رغم تصريحات الرئيس بوش الذي أظهر فيها يوم الثلاثاء الماضي تشددا ملحوظا ضد ايران وبرنامجها النووي ، الا ان احتمال توجيه ضربة عسكرية اميركية لايران في تراجع حقيقي ملحوظ ايضا..
اللهم الا اذا طغى نفوذ الموالين لاسرائيل من المحافظين الجدد في البيت الابيض وفي البنتاغون ودفعوا بوش الذي يعتبر مهمته الرئيسية التي جاء من اجلها للحكم هي حماية اسرائيل نحو شن حرب محدودة و وقائية او استباقية على ايران..الحزب الديموقراطي المهيمن على الكونغرس والعديد من اعضائه من الجمهوريين يرفضون شن حرب على ايران ..وكذلك الرأي العام الشعبي لا يريد حربا على ايران..لا سيما وان التقارير المخابراتية في واشنطن قد أكدت ان ايران قد تخلت منذ العام 2003 م عن برنامجها النووي لاغراض عسكرية ..
اما اذا انتهج الرئيس بوش وطغمته سياسة خارجية واقعية محسوبة فان معطيات الواقع والظروف الاقليمية والدولية تمنعه من توجيه اي ضربة عسكرية لايران..بل على العكس تماما ، فانها تجبره على اللجوء الى الدبلوماسية المرنة وغير الاستفزازية مع حكام طهران..
واذا لوحظت بعض المرونة والتهدئة والتراجع عن التهديدات وعن قرع طبول الحرب ضد ايران خلال الاسبوعين الاخيرين ولكن وقبل التصريح اللفظي الاستفزازي الاخير للرئيس بوش ، فانما هي موقف المضطر الذي يقول : مكره اخاك لا بطل ...
والسبب المباشر في هذا التراجع والمرونة والتهدئة في التعاطي بدبلوماسية هادئة مع ايران ، هو تطورات الوضع الدراماتيكي العاصف في باكستان..حيث اصبح حكم الرئيس برويز مشرف مطوقا ومحاصرا من انصار ومؤيدي بناظيربوتو ونواز شريف اللذين عادا الى باكستان رغم انف مشرف وسط مظاهرات شعبية عارمة مؤيدة لهما..
لا سيما وان الحركات الاسلامية والقبائل في مختلف انحاء باكستان راحت تنشط ضد حكم برويز مشرف وتطالب بتنحيته عن السلطة..
ثم ان هناك احتمالا بانقسام خطير في صفوف الجيش.
واحتمالا بوقوع المفاعلات والاسلحة النووية الباكستانية في قبضة فريق من الجيش لا يكون مواليا لمشرف ..وقد يكون ميالا لبعض اطراف المعارضة..مما يبعث القلق والمخاوف الشديدة لدى ادارة الرئيس بوش، ويدفعها لبذل جهود كبيرة ومتواصلة للحفاظ على ما تبقى من نفوذهاالمنحسر في باكستان..
وباكستان بالنسبة لادارة الرئيس بوش هي رأس الحربة في مكافحة الارهاب وفي الحفاظ على نفوذها الاستعماري الكولونيالي في آسيا وفي الهند الصينية ايضا..وكذلك في الحفاظ على نفوذها العسكري المتراجع على الحدود الافغانية الباكستانية بسبب تراجع زخم الحرب التي يخوضها الجيش الباكستاني ضد الارهابيين هناك ..وبخاصة ضد القاعدة وطالبان ..
اما السبب الآخر المباشر في اضطرار ادارة بوش الى الدبلوماسية المرنة وعدم قرع طبول الحرب ضد ايران،فهو يعود الى مأزق قواتهاالعسكرية الصعب في كل من العراق وافغانستان ، وبالتالي عدم القدرة الكافية على كسب أي حرب ضد ايران وضد اي دولة اخرى مثل ايران..
فأي حرب تشنها ادارة بوش ضد هكذا دول ستكون بقرون من طين ..
لا سيما وأن دول الاعتدال العربية وبخاصة دول مجلس التعاون الخليجي لم تشجع ادارة الرئيس بوش على شن حرب على ايران..أي ان طبول الحرب حاليا في اجازة..
اما اذا ما اذعن الرئيس بوش لارادة اسرائيل ولانصارها من المحافظين الجدد المتشددين ، وشن حربا على ايران، فانه سيقضي بيديه على ما تبقى في المنطقة من نفوذ امريكي عسكري وسياسي ..وحربه على الارهاب ستشهد انحسارا مذهلا..