كتبت الأديبة أحلام مستغانمي على صفحتها في الفيسبوك:
«ليس في حوزتنا أشياء لا نحتاجها ، لأنها حتى عندما تهترئ ، وتعتق ، نحتاج حضورها المهمل في خزائننا أو في مرآب خردتنا ، لا عن بُخل ، بل لأننا نُحب أن نثقل أنفسنا بالذاكرة ، ونفضل أن نتصدق بالمال ، على أن نتصدق بجثث أشيائنا، ولهذا يلزمنا دائماً بيوت كبيرة».
تستحق خزائننا الفائضة التفاتة لتحديد الموقف من عشوائية محتوياتها، وتقرير مصير حاجتنا إليها، فمن ذا الذي ينكر أننا كلما هممنا بالتخلص من التالف منها، أو المبادرةبإعطاء جيّدهالمن هو أحوج إلينا منها،تراجعنا لنقرر بلهجة حاسمة أن «ليس في حوزتنا أشياء لا نحتاجها» وأنها تلزمنا لأنها لم تهترئ بعد، ونباشر إثر ذلك آلية اقناع الذات أننا سنستفيد من وجودها في يوم ما خلال العام القادم. إنها عاداتنا المتوارثة في حب الامتلاك.
لكن السنين تكرّ والخزائن كالعادة تتكدّس في «مرآب خردتنا»ونحن لا زلنا نقنع أنفسنا بحاجة حضورها.الأغرب من ذلك أننا في لحظة اندفاع أو يأس نتخلص بقرار سريع من أشياء ذات جدوى حقيقية ثم نعود لنبحث عنها ناسين أننا عادة مانرتب أولوياتنا بشكل خاطئ.
لكن التفاتة تبدو أشد أهمية إلى «خردة» من نوع أخطر، إنها مساحاتنا الروحية المثقلة، تلك التي نحملها في أعماقنا ونحتفظ بها كمتحف مغلق.. خزائن مكدّسة شيدناها عبر رحلة الزمن.. فيها همومناالعالقة التي تبحث عن خلاص، وشخوص بقيمة زائفة سرقوا من عمرنا مسافات قبل أن نلقيهم في الغرف الخلفية، ورواسب من أيام مضت ندّعي عدم اكتراثنا بها، لكنها ما تلبث تصدمنا بأنها قابعة هناك، وبأنها تزيد فراغ الحياة رغم امتلائها.
تلك دعوة ، ليست فقط، للتخفف من كراكيبنا التي في الخزائن، وللتنازل عنها لأقرب سيارة خردة تنادي في الحيّ،لكنها الخردة التي تلبد في أعماقنا.. فكما يصرّ علماء «الفونغ شوي» على أن الأشياء المكدّسة تعيق انتشار الطاقة في المنزل وتضعف قدرة الجسم الطبيعية على مقاومة عوامل المرض، فإن التخلص من عوالقنا الروحية أهم بكثير لاطلاق طاقاتنا عبر ردهات الحياة. إن هذا الأمر كما يقول «درويش» يستدعي المباشرة بالعمل.
"الرأي"