منذ البداية .. الكرة في ملعب المجلس!
باتر محمد وردم
11-02-2013 03:52 AM
خلافا لبعض التوقعات لم يكن خطاب العرش الذي ألقاه الملك عبد الله الثاني أمس في افتتاح البرلمان السابع عشر تفصيليا في المضمون، بل جاء عاما وتوجيهيا في بعض القضايا تاركا للنواب أنفسهم حرية العمل وتحديد التفاصيل المتعلقة بالمرحلة المقبلة وخاصة في تحديد رئيس الوزراء والحكومة القادمة. ولكن الملك كان واضحا تماما في بعض الأمور ذات الأولوية في المرحلة القادمة وخاصة تلك التي تنظم العلاقة ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
الرسالة الأولى كانت في ضرورة قيام مجلس النواب بإجراء تحسينات رئيسية في طريقة أدائه وفي منظومة المراقبة والتقييم والتنظيم عن طريق تطوير نظامه الداخلي بحيث يحسن من فعالية المجلس وإعداد مدونة سلوك للنواب يتم من خلالها تعزيز الدور التشريعي الإيجابي وجعل علاقة المجلس بالحكومة قائمة على التنافس لخدمة الصالح العام وليس المكاسب الشخصية المحدودة ونبذ الواسطة والمحسوبية. هذا يشير إلى أن طريقة الأداء السابقة التي كان فيها النواب يقومون بدور الوسيط لتحقيق مكاسب شخصية وانتخابية مقابل قراراتهم الخاصة بسياسات الحكومة يجب أن تنتهي لصالح منظومة نزاهة وكفاءة.
الرسالة الثانية تتعلق بضرورة تطوير الكتل النيابية وظهور ائتلافات الأغلبية التي من شأنها تقليل الوقت المطلوب للمشاورات على تشكيل الحكومة وتنظيم العمل النيابي عن طريق كتل برامجية تتحرك بطيقة ثابتة وتتخذ قرارات ملزمة للأعضاء وواضحة الأهداف وليس الاستمرار في سياسة الكتل الهلامية التي تتشكل ثم تتفكك بسبب المصالح والطموحات الشخصية.
الرسالة الثالثة تتعلق بضرورة الوصول إلى حالة الاستقرار النيابي-الحكومي والذي يمكن أن يستمر لمدة 4 سنوات من الإنتاج الإيجابي في حال حافظت الحكومة على ثقة البرلمان والبرلمان بدوره حافظ على ثقة الشعب. كما أكد الملك في سياق مرتبط بذلك ضرورة أن يكون العمل معتمدا على البرامج وعلى الحوارات مع القواعد الاجتماعية والتأكيد على المراقبة والتقييم.
في خطاب العرش كانت هنالك مساحة موجهة للحكومات ايضا بضرورة العمل على تنمية المحافظات بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق توزيع عادل لمكتسبات التنمية. هذا بدوره يتطلب كما اشار الملك الارتقاء المستمر في كفاءة الخدمات الحكومية وسرعتها وعمل الوزراء في الميادين والتفاعل مع المجتمع.
الامتحان الحقيقي سيبدأ مع تولي سعد هايل السرور رئاسة مجلس النواب وعدم تمكن النواب الجدد من فرض رئيس جديد ايضا، وهذا ما قد ينعكس على التكتلات النيابية التي ربما لم يلتزم كافة أعضائها بالتصويت للمرشح الذي منحته الكتلة ثقتها. الآن ستأتي ايضا مشكلة اختيار رئيس الحكومة ومدى تمثيل الكتل البرلمانية في مجلس الوزراء إما عن طريق نواب أو وزراء محسوبين على كتل نيابية. الكرة منذ البداية في ملعب النواب وهي قواعد وخطط جديدة للعبة ربما لا تكون مريحة للنواب أنفسهم وسيأخذ الإحماء وجس النبض فترة طويلة قبل ظهور النتائج.
batirw@yahoo.com
الدستور