سايكولوجيا العلاقات المريضة!!
خيري منصور
05-02-2013 03:23 AM
هذا النمط من العلاقات يولد بثقب في القلب او بتشوه خلقي، لانه يشكو منذ البدء من عدم التكافؤ النفسي او الاجتماعي وغالبا ما يكون ملغوما بنوايا مخفية، لا تتضح او يرشح منها ما يزكم الانف الا اذا كشف عنها غطاء المجاملة والنفاق.
كتب عن العلاقات المريضة علماء نفس وحكماء واناس جربوها ثم تلقحوا بها ضد تكرارها او ما يماثلها، وتعج حياتنا اليومية بمثل هذه العلاقات، التي قد تبدأ بالصدفة او في لحظة يحتاج فيها طرف ما الى تأكيد الذات لكنها ترسب في اول اختبار جدي.
مقابل هذا النمط من العلاقات المريضة نمط اخر سوي، يكون فيه التكافؤ في كل المجالات عنصرا بنائيا قابلا للنمو، لكن شرط هذا النمط من العلاقات الصحية ان يكون كل طرف منسجما مع نفسه اولا، ومتصالحا معها، لا يتقمص شخصا اخر ولا يرتدي قناعا يحجب الحقيقة، وسواء تعلق هذا الامر بالصداقات او الزواج او اية شراكة انسانية فان ما يحدد قابليته للاستمرار هو احساس كل طرف بانه راضٍ عن نفسه ولو الى حدّ ما ولا يطمح الى ان يكون سواه، ولان الدراسات خصوصا الميدانية منها في مجال علم النفس الاجتماعي والتربوي غير معترف بجدواها خارج اسوار الجامعات، فان علاقاتنا تبقى عرضة لاية عواصف، وقد تنتهي دون ان نعرف لذلك سببا، فالشخصية الانسانية معقدة، واسيرة ذاكرة مفعمة بما ترسب من الماضي، والخيال متفاوت بين البشر، لهذا غالبا ما يكون سوء التفاهم نتيجة منطقية لعدم تكافؤ الوعي والتناغم مع الذات، ولجبران خليل جبران موعظة تستحق التأمل عندما قال اذا اردت ان تكشف المستور لدى شخص ما فحاول توتيره على سبيل الاختبار، لانه عندئذ سيفقد السيطرة على القناع وتخذله مهارة التقمص والمحاكاة فيكون كما هو بلا مكياج او اية مساحيق.
اما برنارد شو فقد نصحنا كبشر ان نتجنب تذكير الاخرين بما ينقصهم لانهم عندئذ يشعرون كما لو اننا نعيّرهم بهذا النقصان او اننا سبب له، وحقيقة الامر عكس ذلك تماما، لانهم يشعرون بهذا النقص لكنهم هاربون منه وحين يذكرهم حتى اقرب الناس بهم تكون ردة الفعل غريزية وغير قابلة لترشيد الوعي.
والتناغم بين البشر ليس مجرد الادعاء بانهم يشبهون بعضهم، لان القواسم المشتركة بيننا جميعا تشمل من التماثل ما يوهمنا بان الفروق عابرة، وهي مجرد تفاصيل لكن هذه التفاصيل هي الامر الحاسم في نهاية المطاف، فمن يكره نفسه لا بد ان يكره الاخرين، ومن يشعر بالفشل يتصور ان كل نجاح لا يخصه هو مؤامرة عليه، وهنا ينقسم الناس الى صنفين:
صنف يمارس نقد الذات ويعالج جراحه وينجو، وصنف يتحول الى كيان عجيب نصفه سادي يتلذذ بتعذيب الاخرين ونصفه الاخر ماسوشي يتلذذ بتعذيب نفسه!!
الدستور