سكينة كانسيز ونسوياتنا البرلمانية
د.مهند مبيضين
03-02-2013 04:20 AM
أنت في كل حركة وطنية بحاجة للتأنيث، وسكينة كانسيز التي أسهمت في تأسيس حزب العمال الكردستاني، واغتيلت قبل أسابيع مع ناشطتين كرديتين، مثلت الجانب النسائي المفارق في صورة السياسية والنظال الكردي، وقادت الحزب في أوروبا وسجنت عشر سنوات بين عامي 1980-1990؛ وهي مفارقة لأنها رسمت للمرأة الكردية التي تعيش في هويات مغلقة متعصبة، صورة غير ابنة الجبال المترددة التي تلتحق في التنظيم الحزبي العمالي الكردستاني السياسي بمثل ما ترسمه الدراما التركية المعاصرة.
عدّ النضاليون الاكراد سكينة عاشقة لعبدالله أوجلان، أو كذلك كانت، وهنا يظل الحديث عن العشيقة لدى البعض من باب الإضعاف لها، لكن وإن كان العشق ليس حراماً فهو في السياسة والنضال مختلف، عما يتوهم البعض سهولته، أو حتى احتمال ديموته، وإذ اغتيلت كانسيز في وقت كان في فيه طيب رجب أردوغان يعلن للجميع أنه حصل على تقدم في مباحثات أوجلان، التي من المنتظر لها أن تحسم مصير قضية نحو 15% من الشعب التركي وهم الأكراد الذين يزيد عددهم عن عشرة ملايين، إلا ان السيدة ذات الشعر الأحمر انتهت بصمت دونما إعلان واضح عن جهة الاغتيال، وهو ما قد يطوي سيرتها بتوقيع مجهول.
في الحالة الأردنية نحن نفتقد لنسوية سياسية متشحة بالظل النضالي بالمعنى المشار إليه في نموذج سكينة كانسيز، وهذا له علاقة باستقرار البلد وفضائل طبيعة تكوّن المتحد الوطني والدولة التي لا أعتقد أن ذاكرتها تحتفظ باسم معتقلة أو سجينة سياسية بصيغة مثالنا الكردي. ولكن، في زمن سابق على تأسيس الدولة، نطالع في النظال الوطني مثال سيدتين هما مشخص المجالي زوجة الشيخ قدر المجالي، وبندر زوجة الشيخ رفيفان وهي التي انجبت القائد حابس المجالي في سجن معان 1910 على إثر اعتقالهما من القوات التركية؛ لأجل الضغط على ثوار هية الكرك لتسليم أنفسهم.
اليوم قدمت القبائل والعائلات، ويمكن القول كل المجتمع، لمجلس النواب الحالي مجموعة من السيدات، من خلفيات مختلفة، فيهن المعلمة ذات النجاح التربوي غير المسبوق المتمثل في شخصية د. مريم اللوزي، والعسكرية الدكتورة فلك الجمعاني، والمحامية الناشطة في قضايا المرأة والتي زاملناها في جامعة آل البت الاستاذة ريم أبو دلبوح، كما وأعادت مجتمعاتنا القروية والبدوية والحضرية الاستاذة وفاء بني مصطفى والزميلة ميسر السردية والشخصبة اللافتة النائب شاهة أبو شوشة التي جاءت من عمق الفقر وعسر التنمية فهي ذات سيرة غنية بالعمل التطوعي والخيري فهي عضو مجلس بلدي لدورتين متتاليتين في بلدية قريقرة وفينان، التي أعتقد أن كُثر من زميلاتها وزملائها ووزرائنا لا يعرفون موقعها على الخريطة، وهي التي عملت لمدة 15 سنة متواصلة في العمل التطوعي وخدمة الجمعيات المحلية، وحتى تاريخ انتخابها لعضوية مجلس النواب السابع عشر كانت بين الفقر والتهميش تسطر عنوانها عبر رئاستها لجمعية الشريف ناصر بن جميل الخيرية.
هناك سيدات أخريات فاضلات في المجلس، وثمة تجارب أخرى لا تقل أهمية عما أوردناه؛ ما يجعل خيارات الناخب النسوية ربما هي أفضل من خيارتنا في بعض من الذكورية النيابية وليس كلها، وهو ما يستدعي رفض مقولة تراجع التمثيل النسوي في الأردن والتي طلعت علينا بها مؤخرا جمعيات حقوق المرأة المدنية التي تتلقى الدعم الأجنبي المشبوه في بعضه.
Mohannad974@yahoo.com
الدستور