هل الإخوان جاهزون للحكم ؟
نبيل غيشان
06-02-2013 04:12 AM
ليس مطلوبا من أحد رفع الراية البيضاء فالحوار كفيل بحل المشاكل .
أقفل المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين د.همام سعيد الباب أمام أي إمكان لمشاركة "جماعته" في الحكومة البرلمانية المنوي تشكيلها بعد افتتاح مجلس الأمة يوم الأحد المقبل ، فهل كان هناك عرض حقيقي من الدولة لمشاركة الإخوان؟
لا شك أن الدولة بحاجة إلى تحقيق اختراق في المشهد السياسي المستعصي: مقاطعة اكبر حزب سياسي معارض هو حزب جبهة العمل الإسلامي للعملية السياسية تلاه اكبر حزب في جبهة "الموالاة" حزب التيار الوطني الذي انسحب من البرلمان وأغلق مقاره في المحافظات،كيف يمكن أن تستقيم الحال؟
العرض التي تناقلته وسائل الإعلام تلخص في مبادرة ذاتية من حزب الوسط الإسلامي الفائز بـ 18 مقعدا في مجلس النواب بإشراك جماعة الإخوان المسلمين في الحكومة المقبلة وعرض رئاستها على د. عبد الطيف عربيات، الذي وضع شروطا لم تكن صعبة ، لكن الهدف من خطوة الحزب التي كانت في اتجاهين الأول تجسير الهوة بين جماعة الإخوان والدولة الأردنية والثاني إعطاء انطباع للرأي العام بأن حزب الوسط الإسلامي (الذي قيل فيه الكثير) لم يأت من اجل احتلال مكانة "الإخوان" أو محاربتهم.
واعتقد أن حزب الوسط الإسلامي نجح في هدفه الثاني لكنه فشل في الأول مبددا مخاوف "الجماعة" وقدم نفسه كمحاور ومبادر لإيجاد حلول لمشاكل مستعصية في العلاقة الشائكة بين الدولة والإخوان التي وصلت إلى مرحلة خطرة،لكن هل "الإخوان" جاهزون لتشكيل حكومة أو المشاركة فيها؟ هل تستطيع الدولة أن تخطو نحو هكذا مغامرة ؟
من مصلحة "الإخوان" أن يكونوا في هذه المرحلة خارج البرلمان وخارج الحكومة، فالمرحلة خطرة، وقد أخطأ إخوان مصر في اندفاعهم المحموم نحو استلام السلطة قبل استقرار الوضع وهم يدفعون اليوم ثمنا لاستعجالهم ،لأن الفارق كبير بين الدعوة والدولة، وفي الأردن لا شك أن "الإخوان" غير جاهزين للحكم ( على الأقل داخليا) وغير ذلك فهم غائبون عن مجلس النواب وليست لديهم قوة نيابية وازنة قادرة على دعمهم أو إسناد حكومة يشاركون فيها، وأيضا الدولة والرأي العام لا يثق بمواقفهم لما يرونه من تجارب صارخة في الإقليم (مصر وتونس).
لذا فلا عرضا حقيقيا من جانب الدولة لإعطاء رئاسة الحكومة لـ "الإخوان"، لكن المشاركة فيها تبقى واردة بشروط ، وفي الوقت نفسه لا اعتقد أن "الجماعة" مندفعة في هذا الاتجاه مع أن عرض "الرئاسة" مغر ويسيِّل اللعاب ، لكنها تعرف إمكاناتها جيدا، فما العمل ؟
على الدولة و"الإخوان" مراجعة مواقفهما، فالدولة باتت اكثر معرفة بأخطائها وخاصة قانون الانتخاب وأسلوب تعاملها مع لجنة الحوار الوطني وعلاقتها بالحراكات الشعبية ذات المطالب المحقة، وعلى "الإخوان" أن يعترفوا بسوء تقديراتهم للمواقف، فلا الدولة ضعيفة وهشة كما كانوا يتوهمون ولا الأردنيون متلهفون على حكمهم أو مطمئنون لبرنامجهم السياسي والاقتصادي ومدى التزامهم به.
ليس مطلوبا من احد رفع الراية البيضاء، لكن المطلوب هو سحب الحوار بين الطرفين من الشوارع والساحات ، وإطلاق حوار ضمن الأطر الدستورية للوصول إلى قواسم مشتركة توافقية بوجود جميع الأطراف السياسية من دون أن يفرض طرف على الآخر مواقفه وألا يتجاوز احد حدوده المعروفة وكل ذلك يتم وفق منهجية التدرج لإرساء معالم طريق جديدة نحو التغيير والإصلاح بعيدا عن سياسة القفز عن الواقع .
n.ghishan@alarabalyawm.net
العرب اليوم