الأردن بعد الانتخابات .. خلط أوراق متعمد
اسعد العزوني
03-02-2013 03:20 PM
يشهد الأردن،الذي أنجز مؤخرا انتخابات نيابية، قيل بحقها الشيء الكثير الذي لا يفرح ولا يسر، عملية خلط أوراق لا تبشر نتائجها بالخير، فعلاوة على المزاج الشعبي الذي لم تعجبه بعض الأوضاع في البلاد، وأخص بالذكر موضوع الفساد ورفع أسعار المحروقات، فإن الحركة الإسلامية التي قاطعت الانتخابات مع عدد من القوى المنادية بالإصلاح تمارس وجودها القوي في الشارع.
لا ينكر أحد أن تزويرا ما وبغض النظر عن الكيفية، قد شاب الانتخابات،التي أجريت بموجب قانون الصوت الواحد المجزوء والمرفوض ، حتى من قبل الملك في مرحلة سابقة، وقد تجلى ذلك في قصة عبلة وحازم التي باتت محل تندر ليس في الصالونات السياسية الأردنية بل وفي الشارع الأردني عموما.
بعد إعلان النتائج قيل إن عبلة أبو علبة وهي الأمين الأول لحزب الشعب الأردني والنائب السابق قد فازت، وخسر أمين عام حزب الرسالة الوزير السابق د.حازم قشوع، وبعد يوم ورد إعلان رسمي بفوز د.حازم وخسارة عبلة، وتكرر الأمر بين فوز عبلة وخسارة حازم وفوز حازم وخسارة عبلة كما أثبتت البصمة الرسمية الأخيرة التي أقفلت المشهد بفوز حازم وخسارة عبلة.
الخلط الثاني المتعمد للأوراق جاء عند اختيار رئيس لمجلس النواب ، حيث ترشح أكثر من سبعة نواب من أبرزهم عبد الهادي المجالي وسعد هايل السرور وعبد الكريم الدغمي.
كان المشهد مرعبا بعض الشيء، كون هذه الأسماء ذات وزن ثقيل وخدمت في العديد من المناصب الرسمية ، ويسجل لهم الكثير من المواقف الداعمة للنظام، وكانت المفاجأة أن الدغمي وهو رئيس المجلس السادس عشر ادرك عدم فوزه بالمنصب ، وكذلك المجالي، لأن الرياح الرسمية هبت لصالح السرور ، ما دعا المجالي إلى تقديم استقالته وإصدار الأوامر لأعضاء كتلته الناجحين بالإنسحاب معه .وهنا جاءت التكهنات بحل ملف عبلة وحازم ،وفسح المجال لعبلة كي تعود إلى البرلمان وتجلس تحت القبة حالها حال د.حازم.
المراقبون يقولون انه في حال قبول عبلة ابو علبة بهذا الحل، فإن ضربة قاصمة ستوجه إلى اليسار الأردني الذي غير وبدل جلده كثيرا وسار مع التيار، وهنا عنوان أزمة أخرى بين اطراف اليسار نفسه.
هكذا خلقت اول ازمة حتى قبل ان يعقد مجلس النواب اولى جلساته، وهذا دليل شؤم على ان مجلس النواب السابع عشر سيكون عنوان أزمة ستلد ازمات ،ويولد حرائق يصعب على خبراء الحرائق السياسية إطفاؤها وبالتالي يكون حله قبل إكمال عدته ومدت القانونية أمرا مستحبا.
الطريق ممهدة أيضا لأزمة أخرى حيث يشاع ان صانع القرار يفكر بتسليم مجلس الأعيان مرة اخرى إلى طاهر المصري بعد أن ثارت مؤخرا في وجهه عواصف معارضة رسمية طالبت بسحب مجلس النواب من ولايته.
ما يستدل من هذا الملف أن إدارة الأزمة في الأردن بعد تفجر ما يطلق عليه "الربيع العربي" لم تحصل على علامة النجاح ، وبالتالي فإن خطرا يلوح في الأفق خاصة وأن الأردن يعيش وسط أجواء مشتعلة في العراق وسوريا وتهديدات متواصلة من إسرائيل التي وقع معها معاهدة وادي عربة،الأمر الذي يتطلب دقة ومهارة متناهيتين في إدارة الأزمة حتى لا تخرج الأمور عن مسارها الآمن.