باكير بعد الطويسي : دوام ذات الخطاب ؟!
ممدوح ابودلهوم
08-12-2007 02:00 AM
مقالتا الزميلين سعود قبيلات (الرأي) وجمال ناجي (الدستور) أمس الجمعة ، جائتا مناسبتين .. وفي وقتهما تماماً ، منسجمتين ومنخرطتين أيضاً في عمق الأطروحة : موضوعة المقال ،مع مراعاة التمايز في كيمياء التناول لدى الأديبين ، ما نراه ينزل في باب الطبيعي إذ أن لكل شيخ طريقة !، ولا من تثريب على أحبة الوسط إن انقسموا فريقين في تلقي سؤال المقالتين الحيوي هذا ، ولعله ليس في باب الباهر أو من المفصلي أن أصرح هنا بين يديّ هذا الحوار الشفيف ، أن عامل الوقت وأقنوم المرئي – لا بل القطع حظي (المشهور / المشهود !) في العالمين ،قد أسعفاني في أن أسبق الزميلين الأديبين بخطوة لا بخطوتين !، إذ وفي غمرة تكهنات النشطاء وتوقعات المعنيين منهم حول شكل التوليفة الوزارية القادمة ، ألقتني الصدفة أو قُلْ ورطتني الفرصة وكنت واحداً من هؤلاء المتابعين ، بأن وجدت في إحدى تدفقات هذا السيل العرمرم من التوليفات ، وتحديداً في صحيفة ، أن إسمي العاثرَ – تخيلوا !! – كان مدرجاً – واندهشوا الآن !! – كوزيرٍ للثقافة !ولأني محيط بامتياز وعارف حد الإطلاق بالحقيقة البائسة – إذ أنا الأمرءُ الذي يعرف قدر نفسه المقدور !، وهي أن ذلكم غائر خلف عنقاء المستحيل الرابع العلوية بسجفها الغيبية المشتهاة ، فكانت نهزة ولا أغلى لتعليق متواضعٍ قوامه كلمة طيبة بحق الوزير الطويسي ، وكانت الأسماء المرشحة بما فيها اسمي الصعب حتى تلكم اللحظة خلواً من اسم الوزيرة باكير ، وقد دفعت وبالمناسبة بهذا التعليق للدكتور باسم الطويسي كصديق ليس غير ، مضمناً إياه تقديري للوزير الطويسي ومن سيقود دفة فرقاطتنا الثقافية الرسمية والشعبية من بعده ، وأن ورود إسمي كان مجرد وهمٍ في مخيال واهم ، حتى لا أقول فِرْية وإن اتسمت بوسمِ البروبوغاندي أو الإعلامي ، ليست هي بيقين مسلمةً تخضع بأيّ شكل لضوء التحقق ، وفي كل الأحوال قد يكون ذلك دعابةً من زميل أو تلميعاً من قريب ، أو ربما توريطاً من عابثٍ أزعم بكل اللغات أنه بحق كان خفيفَ الظل !
أقفزُ .. قبلُ ، عما طوّحتُ به آنفاً كي أبقى في حضرة المقالتين النابهتين للزميلين الموقرين ، بأن أُحيلهما مع باقي المعنيين من المشتغلين بشأننا الثقافي البسّام ، إلى حقائق ثلاث – وهناك غيرها وهو كثير لا جدال – أختصرها تالياً و لا أسهب فيها لضيق المقام ، بعد التوكيد على بدهية معروفة تستوي أيضاً حقيقة محسومة ، هي أن وزيراً إنساناً عالماً أكاديمياً ومثقفاً في وزن الدكتور عادل الطويسي ، يبقى وبذات الهيبة والإهاب كما كان ، علماً مذكوراً ورقماً صعباً وسيّانَ إن كان في المنصب أو كان خارج المنصب ، شأنه في هذا شأن كل من بزَّ غيره في غرس واعد و إنتاجويّ في رياض الثقافة والمثقفين ، أما هذه الحقائق فهي :
أوّلها : أن معالي الوزيرة نانسي باكير وعبر حكم مختزل ، على سيرتها الذاتية المختزلة هي أيضاً والمنشورة في الصحف غداة التشكيل ، وعلى معرفة متواضعة على المستوى الإنساني/ الشخصي عبر علاقتي كمثقف بأمانة عمان الكبرى ، وتخصيصاً حين كانت المسؤولة عن ملف نشاطات بعينها ضمن تجليات عمان عاصمة للثقافة العربية عام2002، كل أولئك .. أو حتى بعضه ، متسقاً ومنسجماً أيضاً ، مع ما تحمله من خبرات علمية وعملية طويلة في هذا المقام الحيوي الهام ، يجعل أولاً – وهي ما زالت في أيامها الأولى – كلامنا (خفيفاً !) على معاليها ، بمعنى أن أمرنا النقدي بقضه وقضيضه لها أو عليها لن يكون موضوعياً إلا مع تراخي الأيام ، لكن ثانياً لا بأس الآن وبالعطف على ما آنفته حول خبراتها (الثقافية) ، طمأنة للمتخوفين وتوكيداً للمتفائلين أيضاً ، من تقرير حقيقة – وهي حسبنا .. حالياً – أنه لا خوف يرقى إلى درجة الإطلاق ، وفي ضوء ما استندنا إليه من تكؤات موضوعية ، على ديمومة البرامج الثقافية المحترمة التي بدأت في عهد الوزير السابق الدكتور الطويسي .
ثانيها : أن الأمين العام الأستاذ الشاعر جريس سماوي ، هو ركنٌ ركينٍ لا تثريب علي إن وصفته بحارس النار المقدسة في معبد الثقافة الوطني ، ولعله يجمل بي الاعتراف هنا بأني وانصياعاً لشرطيّ الموضوعية والمسألة في آن ، قد لثمت وبسبب مما آنفت جروح شهادتي به كزميل وصديق ، وهي بالمناسبة للذين لا يعرفون شهادة تنزف دماً طهوراً ، أديمه التراب ووشيجته الوصال قُربى وجواراً – فصويلح مسقط رأسي والفحيص مسقط رأسه توأمان ، و فضلاً عن خبراته العلمية والعملية في الأدب والإعلام والفن والاتصال ، وهي خبراتٌ بحسب شهادة له اكتسبها مقيماً مرتحلاً ومهاجراً بين الوطن والولايات المتحدة ، ينسجم تماماً مع ما تحمله الوزيرة باكير من حصيلةٍ نابهةٍ في الأقانيم آنفاً ، فإن الذي تابع معي بعد منتصف ليل الخميس الماضي الشاعر سماوي ، وعلى قناة النيل الثقافية في مقابلته التلفزيونية مع الشاعر المصري أحمد الشهاوي ، سيخلص معي إلى ما مؤداه أن الصديق الشاعر ليس مجرد رجل إدارة يقوم على شؤون الأمانة المختلفة وحسب ، بل مثقفٌ مسؤولٌ مسكونٌ بهواجس العمل الإبداعي بإجمال، ما يجعل حجة التخوف على برامج الوزارة الثقافية تستوي وهماً في مخيال الواهمين .
ثالثها : أن اللجان التنفيذية المعتمدة التي تقوم على أمر متابعة وتنفيذ البرامج المختلفة ، كالتفرغ الثقافي ومكتبة الأسرة الأردنية وغيرهما ، قد بات عملها مؤسسياً شاهدنا بداياته وسنشهد على استمراره وديمومته ، بمعنى أن هذه اللجان العليا قد باتت من المفاصل الرئيسة لخطاب الوزارة الثقافي .
وقد يكون .. ختاماً ، لهذا الحديث من تتمة تفرضها تعليقات متوقعة ، إذ ما اختزلته آنفاً هو مجرد رأي متواضع ، أقترح هنا ومن باب تنامي التواصل أن يخضع لأسنة الأقلام !]
Abudalhoum_m@yahoo.com