توقيت زيارة الرئيس براك اوباما الى اسرائيل ليس صدفة
08-02-2013 05:21 AM
عمون - خير متأخر - عن هآرتس – أسرة التحرير - توقيت زيارة الرئيس براك اوباما الى اسرائيل ليس صدفة.
فالزيارة كفيلة بان تشهد على سلم الاولويات الجديد في الولاية الثانية للرئيس الامريكي، على الاهمية الشديدة التي يوليها للتحريك الفوري للمفاوضات مع الفلسطينيين وعلى العلاقة الوثيقة التي بين المسيرة السلمية وبين الاستقرار في الشرق الاوسط المهتز. لا حاجة الى ذكاء زائد كي يفهم المرء بان اوباما يتطلع أيضا الى التأثير على مباحثات المفاوضات الائتلافية والايضاح لكل حكومة اسرائيلية تقوم بانه لن يدعها تدحر الموضوع السياسي الى الخلف او الى الجمود.
اوباما هو ضيف هام ومرغوب فيه في اسرائيل، ولا خلاف في أن مجرد زيارته ستجبر الحكومة الجديدة على الاقل على صياغة اساسات عملية للمفاوضات. ومع أنه يمكن التساؤل، لماذا ترك الرئيس الامريكي سنوات ولايته الاربعة الاولى تمر دون أن يترك أثرا حقيقيا على المسيرة. يمكن ايضا التساؤل أي مبادرات جديدة يمكن لاوباما أن يقترحها على حكومة اسرائيلية يمينية. ولكن قبل التقليل من أهمية الزيارة والاحباط بسبب غياب المبادرة الامريكية حتى الان يجدر بالذكر بان النزاع وحله ليسا مشكلة أمريكية بل اسرائيلية.
لقد دفع غياب المبادرة الاسرائيلية الى التدهور بمكانة اسرائيل في العالم وجعلها دولة منعزلة. فاستعداد دول صديقة لتأييد سياسة اسرائيل، لمنع المقاطعة لها ولفهم التهديدات عليها آخذ في التقلص. كما أن موقف اوباما ليس مخفيا. فاوباما يقدر بان حكومة اسرائيل المنصرفة قادت الدولة الى مأزق إن لم يكن الى هوة. ورغم ذلك فانه هرع لنجدة اسرائيل في محاولة لانقاذها من نفسها قبل أن تغرق مرة اخرى في مستنقع الاوهام العابثة السياسية والايديولوجية لديها.
زعماء الاحزاب الذين يعتزمون أن يكونوا جزء من الائتلاف ولا سيما اولئك الذين يصفون انفسهم بالوسط، سيكونون ملزمين الان بان يصرفوا سند تعهداتهم. وهم لا يحق لهم أن يتجاهلوا الزيارة أو ان يتعاونوا مع من يحاول اعفاء الضيف بتصريحات عليلة. وحتى لو جاءت متأخرة، فان هذه فرصة استثنائية للخروج الى حملة انقاذ سياسي.
كتريلبكا تستعد للزيارة
هآرتس - اسرائيل هرئيل:7/2
(المضمون: إن الاضطراب وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم الاسلامي لا صلة لهما ألبتة بالصراع العربي الاسرائيلي).
ليس براك اوباما مستبدا قاهرا لا بطبيعته الأساسية بل ولا في معاملته لاسرائيل. لكن فيما يتعلق ببنيامين نتنياهو، كان اسرائيليون غير قليلين يريدون ان يعامله معاملة القاهر المستبد وان يفرض تصوره على رئيس وزراء اسرائيلي عاصٍ متمرد.
ليس من نهج القاهرين المستبدين ان يأتوا بغير باعث خاص الى بلدات يهودية نائية. فمن الحقائق انه تجاوز في ولايته الاولى مرة بعد اخرى كتريلبكا. ولهذا يتناول كثيرون في الجهاز السياسي وفي المؤسسة الاعلامية بصورة خاصة، يتناولون الزيارة المفاجئة باعتبارها حادثة يستطيع بها اوباما ان يغير نظم العالم اذا تصرف فقط بحسب نصائحهم بالطبع. وعمله كما خططوه في اليومين الاخيرين هو ان يُغلب النظام على شتعتيل المتمرد. لأنه بسبب رفض شتعتيل الطويل حُرمت المنطقة والعالم من الاستقرار ونشأت حركات ارهاب زعزعت أركان الدنيا حتى في الولايات المتحدة نفسها. ولما كانت الزيارة، اذا عمل الرئيس فقط بالحزم الضروري، قد تجدد الأخوة والسلام بين اليهود والعرب كما كانا من قبل، ويجب على الزائر الجليل لمنع الفشل ان يبدأ حوارا مباشرا مع ناس شتعتيل. وينصحه هؤلاء الاسرائيليون قائلين إنزل اليهم وتحدث اليهم مباشرة وابتسم لهم وكرّمهم تكريما كثيرا. وعِدهم بأنك ستستمر في الحفاظ على سلامتهم وأمنهم.
أما زال اوباما بعد كل الضربات التي تلقاها من العالمين العربي والاسلامي يؤمن حقا بأن جذر الشر كله في الصراع غير المحلول بيننا وبين الفلسطينيين؟ على كل حال لم يكن في الآونة الاخيرة تصريح كهذا. ومع ذلك بقي وزير خارجيته جون كيري على نحو سافر أسير هذا التصور. "إن كثيرا مما نتوقع احرازه في العالم"، قال كيري في شهادته أمام لجنة مجلس الشيوخ التي وافقت على تعيينه "في بلدان المغرب وفي جنوب آسيا وفي جنوب وسط آسيا وفي الخليج الفارسي متعلق بما سيحدث أو لن يحدث في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني". الى هذا الحد نجحت الدعاية الكاذبة سنين طويلة في التغلغل ايضا الى عمق وعي هذا الشخص الذي لا شك في أنه صديق لاسرائيل.
يغلب الظن ان نتنياهو وفريقه يُعدون براهين على ان ما يسمى "الصراع الاسرائيلي الفلسطيني" هو عامل هامشي – برغم انه ينبغي ان يوجد له حل ايضا – في الحروب الداخلية والخارجية التي تصيب وستصيب زمنا طويلا بعد جميع الاماكن التي توجد فيها تجمعات كبيرة من العرب والمسلمين.
إن جهات كثيرة ولا سيما في اسرائيل تُعد لاوباما "اعدادا ذهنيا" للزيارة. وفي أفواههم جميعا أو عند أكثرهم النصيحة الأصلية وهي إضغط على اسرائيل وأنقذ مكانة الولايات المتحدة في العالم الاسلامي. وقليلون فقط يقولون له إن المنطقة ستصخب وتضطرب سنين كثيرة بعد دونما أية صلة بما يحدث في الساحة الاسرائيلية الفلسطينية. ولن تستطيع أي قوة في العالم ان تمنع الانفجارات البركانية التي تنفجر وستنفجر من أعماق واقع القبائل والطوائف والأديان والأعراق والشعوب التي تبحث عن هويتها وعن مناطق عيشها وحدود تقرير مصيرها.
في هذه الحال التي تنطوي فيها الولايات المتحدة على نفسها – لا بسبب التباطؤ الاقتصادي الذي يصيبها فقط – أصبحت اسرائيل ذخرا لا عبئا. ومن المؤكد ان الامر كذلك حينما يخرج اوباما قواته من أكثر الاماكن التي حاربت فيها امريكا للقضاء على الارهاب العربي والاسلامي، ولهذا لا يجوز للولايات المتحدة ان تضر بمرساة الاستقرار الوحيدة لها في هذه المنطقة خاصة والعالم عامة.
فقط لا، "فقط لا شاس"
هآرتس - آري شبيط:7/2
(المضمون: من الخطأ الكبير للبيد ومستقبل يوجد مستقبل إقصاء شاس عن الائتلاف الحكومي لأنها الوسيلة الى الاعتدال والاصلاح الاجتماعي التدريجي).
كانت انتخابات 1999 تُرى في اليوم الذي أُجريت فيه فجر يوم جديد. ولم يكن فوز اهود باراك الكاسح يُرى فوزا شخصيا بل قيميا. فبعد ثلاث سنوات سيئة حكم فيها اسرائيل بنيامين نتنياهو وأريه درعي والحاخام كدوري، عادت اسرائيل المستنيرة بصورة باهرة وأعادت اسرائيل القديمة الأمل الى نفسها.
لكن حينما اجتمعت جموع باراك المبتهجة في ميدان رابين في ليلة الانتصار لطخوا الانتصار بصيحة شبه عنصرية تقول: فقط لا شاس، فقط لا شاس، وأصبح واضحا في اللحظة نفسها ان انتصار 1999 لن يأتي بأي فجر يوم جديد. فبدل ان تصبح القوة الصاعدة في اسرائيل نخبة تخدم المجتمع كله تبين أنها قوة اخرى قبلية مصابة بكراهية عميقة لسبط آخر. وقد انتهى في ليلة تحول 1999 الأمل في سياسة جديدة وبداية جديدة واسرائيل جديدة.
ليس يئير لبيد هو باراك. فألـ 544 ألف صوت التي حصل عليها في صناديق الاقتراع لا تشبه الـ 1.7 مليون صوت التي حصل عليها باراك في صناديق الاقتراع قبل 14 سنة. لكن هذا الانجاز الواعد المؤثر للفتى الجديد في الحي قد لُطخ هذه المرة ايضا وفورا بنفس الهمسة المجلجلة: فقط لا شاس، فقط لا شاس. وأصبح الهدف الاول الذي نصبه السبط الابيض لنفسه في هذه المرة ايضا هو ان يُخرج من الحكومة السبط غير الابيض. والضغط الغوغائي المستعمل على حزب برجوازيي لبيد هو ان يرتبط بحزب مستوطني نفتالي بينيت كي يحقق حلم شمال تل ابيب وهو إقصاء الحريديين.
هذا خطأ أيها الرفاق، انه خطأ مزدوج مضاعف.
إن الهدف الاجتماعي لحزب يوجد مستقبل هو هدف صحيح وهو انشاء مجتمع اسرائيلي عادل يخدم فيه الجميع ويدرس فيه الجميع ويعمل فيه الجميع. لكن يجب السعي الى هذا الهدف المهم في حكمة وتسامح. ولا يمكن تجاهل حقيقة انه أخذت تحدث في المجتمع الحريدي في السنوات الاخيرة ثورة هادئة رائعة. ولا يمكن ان نتجاهل حقيقة ان نسبة المجندين الحريديين ونسبة الدارسين الحريديين ونسبة العاملين الحريديين ترتفع على الدوام. ولهذا لا يوجد أي تسويغ موضوعي لمواجهة مع الحريديين في 2013 وجها لوجه. بالعكس. من الواجب تعظيم مسيرة التغيير الايجابي التي تجري عليهم. ومن الواجب استغلال ضعفهم السياسي النسبي للتوصل الى اتفاقات لم يسبق لها مثيل معهم. وينبغي بدل إقصاء شاس احتضان شاس وان يُعرض عليها حلف جديد يدفع الى الأمام بالثورة الحريدية ولا يجعلها ثورة مضادة.
والهدف السياسي لحزب يوجد مستقبل ايضا هو هدف صحيح. لأنه اذا أمكن السلام فهذا ممتاز وإن لم يمكن السلام فليكن تقاسم البلاد. وإن لم يمكن تقاسم البلاد فليكن وقف الاستيطان ومنع تحول الدولة اليهودية الديمقراطية الى دولة ذات قوميتين. وهذا الهدف السياسي متواضع وضروري ايضا. ولن يكون بقاء للطبقة الوسطى ولا رفاه للطبقة الوسطى اذا لم يكن لاسرائيل أفق سياسي. ولن يكون بقاء ليوجد مستقبل ولا مستقبل للحزب اذا لم يناضل من اجل فتح الأفق السياسي.
لكن لا يمكن السير نحو الأفق السياسي مع الأخ نفتالي بينيت ومع أخته أوريت ستروك. ولا يمكن التقدم نحو الأفق السياسي اذا تم تفضيل كراهية الحريديين على صد المستوطنين. انه من الواجب على المركز الصهيوني اليوم ألا يُقصي شاس بل ان يحتضن شاس ويعقد معها حلفا جديدة يدفع قدما بمسيرة سياسية جديدة وواقعية.
كانت نتائج الانتخابات مبلبلة. فالاسرائيليون لم يقولوا في هذه المرة قولا واحدا لا لبس فيه بل سلسلة مقالات متقطعة متلعثمة. لكن الخريطة السياسية التي شكلتها الانتخابات هي خريطة توجد في مركزها شاس. ومفتاح الاصلاح الاجتماعي التدريجي موجود في يد شاس، ومفتاح الاعتدال السياسي موجود في يد شاس. ولبيد هو الذي يستطيع الامساك بالمفتاح وان يفتح به الباب الى مستقبل الأمل.