تطورات الأزمة السورية اصبحت ضاغطة، وتداعياتها الخطيرة شملت العديد من دول المنطقة، وخصوصا دول الجوار التي تتحمل أعباء كبيرة جراء استضافة اللاجئين، المتزايدين.
فقد تمخضت أعمال المؤتمر الدولي للمانحين، الذي عقد قبل بضعة ايام في الكويت، بمشاركة حوالي 60 دولة إلى جانب 20 منظمة دولية تعنى بالشؤون الإنسانية والإغاثية وشؤون اللاجئين، والمتعلق بالوضع الإنساني في سوريا، عن عدة قرارات واجراءات منها:
التوجه نحو إنشاء صندوق دعم اللاجئين لمواجهة الأزمات الناتجة عن الظروف الاستثنائية التي تمر بها بعض الدول العربية، وفي مقدمتها الأزمة السورية، وتوفير الدعم والإمكانيات للدول التي تستقبل اللاجئين السوريين، وكذلك توجيه نداء لأعضاء مجلس الأمن لوضع معاناة الشعب السوري وآلام لاجئيه ومشرديه نصب أعينهم، وفي ضمائرهم حين يناقشون تطورات هذه المأساة الإنسانية. هذا وقد تبرعت دولة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار للشعب السوري الشقيق، وأعلن سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد البحرين، عن التزام بلاده بدفع مبلغ 20 مليون دولار دعما للاجئين السوريين. أما المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيرس، وصف الوضع في سوريا بالمأساوي، وأشار الى أن الأردن استضاف قرابة 330 ألفا لاجىء، ما يتطلب مزيدا من الدعم الدولي لمواجهة تدفق هذه الأعداد للأردن وللدول الأخرى المضيفة للاجئين السوريين.
هذا هو ما رغِب، "ولا أقول تمكن" العالم من تقديمه للأردن المضياف، الذي يتحمل دوماً فوق طاقته، فقَدره أن يكون الوطن الآمن لشعبه، وللشعوب التي لم تتسع لها أوطانها.
أن المأساة في سوريا الشقيقة مستمرة، ومعاناة الدول المجاورة لها "وخاصة وطني الأردن" مستمرة معها ايضاً، والدعم الفعلي القادم ضئيل، على كافة اشكاله، والعبىء ثقيل، ولا أمل يلوح في الأفق، والكل منا يتشَوَف الى حل مفقود!
النزوح "الجماعي" للشعب السوري للخارج أصبح ثقيلاً، وهو ناتج عن أسباب داخلية خاصة بهم، وليس لسبب خارجي، كإحتلال مثلاً لا سمح الله، والذي يختلف وضعه والتعامل معه، ففي تلك الحالة لا حساب، أم في حالة الصراعات الداخلية، كما في الحالة السورية، فالدولة هناك هي المسؤول الأول عن تبعات النزوح الجماعي ذاك، وما آل إليه حال مئات الألاف من اللاجئين السورين الضعفاء البؤساء، وبهذا فإن سوريا الشقيقة هي التي يجب أن تتحمل كامل تكاليف وتبعات هذا النزوح والهجرة المؤقتة، وليس أحد غيرها، بمعنى أن على الدول المضيفة أن تحتسب وبدقة جميع تكاليف استضافة الأخوة اللاجئين، وبالتنسيق مع، ومتابعة كل من جامعة الدول العربية والمنظمات الأسلامية والعالمية ذات العلاقة، على أن يتم إستعادة كامل التكاليف التي تكبدتها تلك الدول المجاورة المضيفة من الدولة المسببة للنزوح "سوريا". هذا بالإضافة طبعاً إلى ضرورة استمرارية تدفق الأموال والمساعدات للدول المضيفة، لحين عودة حالة الأمن والإستقرار للقطر الشقيق. وأجد أنه من الضروري والمُلِح ايضاً، أن يوضع ميثاق بين الدول يفرض على كل دولة تحصل فيها اضطرابات داخلية تؤدي الى نزوح أو هجرة، أن تتحمل تبعات اللجوء ذاك، للدول المجاورة لها، بعد عودة حالة الإستقرار لها، وتعتبر تكاليف أيواء اللاجئين ذمم على دولتهم "وليس عليهم طبعاً" وتستوجب السداد.
خلاصة القول:
ليس من العدل ولا من المنطق، أن تحمل دولة أوزار دولة أخرى، خاصة إذا كان وضعها المالي، اصلاً بحاجة للدعم والرعاية.
muheilan@hotmail.com