أصوات مزعجة .. و"الجرة ناقصة"
جهاد المنسي
06-02-2013 04:05 AM
يوميا، وعلى مدار ساعات النهار، يخترق طبلة أذنيك صوت اعتدنا عليه بحكم التكرار، وهو صوت موسيقى لا أعرف شخصيا لأي مقطوعة تنتمي، يعلن عن قدوم سيارة بيع أسطوانات الغاز إلى الحي.
اعتدنا على هذا الصوت نحن الذين ما تزال "صوبات" الغاز بالنسبة لنا بديلا مريحا وأقل ضررا للجيب من التدفئة المركزية، ومدافئ الكهرباء التي لا نستطيع تحمل فاتورتها آخر الشهر.
ووفقا للمعادلة الآنفة، أصبحت "موسيقى" بيع الغاز بالنسبة لنا صوتا شجيا، ولحنا عذبا، ربما عجز كبار العمالقة من الفنانين الذين اعتدنا على سماع أغانيهم صباحا عن مجاراته؛ فلم نعد نكترث بسماع أغان هادئة صباحا، تبشر بيوم جميل، وتحث على العمل.
ساهم في تردي ذوقنا الموسيقي الصباحي أيضا ما تصدح به إذاعات من أغان تبعدك عن تنفس عبير النهار بعمق، والتمتع بسطوع الشمس، إذ تقفز بك إلى ميادين قتال افتراضية!
لذلك كله تعودنا على "موسيقى الغاز". وبحكم العادة أيضا، تعودنا على صوت الصبي في سيارات بيع الخضار المتحركة، وعلى صوت تاجر القطع القديمة الذي ينادي بصوت جهوري مبشرا بقدومه، ومعلنا لكل من يريد بيع "خردة" أو مفروشات بأنه في الحي وعلى أهبة الاستعداد للشراء.
بالمناسبة، كل ذلك يحدث في فترة الصباح، وتحديدا ما بين الساعة السابعة والنصف والتاسعة. ثم يعود ويتكرر في فترة الظهر والعصر بأشخاص مختلفين، وبطرق مختلفة.
وعلى مدار سنين مضت، تحملنا تلك الأصوات وما تجود به علينا، وصبرنا على إيقاظنا من عز نومنا صباحا، ومن رحابة القيلولة عصرا، وعلى ارتفاع سعر أسطوانة الغاز من ستة دنانير ونصف الدينار إلى عشرة دنانير، تجنبا للخيار الأسوأ والأكثر كلفة. ولكن كانت المفاجأة التي يتحدث عنها مواطنون في تعدي بائعين على وزن الأسطوانة، و"سرقة" جزء منها بدون وجه شرعي.
وقبل أن تقوم قائمة الجهات المعنية والمسؤولة عن تنظيم عمل بائعي الغاز، وأقصد هنا "نقابة المحروقات"، فلا بد من التوضيح أن ذلك لا يخص سواد الموزعين، وإنما نعني هنا جزءا منهم. وهذا أمر يحتاج إلى متابعة ورقابة من قبل النقابة، وقبل ذلك من قبل مؤسسة المواصفات والمقاييس والجهات الرقابية الأخرى، ووقف العابثين بالأوزان بدون وجه حق، واتخاذ عقوبات مشددة بحقهم. فمثل هؤلاء لصوص في وضح النهار، يعتدون على حق المواطن في أسطوانة غاز بوزن 12 كيلو ونصف الكيلو.
وللحق، فإنني أعرف شخصيا أن "نقابة المحروقات" لا تتوانى عن التعامل مع أي شكوى ترد على موزعي الغاز، وتعمل على حل الشكاوى سريعا بدون إبطاء. ولذا، فالنقابة مدعوة إلى التعامل مع زيادة شكاوى المواطنين من تلك الظاهرة بحزم، واتخاذ إجراءات عقابية رادعة وسريعة.
المشكلة أن التلاعب لا يقف عند الأوزان، وإنما وصل إلى ختم المصفاة الجلاتيني المنكمش. وهذا ما أقر به مدير عام مؤسسة المواصفات والمقايس مؤخرا. وأعلن أنه بسبب التلاعب وإنقاص كمية الغاز الموجودة في الأسطوانة من قبل موزعين، تم الاتفاق مع المصفاة على تغيير الختم الموجود إلى آخر يصعب التلاعب به، مبشرا بأنه سيتم اعتماد الختم الجديد في آذار (مارس) المقبل. وحتى ذلك التاريخ، فإن "المواصفات والمقاييس" والجهات الرقابية الأخرى معنية بشكل حاسم وسريع بمتابعة الموزعين، والتأكد من أن الأوزان مطابقة وغير متلاعب بها، وحماية المواطن من الغش والخديعة.
تحملنا "موسيقى الغاز" وموسيقات أخرى مصاحبة، وتحملنا رفع سعر الأسطوانة بشكل قياسي، فهل علينا تحمل عبث العابثين أيضا، والسكوت على السرقة حتى آذار؟
الجهات المعنية عليها عبء الملاحقة والمتابعة، ووقف أي تطاول أو عبث بدون إبطاء، والبحث عن طريق سريعة وفورية لوقفهما، بدون أن يتأثر المواطن الذي على الحكومة أن توفر له أسطوانة غاز بنفس المواصفات المتفق عليها والمعلنة.
jihad.mansi@alghad.jo
الغد