بعد أن قرأنا وجهي العملة في ما يطلق عليه زورا وبهتانا "الثورة" في سوريا بشقيها العلماني المتصهين المتمثل بفريد الغادري، والإسلاموي السياسي المتهالك للتحالف مع إسرائيل وامريكا المتمثل بالشيخ معاذ الخطيب، بات لزاما علينا إعادة حساباتنا مع الاحتفاظ بحقنا في الألم من مواقف النظام في سوريا إزاء المواجهة مع إسرائيل وبرود الجبهة معها في الجولان والموقف من احتلال بيروت عام 1982.
لا يظنن أحد أن ما نكتبه هو تغيير موضع البندقية ونقلها من كتف إلى آخر، فالمقاتل المحترف يتعامل مع بندقيته على أي كتف تكون، اللهم أن المطلوب منه هو تحديد هدفه.
ما يجري في سوريا ليس ثورة شعبية، بل هي إيجار وإستئجار ليس إلا، ولم يحسن الطرفان المستأجِر والمستأجَر إدارة العملية التأجيرية، لحسابات فاتتهم وهي أن النظام السوري له من العلاقات الدولية ما لا يستطيع أحد رصدها، وإلا لما صمد حتى يومنا هذا.
التوصيف المنطقي لمجريات الأمور في سوريا هي حرب دمار شامل إرتقت إلى مرتبة الإنتحار، وقد دخل على الخط كل تجار المروق من قاعدة أمريكية هي حصان طروادة إلى جماعات نائمة همها إشاعة الخراب والدمار بإسم الدين، وإلا ما معنى الدعوة إلى إقامة إمارة في حلب؟
السؤال الملح الذي يطرح نفسه هو: لمصلحة من يجري دمار سوريا؟ ولماذا لم يتحرك المجتمع الدولي لحسم الأمور لصالح هذا الطرف او ذاك؟
القصة ليست بحاجة لورشة عمل تضم خبراء في كافة الحقول، ويستطيع من يمتلك عقلا نقديا أن يصل إلى الزبدة ويستخلص الخميرة، ويضع النقاط على الحروف.
الرغبة الدولية تتلخص في تدمير سوريا حالها حال البلدان العربية ،فكما جرى في ليبيا يخطط له في سوريا ولكن بدون تدخل النيتو، علما أن " الأخوة –الأعداء"يجهزون العدة ويعدونها ويجمعون من القوى الأجنبية العدد الكبير ،لغزو سوريا ولكن في الوقت المناسب ، حتى يجهزوا على ما تبقى من المقدرات السورية، وينصبوا عليها حاكما عسكريا او إداريا، وبعدها يبدأون بعملية إعادة الإعمار.
هذه العملية تتكون من شقين،الأول إجبار دول الخليج العربي على تمويل إعادة إعمار سوريا تحت يافطة التحذير من نفس المصير، والثانية إجبار سوريا المنهكة على الإستسلام لشروط البنك وصندوق النقد الدوليين وإغراقها بالديون والقروض طويلة الأمد، ورهن مقدراتها إلى أجل غير محدود، ويكون الغرب بذلك قد أنهك الوطن العربي وسحب مقدراته لصالح إنعاش إقتصاده المترنح.
معروف أ ن اظمة الردة المنهارة في كل من تونس وليبيا ومصر واليمن عوقبت لفسادها وإفسادها ،فقد طلبت واشنطن من الهارب بزي منقبة بن علي إجراء بعض الإصلاحات الوهمية، لذر الرماد في العيون ولكنه رد عليهم بالقول أن الوضع مضبوط عنده، وتكرر الأمر مرات عديدة وكانت الإجابة واحدة وهي أن الوضع مضبوط في تونس فدبروا له مكيدة الخروج المؤقت.
أما المخلوع مبارك فطلبوا منه العدول عن التوريث، لكنه رفض الإنصياع للأوامر فأوعزوا لمدير مخابراته عمرو سليمان أن يتخلص منه بإعلان الإستقالة وهكذا.
أما القذافي فحاول إستعادة أموال ليبيا التي رهنها في بنوك الغرب لكنهم رفضوا الإستجابة له وقتلوه شر قتلة، فيما علي عبدا لله صالح في اليمن تمترس وراء قبليته ولم ير الشعب ثائراً.
سوريا تختلف عن هذه البلدان الأربعة التي عوقبت على فسادها وعدم حسن الإدارة فيها، بينما سوريا تحاسب على سلوكها الإقتصادي وطريقة تحالفاتها.
معروف أن سوريا كانت هي الدولة العربية الوحيدة الطاهرة المطهرة من البنك وصندوق النقد الدوليين،ووصلت إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي إلى حد ما،وانتعشت فيها الزراعة وخاصة زراعة الزيتون .
اما بخصوص التحالفات السورية فهذا هو المقتل الثاني لسوريا إذ أنها رفضت عرضا من البعض يتلخص في إعلان سوريا الطلاق البائن بينونة كبرى بينها وبين كل من إيران وحزب الله.
وأيم الله الواحد الأحد ،لو أن النظام السوري تصرف بإنتهازية في هذه الجزئية وتخلص من تحالفه مع كل من إيران وحزب الله لتلقى أموالا تفوق أموال قارون مع فوائدها حتى يوم القيامة ولتم منحه على البيعة أيضا لبنان ووعد كذلك بضم الأردن مستقبلا.
الإنصاف مطلوب مع حقنا في الإحتفاظ بألمنا من الموقف السوري من إسرائيل،فسوريا البلد وألأرض والشعب والمقدرات تذبح من الوريد إلى الوريد وعلينا قول ما نراه صوابا.