اليابانيون الاكثر إستخداماً للمدونات على الانترنت حول العالم
07-12-2007 02:00 AM
يبتعدون عن السياسة واللغة الجارحة ونادرا ما يستعرضون خبراتهم .. اليابانيون أكثر هدوءا واستخداما للمدونات من الأميركيينطوكيو: بلين هاردن *
بالمقارنة بالعالم المتحدث بالانجليزية، اصبح اليابانيون مجانين مدونات. فهم يكتبون مدونات اعلى فيما يتعلق بنسبة عدد السكان من أي مكان اخر في العالم.
وبالرغم من ان المتحدثين بالانجليزية يزيدون على عدد المتحدثين باليابانية بمعدل خمسة الى واحد، فإن عدد المدونات المكتوبة باليابانية تزيد زيادة طفيفة على مثيلاتها الانجليزية، طبقا لتكنوراتي، محرك البحث في الانترنت الذي يراقب عالم المدونات.
وطبقا لبعض التقديرات، فإن 40 في المائة من المدونات اليابانية تجري عبر الهواتف الجوالة، معظمها من جانب المسافرين الذين يقضون ساعات ينظرون الى الشاشات الضيقة للهواتف الجوالة وهم يستخدمون اضخم شبكة مترو انفاق وقطارات ضواحي في العالم.
ويلاحظ ان «التدوين» في اليابان، اكثر هدوءا من نظيره في الولايات المتحدة وباقي الدول المتحدثة بالانجليزية. فثقافة اليابان الخاضعة للتقاليد، احتضنت تقنية يستخدمها الاميركيون للترويج للذات ويعتبرونها وسيطا غير ملتزم.
ويبتعد المدونون هنا عن السياسة واللغة الجارحة، ونادرا ما يستعرضون خبراتهم. وبينما المدونات الاميركية تهدف الى التميز، فإن المدونات اليابانية تسعى للالتزام، مدونات حول موضوعات صغيرة: قطط وزهور، درجات وافطار، مخترعات جديدة ونجوم تلفزيون. وبالمقارنة بالاميركيين، يكتبون على الاقل موضوعات اقل حجما، ولا يكشفون عن انفسهم، ويكتبون اكثر.
ويوضح جوتشي ايتو، وهو عضو في مجلس ادارة تكنوراتي، وخبير في كيفية استخدام الناس حول العالم للانترنت «السلوك هو اكثر اهمية في اليابان. ليس من المقبول اجتماعيا في اليابان السعي للشهرة». ووجدت تكنوراتي ان من كل المدونات المسجلة في الربع الاخير من العام الماضي، فإن 37 في المائة منها مكتوبة بالبابانية، و 36 في المائة بالانجليزية و 8 في المائة بالصينية.
ولم يكن ذلك خطأ. ففي السنوات الثلاث الماضية، سبقت اليابانية اللغة الانجليزية او تتساوى معها باعتبارها اللغة السائدة للمدونات، طبقا لتكنوراتي. ويفهم 130 مليون شخص اللغة اليابانية، بينما يفهم 1.1 مليار شخص اللغة الانجليزية.
وهذه الارقام لا تدهش احدا اكثر من اليابانيين انفسهم. فبالرغم من استخدامهم اجهزة الكومبيوتر الشخصية، والهاتف الجوال الذي يمكن تصفح الانترنت عبره، وشبكة انترنت ذات سرعات عالية لكي يدونوا أي شيء وفي أي مكان، فهم لا يحبون الحديث عن ذلك.
فكر، على سبيل المثال، في المدونة التي تكتبها جانكو كينتسونا خمس مرات اسبوعيا طوال السنوات الثلاث الماضية عن تناولها الغداء، بدقة بالغة، وتطلق على مدونتها «تناولت غدائي».
وفي رسالة بعثت بها أخيرا من مطعم فيتنامي في طوكيو كتبت كينسوتا تقول «كان الحساء بطعم الدواجن ومرارة الكمثرى، وهو ما يعطيك احساسا قويا بالطعم في فمك».
وفي كل المدونات التي كتبتها في منزلها ومقاهي الانترنت عبر السنوات لم تكتب كينسوتا كلمة مثبطة ولا كلمة انتقادية لطعام سيئ.
وقالت كينسوتا البالغة من العمر 43 سنة «اذا ما اعتقدت ان الطعام سيئ لا اكتب عنه» وتعمل في مجال تحرير الاعلانات في مجلة اسبوعية لموظفات المكاتب في طوكيو.
ويطلع ما يقرب من 300 شخص على مدونتها، معظمهم من الاصدقاء. ولا تحصل على اية تعليقات من القراء. وهي لا تريد ان تثير القراء او تتسبب في اثارة تعليقات يمكن ان تضر بمشاعرها هي. وقالت «بما ان مدونتي يطلع عليها اشخاص لا اعرفهم، انا حذرة بخصوص الكشف عن مشاعري».
ولا تدهش مثل تلك الافكار روبرت بيكارد، رئيس شركة الدرمان للعلاقات العامة في شمال آسيا، التي تعاونت مع تكنوراتي لإجراء مسح حول سلوك المدونين في اليابان ومقارنته بالمتحدثين بالانجليزية. واوضح «لا يوجد شك في ان في مثل هذه الحضارة يجري دق المسمار البارز».
وقد تبين من الاستطلاع ان المتحدثين بالانجليزية واليابانية لديهم دوافع مختلفة في كتابة المدونات.
فأربعون في المائة من المدونين بالانجليزية قالوا ان هدفهم الرئيسي هو «اثارة الانتباه لذاتي كمتخصص في مجالي» بينما ذكر 5 في المائة فقط من اليابانيين ان هدفهم الرئيسي هو «خلق سجل» لإفكارهم والمعلومات التي جمعوها.
ومن المرجح اطلاع اليابانيين على المدونات بمعدل يزيد خمس مرات عن الاميركيين والبريطانيين او الفرنسيين، ولكنهم اقل ترجيحا في التصرف فيما يطلعون عليه، طبقا للاحصاء.
ولفهم ما يهدف اليه اليابانيون عندما يدونون من المهم فهم اسباب استخدامهم لهذا الوسيط، وكيف تجعل التكنولوجيا في اليابان من السهل التدوين من المنزل، او في القطار او خلال السير في الشارع.
وقبل انتشار المدونات في 2002 و 2003 كان اليابانيون يستخدمون اجهزة الكومبيوتر لتسجيل يوميات شخصية.
وتجدر الاشارة الى ان مفهوم اليوميات يتميز بعمق كبير في اليابان بحيث ان غير مفهوم المدونات في اليبان من محاضرات اميركية الطابع الى رواية ذات طبيعة يابانية، طبقا لأيتو، عضو مجلس ادارة تكنوراتي. الذي قال ان المدونات انتشرت في اليابان كظاهرة هائلة بين ابناء الطبقات المتوسطة وهو نوع من الكاروكي للافراد الذين يشعرون بالخجل.
وهذه دولة ثرية، يمكن لمعظم الاسر فيها امتلاك جهاز كومبيوتر شخص، وهواتف من احدث طراز وشبكة انترنت سريعة. الا ان اليابان هي ايضا مجتمع ملتزم في ثروتها، كما قال ايتو. ومن الاسباب الاخرى بالنسبة للعدد الكبير من المدونات في اليابان هو الهواتف الجوالة المتقدمة للغاية وشبكات الانترنت غير السلكية السريعة والرحلات الطويلة في قطارات الضواحي.
ويقول أيتو ان الفضاء الالكتروني والفضاء الحقيقي يندمجان في اليابان. فالشباب الذين يستخدمون الهواتف الجوالة يتعاملون مع ما بين 5 الى عشرة اشخاص، وهم يتحركون عبر المدن.
ويتكهن أيتو انه مع تحسن الهواتف الجوالة وشبكات الانترنت اللاسلكية في الولايات المتحدة ستصبح المدونات اكثر يابانية.
وهو يعني اتصالا مستمرا بالمدونة الخاصة بك بينما تكتب رسائل قصيرة ولكنها اكثر تكرارا. وهو يعني ايضا القليل من الانتقادات السياسية والتباهي ومزيدا من الحديث عن الامور العادية.
*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»
الصورة لياباني يدون مذكراته داخل قطار سريع «واشنطن بوست »