دعوة رأس الدولة مجلس النواب السابع عشر إلى مراجعة قانون الانتخاب بناء على "تقويم التجربة، ومراجعة نظام الانتخاب، بحيث يحظى بالتوافق، ويعزز عدالة التمثيل، ويمكّن الأحزاب من التنافس بعدالة، ويرسخ تجربة الحكومات البرلمانية، ويحمي مبدأ التعددية، ويتطور بالتوازي مع تطور الحياة الحزبية". بعد أن أجريت "الانتخابات على أساس قانون جديد لم يكن مثاليا، ولكنه حظي بالتوافق الوطني المتاح". تأكيد محورية قانون الانتخاب في تعبيد طريق الاصلاح السياسي.
قانون الانتخاب الحالي ليس مثاليا فقط، بل ومدمر للحياة السياسية، وهو ما أنتج قوائم وطنية ليست لها علاقة باسمها من شيء، فلا يختلف نائب القائمة عن نائب المقعد الفردي، ولا يوجد نواب قائمة يستطيعون توصيل فكرتهم، بسبب قلة الناجحين من القائمة الواحدة.
في عهدة الحكومة والبرلمان والحياة السياسية توصيات متقدمة لقانون انتخاب عصري وديمقراطي ويحقق التمثيل بعدالة، أنتجته جهود أشهر من نقاشات لجنة الحوار الوطني، وحصل على توافق سياسي حتى من قبل المعارضة، كما حصل على مساندة وضمانة ملكية لمخرجات اللجنة، يستطيع الجميع إعادة منح الحياة لهذه التوصيات.
لكن؛ مهما ارتفع الحديث الرسمي عن الإصلاح السياسي، وضرورة المضي فيه من دون إبطاء، ولم يرافق ذلك حديث فعلي على أرض الواقع لإصلاح الأوضاع المعيشية للمواطنين، فإن مجمل الحديث يكون للترف العام، ولا يسد رمق جائع واحد.
كل الحديث عن الاصلاح، سوف يصطدم بجدار رفع الأسعار إن غامرت الحكومة البرلمانية الجديدة برفع أسعار الكهرباء والمياه والخبز.
فلن تشتري الفئات الشعبية الفقيرة، التي توسعت شرائح كثيرة، كل اسطوانات الإصلاح السياسي الشامل، على أهمية ذلك، بأي ثمن، لأن التوافق على أفضل قانون للانتخاب، وإقرار قانون أحزاب عصري غير موجود في أي بلد في العالم، وقانون اجتماعات عامة ليس له مثيل، وقانون انتخابات بلدية متطور أكثر من القوانين الغربية، ليس أولوية لإنسان همه الأول والأخير تأمين لقمة العيش لأطفاله، أو شراء علبة دواء لتخفيف حرارة ابنه المريض، لأنه لا يمكن أن تطلب من إنسان يعيش في ضنك شديد بأن يحلم بالديمقراطية والإصلاح السياسي، وبأن عليه أن يصفق لنجاحات قد تحدث في هذا المضمار.
في غمرة الحديث الملكي المتواصل عن الإصلاح وتعزيز الحالة السياسية في البلاد، وفي غمرة مطالب الشارع بمحاربة الفساد، والسير باتجاه الإصلاح السياسي الحقيقي، ترتفع أيضا شكاوى المواطنين من ارتفاع فواتير الكهرباء، وأيضا ارتفاع فواتير الماء بعد التعرفة الشهرية، ونسمع كل يوم معلومات بعضها لا يمكن تصديقه عن تضاعف فواتير أسرة صغيرة ثلاثة أضعاف مثلا، مع أنهم يؤكدون أن مستوى استهلاكهم من الكهرباء والماء لم يتغير، بل زادت أوجه التوفير والترشيد.
على الحكومة الجديدة ألا تنجر إلى مواجهات جديدة بسبب قرارات غير مناسبة في توقيتها ولا في ظروفها ولا في المنطق الذي ستدافع عنه.
نحتاج إلى إنجازات ملموسة في طريق الإصلاح السياسي الشامل، وهذا فعلا ما يدعم خزينة الدولة ماليا ومعنويا، ولا نحتاج إلى وزراء اقتصاد يشعلون النار أمام محطة وقود، ولا يلتفتون الى الكلف السياسية والاجتماعية .
osama.rantesi@alarabalyawm.net
العرب اليوم