مأزق أحزاب الوسط في المرحلة الجديدة
المحامي محمد الصبيحي
12-02-2013 03:50 AM
وضعت نتائج الانتخابات النيابية احزاب الوسط - وهي تتجاوز عشرة أحزاب - في أزمة حقيقية بمواجهة ما يمكن أن يكون عليه دورها في المرحلة القادمة .
فقانون الانتخاب بما أستجد فيه بشأن القائمة الوطنية ثبت بالتجربة العملية أن أكبر حزب وسطي على الساحة وبكل ما أوتي من قوة لن يستطيع أيصال سوى نائب أو نائبين من خلال القوائم الحزبية , بينما تمكنت قوى مستقلة من أيصال نفس العدد بدون أن تجمعها بنية تنظيمية أو برنامج حزبي مدروس معد مسبقا .
ويبدو أن احزاب الوسط وجدت نفسها فجأة معلقة بين مواقفها المؤيدة لسياسات الدولة بشكل مجمل وبين الفشل الانتخابي وبين قوى اليمين التي قاطعت ونأت بنفسها عن المعركة الانتخابية وترى أنها خرجت بأقل الخسائر أو تعتبر نفسها ربحت شعبيا بالغياب , ومن هنا فان أحزاب الوسط قد ترى أنها خسرت شعبيا وتاهت برامجيا وتعاني الان من وضع تنظيمي داخلي هش قد يؤدي الى انقسامات أو انسحابات أو تلاشي لبعضها .
ان الصورة الان واضحة بثنائية جديدة , قوى مستقلة ساحقة داخل البرلمان مقابل تنظيم اسلامي معارض في الشارع , وهي ثنائية ستتطور الى انحياز القوى المستقلة الى سياسات الحكومة مقابل معارضة في الشارع لتلك السياسات يصاحبها عدم أعتراف أي طرف للآخر بأنه يمثل الاغلبية الشعبية , وهنا تكمن الازمة التي ينبغي البحث عن حل لها ربما يكون فيما ذكره جلالة الملك من حيث انجاز قانون انتخاب جديد يحظى بتوافق حزبي وشعبي وطني يمكن القوى الاصلاحية من الاستعداد لمرحلة جدية يشكل فيها مجلس النواب الحالي مرحلة انتقالية متفق عليها تضبط ايقاع الحراكات ضمن هامش مقبول تتجاوز فيه الدولة الازمة الاقليمية بأمان .
أما بخصوص أحزاب الوسط الوطني فان الحاجة ماسة الان الى التقاء مجموع تلك الاحزاب في ورشة عمل تقيمية تفصيلية لنتائج الانتخابات ووضع أحزاب الوسط ومستقبلها وربما ضرورة أندماجها ووضع أسس خططها في المرحلة القادمة ورؤيتها لقانون الانتخاب المزمع انجازه والمشاركة بفعالية في الحوار حوله مع السلطة التشريعية والتننفيذية والمعارضة .
وربما أيضا وضع برامج جديدة لعملها تتعامل مع القضايا الوطنية الشعبية بصورة عملية وتلتصق أكثر بمؤسسات المجتمع المدني غير الحكومية وتساهم بصورة مباشرة في الاعمال التطوعية والخيرية وتنمية المجتمع المحلي , وبغير ذلك فانها تفقد مبررات وجودها .
لقد آن الاوان أن نخرج نفسيا وعمليا من سلبيات وأيجابيات الانتخابات فالواقع القانوني والدستوري الجديد يفرض نفسه ولا بد من تعامل كافة القوى السياسية مع المرحلة على هذا الاساس بما يعنيه ذلك من عدم جدوى البقاء خارجا والاكتفاء بشعارات اسقاط مجلس النواب الجديد .
الرأي