لا جديد في لوائح الاسماء التي يتوقعها الناس للقادم من استحقاقات، يظن البعض أن الرحى ستدور بشكل اعتيادي ليأتي الجديد، هناك أسماء ذات ذاكرة متصلة مع الجمهور، وثمة ثقة ويقين عام بأن هذا الزمن يستحق التغيير الإيجابي أوشخوصا يتسقون مع كل النوايا الطيبة، والجهد المبذول إصلاحيا منذ عامين، والحق أن رئيس الحكومة الحالي هو نتيجة لذلك التحسن.
يتذكر الناس يومئذ حضر المرحوم زيد بن شاكر العام 1989 بكل ما له من سمت وحدب وخلق، فأجرى انتخابات كانت فارقة لحدّ اليوم، ثم اختير مضر بدران، الذي يُذكر عناده وطول جداله مع الإسلاميين والوطنيين في جلسات الثقة، آنذاك عسُرَ الأمر والزمان، ولكنه زمن كوفئ به الإخوان على مشاركتهم، فحظوا بكلية شريعة باليرموك وجامعة خاصة..الخ، وثمة من يشتهي اليوم مكافأتهم على حردهم الراهن واعتصامهم بالشارع سبيلا، تلك عقلية الغنيمة.
آنذاك يوم كانت واقعية الإخوان ناجزة، برغم فتوى محمد ابو فارس التي توصف بانها «فلتة/مستعجلة» بحرمة المشاركة، في انظمة الحكم الجاهلية، وهي تعكس عدم الايمان بالدولة والأنظمة المعاصرة في الحكم، علما أنه تجنب الإشارة مباشرة أو صراحة للأردن، ولكن العقلاء انتظموا بالمشروع الإصلاحي، وصارت رئاسة مجلس النواب بيد الدكتور عبد اللطيف عربيات، والذي لم يحدّ عن حبه للدين ولوطنه، وظل عنوانا وطنيا محترما وحتى اليوم. ويومها كانت الدولة كلها تلج باب الحرية، وإصلاح الاقتصاد الذي انكسر حدّ النخاع، فتمّ العلاج.
لكننا اليوم بكل ما فينا من علل وأوهام إخوانية بأنهم يمنحونا براءة الديمقراطية، ما زلنا نبحث عن ذات الوجوه، ونكتشف أننا عبر سنين طويلة لم نكون جيلا من الصف الثاني، فتعسُر الولادة من جديد. واليوم أضحى للمال قوة، وهيمنة لرجال الأعمال، ومع ذلك لابدّ أن يأتي الرجل الذي يجب عليه أن يتفوق على زمنه، سواء في مجلس النواب أو في رئاسة الحكومة، والحاجة لمتفوقين تشبه الحصول على مقعد في كلية الطب في الجامعة الأردنية، فلا مكارم ولا خصومات ولا معدلات دنيا، فقط التفوق هو السبيل لذلك المقعد، فنحن نحتاج لمن يقنعنا ويقنع الآخرين بجدوى ما فلعناه بوطننا، وأوليات التفوق هي ألا يكون في مسار رئيس الحكومة الجديد التباس أو عدم وضوح أو أجندة الصعود الفج.
في المجالس الخاصة، ذات الأسماء تدور للحكومة، ويحضر التعلق برئيس الحكومة الراهنة، وصارت قضية رفع أسعار الكهرباء وكأنها سبب لبقائه، وفي ذلك ظلم كبير للدكتور عبد الله النسور، فأن يظل لمجرد ذلك فقط، فهو غبن له ولما عمله وتحمله.
تذكروا في غمرة انشغالنا بتوقع رئيسنا الجديد للحكومة، أن ثمة مليون وسبعمائة ألف طالب مدرسة اتجهوا إلى مقاعدهم في المدارس، هم في رقبة الحكومات القادمة ومجلس النواب، وهم وديعتنا الأخيرة، التي تضمن لنا البقاء، ووحدنا الذين نقلع الشوك، وأبلغه ذاك الذي علق في جسد التربية والتعليم، وهو ما يستدعي فعلاً كبيرا أكبر من معركة رئاسة مجلس النواب وتشكيل الحكومة.
تذكروا أن الفساد أخفق في التمدد، وأن بعض عناوينه الكبار في السجن، ولكنه لم ينضب، تذكروا أنه بعد أن تلاشى الحبر عن أصابعنا عقب أسبوعين من الانتخابات، وجدنا أن الزمن مرّ، وفيه أكثر من ستين ألف لاجئ وصلونا خلال شهر، وأن القادم ربما الأسوأ.
أخيرا، هنا نغمة تطهيرية لدى البعض عند تداول لوائح الأسماء، فالقدامى ليسوا كلهم شر، بل فيهم من بنى وأعطى للبلد وقدم مداد عمره، فلا تعارض مطلق بين الخبرة القديمة والتجديد، بشرط واحد هو النظافة في المسار، والوضوح،وعدم المراوغة، والأهم ادارك وفهم حاجات الناس بدون وساطة احد؟.
Mohannad974@yahoo.com
الدستور