لماذا أغتيل شكري بلعيد شهيد اليسار العربي ؟
فارس الحباشنة
08-02-2013 11:38 PM
لم يكن الاحتفال العربي في أغتيال شهيد اليسار العربي شكري بلعيد هكذا عفوا ، ولكن تكن حالة الغضب التي أحتاجت الشارع العربي من تونس و القاهرة و بيروت الى عمان و الرباط مفاجئة أو طارئة أو غريبة عن تيار سياسي كبير ، ولد وعي أفكاره السياسية و الاجتماعية في وجدان الطبقة العاملة و الوسطى ، بلا دعم أو توجيه ديني أو حزبي أو تياري .
فكر سياسي أنساني متغلغل في وجداننا المناضل عن العدالة و الحرية و المساواة و الاصلاح و التغيير ، لم تبدل تيارات اليمين المحافظة الدينية و السلطوية و تيارات الحكم العسكري و القمعي و الامني عناصر أعادة التشكل الوجداني للفكر اليساري ، و أن كانت نماذج اليسار الحزبية سقطت قطريا و أقليميا و بعضها الاخر سقط عالميا .
نستطيع أن نحلل لحظة أستشهاد المناضل التونسي شكري بلعيد ، ومن الواجب ربطها بالمؤامرة المعلنة
والسرية التي لجأت اليها أدارات الاستعمار الغربي و أركان تحالفها في المنطقة لاجهاض ثورات الربيع العربي ، لا بل أفكار التنوير و التقدم و التحرر أينما ظهرت و حلت وتجلى انتشارها .
لحظة أستشهاد شكري بلعيد أرتبطت أيضا بعلاقات سرية بين تيارات الاسلام السياسي " الاخوان المسلمين و السلفيين " و أنظمة عربية خليجية حاربت بشراسة المال و التأمر لحماية مصالحها ونفوذها في المنطقة بعد الثورات العربية ، وأن تقارير و أخبار كثيرة رصدت تخوفات في الداخل التونسي وكما هو الحال في مصر من علاقات مشبوهة لانظمة خليجية مع سياسيين تونسيين و جمعيات و أحزاب ومؤسسات مدنية .
أنظمة خليجية و حركات دينية : تحالف لأكثر من رسالة وغاية ، وربما أن الكتابة في هذا السياق تتسع لاكثر من عنوان و موضوع مركزي ، فاللائحة تطول في تاريخ من المؤامرة التي تورطت بها أنظمة الخليج النفطي التي أستخدمت دور العبادة و المكاتب الثقافية و الاعلام لمواجهة المناؤيين لمشروعها و نفوذها في المنطقة العربية ، سلحت أكثر العصابات الرجعية في العالم العربي ، ولدت في مناطق عربية كثيرة تيارات من الظلاميين و رفاق سلاح الارهاب العالمي و العربي .
تجد أن حلفاء المال الخليجي لا يخجلون من الكلام المتكرر عن مناهضة تيارات أصلاحية ليبرالية ويسارية وطنية كما جاء في فتاوي نطق بها العشرات من مشايخ السلفية في مصر و تونس لاباحة دماء خصومهم السياسيين ، تجد ذات الخطاب التحريضي يكرر نفسه في كلام لا يتوقف عن "تكفير الاخر " ، وتقف من خلفهم ماكينات أعلامية طاحنة و أقلام صحفية ماجؤرة "تسجح " للفكر الوهابي الاقصائي .
بدت لحظة أغتيال شكري بلعيد أن صح تفسيرها على أن أنظمة خليجية عربية ، تريدا أن يجري الربيع العربي على بنات أفكارها ، و أن الاسلاميين و السلفيين هما أفضل من يسير دول ثورات الربيع العربي ، وسوريا خير دليل أيضا على هذا الاعتقاد السخيف ، و أن أنظمة دول الربيع العربي و مجمل حركة الاصلاح و التغيير في عالمنا العربي يجب أن تمضي على وقع أفكارهم وبتزاحم بين الاسلاميين و السلفيين عى السلطة لا غير لاعادة بناء أنظمة ما بعد الربيع العربي .
لحظة أنشغال مفتوحة لم تتواني أنظمة خليجية عن تدبيرها لاضعاف اليسار و الليبرالية و قوى الاصلاح العربي ، لانها الاقدر و الاكثر فاعلية على فضح خطاب الاسلام السياسي بكل وجوهه المتعددة و تعريته و أسقاط مشروعه ، وهنا يكمن بيت القصيد ، بان أنظمة خليجية وجدت بذلك تحالفات أكبر من قوى عميقة موجودة في الدول العربية تضررت مصالحها و تقلص نفوذها من حركات أحتجاجات و أنتفاضات العربي العربي .
والامر هنا لا يقل أهمية بما يتعلق بحمل قوى يسارية و ليبرالية وطنية للواء قضايا العدل الاجتماعي و الاصلاح الاقتصادي و الاجتماعي ، و ثالوث " الحرية و التنمية و الكرامة " الذي أشعل نار الربيع العربي ، و الانحياز للقضية الوطنية ، و طرح أكثر من سؤال أشكالي عن السيادة الوطنية و التحرر من تبعيات مؤسسات المال العالمية ، وتصورات أخرى تتعلق الدور الاقتصادي العام للدولة ، اليسار، نظرياً، يعارض الخصخصة، أما الاسلام السياسي المتحالف تاريخيا مع اليمين فانه لا يمانع أن يبيع شركات الدولة (بثمن بخس) الى شركات مملوكة من أبناء الوزراء وأقربائهم وزوجاتهم.