ها قد انتفض سامر الانتخابات الأخيرة وأكل العرسان حصصهم من قالب الحلوى، وأكل كثير من الطامحين المقلب، ولكن بنظر الطبيب المشخّص، فإن العروس لم تكن سوية، بل غشاشة وأهلها كذلك، فهي ليست بكراً ولكنها ثيبّ بالثلاثة، وهذا لا يهم كثيراً ممن يسعون إلى مجلس النواب، أي مجلس، لا يهمهم الكيفية أو الطريقة أو الأسلوب، فقد سعى كثير منهم الى هناك بكل ما أوتوا من حيل وثمن، فقط يريدون قضاء شهوتهم بالجلوس نائمين أو غائبي وعيّ سياسي، المهم أن يكونوا هناك بغض النظر عن الطريقة التي وصلوا الى مجلس العبدلي الجديد، وبأي "ناقلة" وصلوا.
الدرس الجديد المستخلص، أن "السيستم" وطباخيه، الذين رصدوا كل مقالاتنا وآرائنا، وسمعوا كل الاقتراحات الغنية أو الغبية التي طرحناها على أمل الخروج من أزمة عدم الثقة، والسعي نحو الأردن الجديد المتجدد، الذي يغير ثوبه البالي بثوب جديد أجمل من ذي قبل، ولكنهم ترجموا لغتنا الى اللغة المشفرّة التي يتعاملون بها وكأنها لغة "البمبمرللا"، ولا تسألوني ماذا تعني تلك الكلمة فأنا لا أعرف مثلكم أيضا، ولكن ضعوا الاسم الذي يعجبكم بدلا عنها، فكل اللغات تصلح معهم إلا هذه اللغة التي نفهمها.
من الدروس المفيدة للمتابع أن السيستم أيضا، أخذ بمبدأ الانقلاب على ماضيه، ولكنه لم يستطع التخلص من عاداته الحسنة وهي التغيير والتبديل وسرعة الانقضاض، وإعلان الفرح، فجاءت وجوه جديدة تدعوك الى النحيب على الوجوه الكئيبة السابقة، وجاءت أسماء تبيع علينا بطولات لم نر منها سوى الصراخ والتشدق، ولا تريد أن تفهم أن الجميع بات يعرف ويفهم كيف تدار حلبات المصارعة السياسية الأشبه بـمسرحيات المصارعة الأمريكية "دبليو دبليو إف" التي تحوز على جماهير يريدون قضاء أوقات فراغهم في مشاهدتها، فقد عقدت صفقات كثيرة مع وجوه ستبقى تبيع علينا النزاهة والشرف والندية والحدية مع أجهزة الدولة.
المشكلة الأكبر أن تقريرا مقتضبا سننتهي منه قريبا، قد تخرج نتائجه بأسئلة كثيرة ليس لها إجابة إلا عند من يملك معلومات آخر ليلة في الاقتراع، وأهمها أن هناك فائضاً من الأصوات لم تحسب لا للفائزين بجنة العبدلي ولا للخاسرين في الانتخابات، ولم يُعرف أين تم التخلص من تلك الآلاف من الأصوات، خصوصا في دوائر العاصمة، وهذا يحتاج الى إجابة رسمية لإثبات أن النتائج لا الاقتراع هي من تم التلاعب بها.
الخلاصة؛ بعد مجلسين تم التلاعب بنتائج الانتخابات فيهما عينك عينك، ولا يزال عرابهما يتنعم بمكافأته، أن النية عند قوى لا تزال متمترسة كالجرثومة في معدة الدولة، لا تريد إنتاج شخصيات وقوى وطنية عالية الكفاءة، تحمل فكرا سياسيا وقانونيا واقتصاديا، أو اجتماعيا حتى، بل تريد أن يبقى مجلس النواب مجلسا للدراويش، يصلحون لحفلات "الطار" والموالد، والبعض ممن تحمل بصمات أصابعهم شبهات تواقيع على قضايا محفوظة في اللوح الرسمي المحفوظ ليوم موعود، وهؤلاء هرولوا الى الانتخابات لكسب غطاء الحصانة ضد المساءلة التي نسعى خلفها منذ سنوات طويلة دون أن نجد أذنا تسمع أو قلب يعي!
ورغم الأسئلة الحائرة التي تنام ليلها الطويل على ألسنتنا، فلم نجد إجابة لها، حتى مع رؤساء تم التلاعب بالانتخابات في زمنهم، إذا أردتم التلاعب بالنتائج، واختيار أشخاص لمجلس النواب أو حتى مسؤولين، ألا تأتون بشخصيات أكفأ ممن اخترتم، يستطيعون على الأقل مساعدتكم على التفكير والتدبير، لا نواب صبية يقضون لياليهم في لعب "ورق الشدة" و"طق الحنك" ونفث دخان النرجيلة على طاولات المقاهي وفي نوادي الخمسة نجوم.
وبما أن الخصم السياسي الأكبر وهو حزب جبهة العمل الإسلامي والأذرع الأخرى قد قاطعت الانتخابات و أخرجت نفسها من اللعبة، ألم يكن من الأولى استغلال فرصتكم لإعادة ترتيب الوضع الداخلي بما يتناسب مع تغيرات المرحلة السياسية، والوفاء بالوعود التي أطلقت بعد سنتين من إنطلاق الحراكات التي تجوب شوارع المملكة لتنادي بتنظيف الساحة السياسية ومحاربة الفاسدين وإصلاح النظام بالطريقة الشرعية والسلمية، أم أن حليمة لا تريد أن تترك عادتها القديمة؟!
المهم بصراحة أنني ومن هم مثلي نعلن وعلى رؤوس الأشهاد، بأننا أغبياء جهلاء، متخلفون، لا نصلح أن نكون في هذا المجتمع السياسي المتلون كالحرباء، ولا في المجتمع الشعبي الذي باع قراره وصوته للتجار والمتعهدين وحملة الشنط، ولا لوسط الأرانب الذي تحولوا الى ثعالب يخرجون في ثياب الواعظين، ليوزعوا الحلوى بمناسبة اغتصابنا.
افعلوا ما تشاءون، وليذهب هذا الوطن في أي طريق تجره عربات السحب الخارقة التي يقودها رواد الفضاء والمخترعون وعلماء السياسة وأقطاب الفكر الاقتصادي، والحائزون على جوائز نوبل في شتى العلوم، الذين تزخر بهم الغرفة الرسمية!
ونحن سنبقى نتكئ على مقاعد الشارع العام في انتظار مرور "الباص السريع" يوما ليأخنا الى قدر الله، وحتى ذلك الحين: قم يا غلام ودق "المزيكا" لنحتفي بعرس خيباتنا!