من يقلب ملف مشروع الشرق الأوسط الكبير، أو الجديد لا فرق، الذي رسمه الصهيوني- الأمريكي الحاقد على العرب والمسلمين د.بيرنارد لويس، بعيد hندلاع الحرب العراقية –الإيرانية، وأقره الكونغرس الأمريكي في جلسة سرية بعد ذلك،ويقضي بخلق حدث يوازي أو يفوق الحرب العراقية –الإيرانية خرابا وتخريبا في العالمين العربي والإسلامي، يجد أن هناك عبارة تقول إن محراث التقسيم سيستقر في نهاية المطاف في مصر، التي أطلقوا عليها لقب الكنز أو الهدية.
بديهي أن هذا المشروع يهدف إلى تقسيم المساحة الواقعة ما بين شرقي البحر المتوسط والباكستان أو أفغانستان، أيهما أبعد إلى كانتونات إثنية عرقية طائفية، تتناحر فيما بينها وتكون مربوطة في وتد بتل أبيب.
نفهم من ذلك أن مصر وحسب ما هو مخطط لها، ستكون عرضة للتقسيم في نهاية المطاف، لكن وعلى ما يبدو أن هناك خللا في التنفيذ، أو بروز عقبات لم تكن متوقعة من راسمي السياسة العالمية، كل ذلك أدى إلى حرق مراحل بعينها ،والبدء بمراحل ربما لم يحن وقتها بعد.
لم يسقط النظام السوري حسب المدة المقررة له من قبل أصحاب المشروع أو المتعهدين ،الأمر الذي جعل الضبابية تسود المشهد إلى حد كثافة الغيوم التي تحجب الرؤية،وبالتالي إنتصر حلفاء النظام وفي مقدمتهم روسيا والصين وإيران وجهات أخرى لا يعلمها إلا الله والراسخون في التآمر.
حتى لا ندخل في غياهب مشروع الشرق الأوسط الكبير ،او متاهة التحالفات السرية التي سيتم الكشف عنها ولو بعد حين،لا بد من القول بشفافية واضحة، أن الإخوان المسلمين لا يمتلكون أي خبرة في الحكم، رغم ان القرآن الكريم لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وأتى عليها، ولكن...
استعجل الإخوان المسلمون كثيرا ونسوا القواعد وتجاوزوها، طمعا في حكم لن يدوم لهم، وسينجم عنه مصر المقسمة المجزأة، ليخرج علينا من يقول بكل الوقاحة المعهودة أن نظام حسني مبارك "العميل" حافظ على مصر موحدة. وهنا تكمن مأساة المقارنة غير المحسوبة جيدا ويظهر العميل الذي رهن بلده لأمريكا وإسرائيل ،طاهرا نظيفا عفيفا وشريفا.
كان يتوجب على الإخوان المسلمين ألا يتهافتوا على الحكم بهذه الطريقة، بل أن يتوسدوا الحكم خطوة خطوة، وألا يقتربوا من الرئاسات بكل أشكالها ،لا رئاسة الجمهورية ولا رئاسة مجلس الشعب ولا رئاسة الحكومة ،لأن هذه الرئاسات لها آليات محددة لا يجوز للإخوان ان يرتبطوا بها علانية في بداية المشوار.
لا يعني أنني أحرم على الإخوان توسد هذه الرئاسات ،ولكنني أرى أنه كان عليهم أن يديروها من وراء ستار، وألا تكون هذه الرئاسات بعيدة عنهم، وأن تبقى هذه الوضعية بهذه الصورة لمساحة زمنية لا تقل عن عشر سنين، حيث يتم خلالها إدخال الفكر الإخواني في موضوع الحكم رويدا رويدا.
لا يجوز حكم مصر إسلاميا من أول غزوة ،نظرا للحالة التي أديرت بها مصر على الأقل منذ مجيء سيء الذكر والصيت " الرئيس المؤمن" السادات الذي كسر القاعدة ووقع معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل ،التي قضت برهن مصر بكل مقدراتها إلى الدولة العبرية والمشروع الصهيوني.
الآن نستطيع القول ان محراث التقسيم دخل مصر آمنا مطمئنا، لأن الحكم والمعارضة في مصر لم يحفظوا دروسهم جيدا ،وهاهم يصبون الزيت على النار، لإضرام النيران في المحروسة،وتركها قاعا صفصفا لكل مكون مصري كيانه المرتبط بأمريكا وإسرائيل.
لن يتم إطفاء النيران المشتعلة في مصر ،ولن يتنازل أحد من الطراف المتصارعة عن وجهة نظره، وبالتالي فإن التصعيد وارد ،وستتسع دائرة العنف وستسيل الدماء وتزهق الأرواح ويتم تدمير الممتلكات، وستصدر الأوامر للأقباط المتصهينين المتأمركين المتخندقين في واشنطن ،أن يزيدوا من حرائق مصر ،ويخرج علينا من يبرر أن مسيحيا قبطيا قد تم قتله ،وبالتالي آن أوان " الثورة " القبطية لتكون بالفعل بداية تقسيم مصر. فهل يتعظ المعنيون بالأمر في مصر؟