«لم ينتخبوا سلمى» .. د. هيام كلمات
mohammad
03-02-2013 06:15 PM
على عكس ما تمنت الطفلة الذكية اللماحة «هيا» إبنة الست سنوات لم ينتخبوا سلمى , فقد إسترعى إنتباهها الكم الهائل من اللافتات والصور التي امتلأت بها الشوارع والطرقات وحاولت أن تقرأ بعضها لتفهم ما يقصد منها ولكنها عجزت عن ذلك.
خاطبت جدتها قائلة «لماذا لا يكتبون كلاما نفهمه نحن الأطفال ؟» وعندما سئلت ماذا تريدينهم ان يكتبوا قالت ببساطة « إنتخبوا سلمى» , لم تقل إنتخبوا والدي فلان او جدي فلان إنما قالت ببساطة «إنتخبو سلمى» شقيقتها الكبرى الطفلة البالغة من العمر التسع سنوات.
لعلها إستشعرت معاناة جيلنا مع السطوة الذكورية في مجتمعاتنا التي تكتم الأنفاس بفرض رغباتها وتطلعاتها على حساب حقوق النصف الثاني من المجتمع , فما زالت بطالة المرأة مضاعفة وكذلك كل من الفقر والأمية, ولا تتعدى نسبة مشاركة المرأة في النشاط الإقتصادي ال 15% وهي للأسف من ادنى النسب العالمية,
ناهيك عن عمالة الأطفال والعنف والتحرش الموجه ضدهم.
لعل هذه الطفلة الذكية وجدت في سلمى خير ممثل لطفولتها, فالطفلات ذكيات يعرفن حاجاتهن وتطلعاتهن ويستطعن التعبير عنها بكل وضوح , فهن يتطلعن لمستقبل أفضل مما تحقق لنا, مستقبل يضمن لهن حقوقهن العادلة في مجتمع خال من العنف وتسود فيه قوانين عادلة ومشاريع تتيح لهن التعليم المتطور وتتوفر فيه الفرص المتساوية في العمل والترقي والأجور والمشاركة في صناعة القرار وبنسب لا تقل عن 30% في كافة مواقع صنع القرارات الإدارية والتشريعية.
لم تجد الطفلة هيا أجوبة لهذه التساؤلات في اللافتات, بحثت عمن يناصر إقرار قانون حقوق الطفل الذي ومنذ حوالي العقد يراوح مكانه, القانون الذي إذا أقر فسيعمل على الحد من إستغلال الأطفال في الأعمال مدفوعة الأجر وغير المدفوعة الأجر على حساب تعليمهم وأستمتاعهم بطفولتهم.
هذا القانون وغيره من القوانين التي تتطلب التفعيل حتى نحفظ للنساء الحق في إختيار التخصص العلمي الذي يناسبهن دون حصره في المجال التعليمي الذي ما زال الأهل يفرضونه, وحق إختيار مجال العمل الذي ترغب فيه دون ان تكون عرضة لتحايل العديد من أصحاب العمل على قانوني العمل والضمان الإجتماعي لتُهضم حقوقهن دون رادع ولا وازع.
ناهيك عن بيئة العمل غير المناسبة من تكييف وتدفئة وأماكن للجلوس والإستراحة لأوقات محددة غير متوفرة لهن في غالب الأحيان مما يضر بصحتهن, خاصة وهن يواجهن صعوبات عديدة في خوض مجال المشاريع الخاصة المتمثلة في الحصول على القروض والكفالات والحاضنات لتقدم لهن المساعدة والتدريب المطلوب لنجاح مشاريعهن .
لهذه الأسباب وغيرها ولخلو الساحة من برامج مقنعة وواضحة تفهمها الطفلة هيا وتعدها لمستقبل أكثر إشراقا, تمنت ان يتم إنتخاب سلمى فلعلها تعبر عنها بشكل افضل في المجلس الجديد, او لعل من حالفهم الحظ يعيدون حساباتهم لصالح تطلعات اطفالنا بناة المستقبل.
*خبيرة في الحاكمية الرشيدة / التنمية المستدامة
الراي