انفراج سياسي واختبار نيابي
عمر كلاب
12-02-2013 06:37 AM
يمكن رصد تفاصيل انفراج سياسي في تصريحات حزب الوحدة الشعبية الاخيرة التي تطالب بإقرار قانون انتخاب توافقي ومن ثمة انتخابات مبكرة , فهذا يتوافق مع مضمون الخطاب الملكي في افتتاح اعمال مجلس النواب السابع عشر , فبيان الحزب يقول ضمنا ان العقد الاجتماعي مع مجلس النواب الجديد محكوم بإشتراطات سياسية لا بمواقف مسبقة , وان اداء النواب ومواقفهم حيال القوانين الاصلاحية سيحدد طبيعة العلاقة معهم وهذا جهد سياسي ايجابي ويضمن انتاج حالة التوافق الوطني المنشود .
حزب الوحدة الشعبية يتحرك وفق بيانه بمنطق سياسي مستقل ويكشف بعمق اكثر ان مقاطعة الحزب للانتخابات جاءت في سياق موضوعي لظروف الحزب وخصوصيته وليست التحاقا بمركب جبهة العمل الاسلامي , بل ان مقاطعة الحزب ان استمر بهذه المسلكية السياسية الراشدة ستؤكد بأن مقاطعته كانت محمودة حتى لا تحتكر جهة سياسية او حزب سياسي المعارضة لنفسها وعلى نفسها .
الانفراج الذي يكشفه بيان حزب الوحدة الشعبية وهو بمنطق السياسة انفراج واقعي وليس افتراضي يقابله تشنج من جماعة الاخوان المسلمين ومن جبهة العمل الاسلامي , حيال المجلس الجديد وشكل الحكومة المنتظرة , ويدفع الى مزيد من التأزيم السياسي بدل ايجاد المخارج والحلول , فبعد البرلمان الجديد يمكن الحديث بوضوح عن كل التعديلات المطلوبة على قانون الانتخاب ويمكن الحديث عن كل المشاريع الاصلاحية المطلوبة ضمن شرط واحد وهو شرط التوافق الوطني وعدم احتكار الحقيقة او مصلحة العباد .
المطالب السياسية المشروعة في جزء كبير منها للحركة الاسلامية كانت سابقا تصطدم بعوائق دستورية متعلقة بغياب البرلمان وعدم وجود حهة اختصاص في فتح القوانين وتعديلها , وقد زالت هذه العقبة بوجود مجلس النواب الجديد ووجود مجموعة نيابية متحفزة للعمل النيابي الحقيقي , صحيح ان تعداد النواب الذين ينتمون لمدرسة الاصلاح السياسي قليل نسبيا لكنه معقول لتحقيق الاختراق المطلوب اذا ما تم اسناده من باقي الاحزاب السياسية وتحديدا جبهة العمل الاسلامي وحزب الوحدة والحزب الشيوعي وتيارات المقاطعة الشعبية وقد سجّل المجلس امس نجاحا في تشكيلة مكتبه الدائم واحبط محاولات اقصاء تيار الاصلاح حتى عن الحكومة المقبلة ومجلس الاعيان المنتظر .
المجلس الجديد قدّم مبادرة مسلكية مقبولة وكشف عن وجود تيارات فاعلة ومؤمنة بالاصلاح وجاء خطاب العرش ليمنحها زخما اضافيا , فهي في حديثها القادم عن تعديل القوانين السياسية والاجتماعية مدعومة بخطاب العرش ولن يستطيع احد المزاودة عليه , بل انه بمطالبه الاصلاحية يكون منسجما مع رأس الدولة وليس العكس وهذا مفيد في الحديث مع المواطن الاردني ومع التفاوض مع باقي التكتلات النيابية سواء المتأتأة او المعطلة لمسيرة الاصلاح , فقد منح خطاب العرش نواب الاصلاح ورقة سياسية للدخول الى غرفة الاصلاح دون كوابح واوقف خطاب العرش كل محاولات المتعطلين او المعطلّين للاصلاح .
الحديث المطلوب الآن هو الحديث السياسي الناضج والمتوافق مع تركيبة المجتمع الاردني وحساسياته , ولم يعد امام اي طرف اية حجة لعدم الجلوس على طاولة الحوار وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه , فمخرجات الحوار تنتقل الى الغرف البرلمانية ويخرج التشريع المتفق والمتوافق عليه , والرسائل المتشنجة او الرافضة للحوار من اي طرف مرفوضة وغير مقبولة .
لم يعد هناك عوائق دستورية لتنفيذ خارطة الاصلاح ووضع برنامجها الزمني , ولم يعد هناك مجال لرفض طاولة التوافق الوطني بوصفها السبيل الوحيد لانقاذ البلاد والعباد , فما يريده الحراك الشعبي واضح تماما وكذلك مطالب الاحزاب المشاركة وكذلك المقاطعة ولم يتبق الا وضعها على طاولة الحوار الجاد وانتاج توافقات حيالها لتستمر العجلة وتمضي الى غايتها , وحال تلكؤ اي طرف او تعطيله يكون الضغط الشعبي هو الحل .
الدستور