية عامل هام لإحداث التغيير في المجتمع وعلى تغيير مستوى ونمط حياة الناس. فهي عبارة عن عملية تعزيز وتواصل بين أفراد المجتمع الواحد للعمل معاً لمواجهة التحديات التي تؤثر عليهم سلبا كالفقر والظلم وغياب العدالة والإنصاف. ويؤكد الخبير ألن تورين ( Alain Touraine) على أن التنمية السليمة تحكمهما شروط أساسية هي توفر الاستثمار المدروس بعناية, والتوزيع العادل للثروات لكل الأقاليم, وتوفر وسائل الضبط السياسية والإدارية التي تحسن التعامل مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع, بحيث تعتبرالشروط الثلاثة مقومات للديمقراطية الحديثة.
إن مشاركة المجموعات المحلية والمستهدفة في عملية اتخاذ القرار الخاص بالنشاطات المحلية في المحافظات وفي تنفيذ القرارات المتعلقة بإدارة المصادر و بالمهمات الخاصة بالهيئات المحلية, يزيد من احتمالية نجاح التنفيذ واستدامته ويساهم في تطوير قدرات المسؤولين في الدفاع عن المصالح والحاجات الأساسية للمواطنين وللمؤسسات في المحافظات سواء أكانت حكومية أم أهلية. ذلك ان عملية المشاركة تعمل على تنشيط الممارسة الديمقراطية في المجتمع بتطوير قدرات المواطنين على تولي أمور حياتهم ومناقشة القضايا المرتبطة بالسياسات والبرامج المحلية والوطنية. وقد بينت الدراسة التي أصدرتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا / قسم الإدارة والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بعنوان « المبادئ الأساسية لتعزيز الحوار والتعاون والتداخل بين حكومات المنظمات الشعبية « ، على أن الهدف من المشاركة هو تعزيز « المواطنة « كهدف أساسي لتحقيق التنمية المستدامة. فالمشاركة تزيد من كفاءة و فعالية الحوار وعلى استدامة النشاطات والبرامج. فالديمقراطية والمشاركة مرتبطتان ارتباطا وثيقا نظرا لكون المشاركة في صنع القرار التنموي المحلي هي أولى الممارسات الديمقراطية إذا كنا نتحدث عن ديمقراطية حقيقية لا منقوصة. ونعني هنا بالمنقوصة أن تكون إما بدون مشاركة أو أن درجة المشاركة متدنية.
لا شك أن اللامركزية تحتاج إلى تخصيص موارد مالية والتحلي بالشفافية والمساءلة والكفاءة في أدأ الموظفين المؤهلين المهرة في كافة المستويات الإدارية لإنجاح كل من عمليتي اللامركزية وصنع القرار.
كما ان التحول إلى مزيد من اللامركزية الإدارية يتطلب من المسؤولين إعادة الهيكلة الداخلية للمؤسسات لتتمكن من أدا دورها بفعاليه. وقد إلتزمت الدول المشاركة في مؤتمر استنبول لقمة المدنII بالإعلان الصادر عن المؤتمر بضرورة تحقيق اللامركزية الفعالة المبنية على الشراكة بين القطاعات الثلاث العام والخاص والمجتمع المدني. ذلك ان أهمية التنوع والتعدد في الشركاء المساهمين في تنمية المجتمعات المحلية يكمن في كونها في العادة موالية لمختلف الفئات الضعيفة والأقل حظا من مثل النساء والفقراء والمعوقين. فهي تتيح لهم المشاركة في الجهود المبذولة لتحقيق الحاكمية الرشيدة في مجتمعاتهم المحلية بالمشاركة في صنع القرارات ومتابعة تنفيذ المشاريع . و قد أوردت ديبورا أيد Debora Eade مفهوم أل OXFAM بالتعريف التالي الداعم لمفهوم الإستدامة: « لتحقيق الاستدامة، لابد لعملية التغيير من أن تشجع مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وتعزيز قدراتهم لتحسين مستوى معيشتهم في الحاضر والمستقبل. أن مفهوم الاستدامة يتعدى مفهوم الاعتماد على النفس ماديا إلى الاعتماد على قدرات الناس الاجتماعية والاقتصادية في تحمل الضغوط المختلفة على حياتهم وطريقة معيشتهم». فقد أثبتت التجارب أن كلا من اللامركزية الفعالة والديمقراطية عنصران أساسيان وهامان لتحقيق الحاكمية الرشيدة. وهذا بالطبع ما هدف له جلالة الملك في معرض طرحه للامركزية مجددا مما يتطلب من الحكومة القادمة البدء بإتخاذ الإجراءات اللازمة لترجمته على أرض الواقع. الرأي