في ظل المراقبة ، والتطور التقني المدهش الذي يشهده العالم لجأت حكومة البخيت إلى أسلوب قص الهوية ،الذي كان مثالاً للعجز الحكومي عن السيطرة على العملية الانتخابية ، ولتظهر أنها غير قادرة على تنظيم جداول موثوقة أو استغلال الحاسوب وحده ، أو أسلوب حضاري آخر مثل البصمة المائية. فقد بحثت عن أساليب متطورة في بلاد العالم فقرأت عن تفننهم في حفظ عملياتهم الانتخابية ولم أجد سوانا لجأ إلى أسلوب القص .
الحكومة قصّت وقست علينا كثيراً ، وجاء القص الأكبر في برلمان دولة ديمقراطية لم يمثل أي تتطور لمرحلة ديمقراطية ،فلو كانت الأردن تعيش أعتى مراحل العرفية لما اختلف تكوين هذا البرلمان المقصوص من التمثيل السياسي أو الحزبي حتى أنه قص وبعنف رجال كنا نأمل أن يكونوا ممثلين للحياة الثقافية كمصطفى حمارنة وغيره أو لديهم رؤية اجتماعية ممكن أن تنقل مع المسؤولين ،نعم فقد تمكن البخيت ببراعة من قص جناح التيار المتشدد في جبهة العمل ولكنه شطب التواجد السياسي والفكري والصحفي بأكمله .
السياسيون الذين تواجدوا هم سياسي الحكومة.ولن ننكر أن العمليات التي سكتت عنها الحكومة السابقة قصت شيء أسمه تمثيل انتخابي ،فنقل الأصوات هي عملية تلاعب وتحايل على التمثيل النيابي الحقيقي، فقد صار نواب الكوتة يحصدون أضعاف أصوات العدد الحقيقي للأقليات .
القص المهم الذي لم يستسيغه المواطن هو قص الهويات ، وليكمل المقص مشواره لحديث الحكومة التي وعدت بتعوض تخريب الهوية ليتحمله المواطن،كادت تنكث به وذلك من أجل مجلس نواب مفصل على مشيئة الحكومة وعلى كيفية حركة الأموال،لولا تدخل الذهبي لإيقاف المقص قبل أن يصل إلى جيوبنا .
المواطن كان قد تلقى من حكومة الذهبي قراراً صعباً جداً ،بعد أن قصت وعود حكومة البخيت ، فقد كان المواطن سيدفع ثلاثة دنانير، حتى يصل المليوينيرية إلى قبة العبدلي ، كنا نتمنى من الحكومة أن تبدأ بقص الأيدي الطويلة التي أضاعت أموالنا ، و خصخصت شركاتنا ونهبت أموال الشعب ، كنا نتمنى من الحكومة أن تقص أيدي من اشترى ذمم المواطنين لا أن تقص من جيوب المواطن ثلاثة دنانير لأجل وصول النائب المرضي عنه حكومياً .
المسألة كانت أكبر من قيمة الدنانير بل تزرع في نفس المواطن الشك وعدم الثقة فيما تتكلم به حكومته ، ومع أن المواطن سمع وأدرك أن أحاديث محاربة البطالة ومكافحة الفساد ، وكان الكلام يعاد مع كل حكومة بما يشبه ما حصل لهويته .
وكم أشكر رئيس وزرائنا الذهبي الذي ألغى مرحلة القص الثانية ،لأن من انتخبناهم يبدو من الأسبوع الأول أنهم لا يستحقون دفع ثلاثة دنانير وأتوقع أن الشعب كان سيصاب بنوبة قلبية جماعية لو دفع الملايين لأجل هذا المجلس الذي يملك الملايين وأضعافها .
فقد قص علينا نوابنا كثيراً فيما مضى وصدقني يا رئيس الوزراء قُصصنا منذ الأسبوع الأول فأنكروا أننا انتخبناهم واتهمونا أننا كنا عملاء لغيرهم ،بل وصل القص إلى درجة أن أصواتنا لم تكن من هوياتنا المقصوصة ، بل من هوياتهم المنقولة ، هذا القص الإستباقي افتعلوه حتى لا ندق بيوتهم أو هواتفهم الموضوعة على "الصامت" ، فلماذا كنا سندفع ثمن أصوات قصت صحتها يا رئيس الوزراء ، فشكراً لأنك قصصت القرار ، ونحن راضون بهذا المجلس ، ولكن ندمنا على أصواتنا فهل كنا سندفع ندفع ثلاثة دنانير ثمنا لأصوات نُكرت قبل صياح ديك مجلس النواب ، وهذا مجلس الأحلام الذي لطالما تمنته الحكومة بعد أن تخلصت من كوابيس المعارضة ،لذا نطالبهم نحن بالحلوان وليس بقص ثلاثة دنانير ثمن دجاجة مقلوبة الجمعة ، أو تعبئة مدفئة المنخفض الجوي القادم كما.
صدقني أيها الرئيس أننا مقصوصين، من الحكومات ومن نوابنا، ومن ضرائبكم ولم يتبق منا شيء يقص فشكراً لأنك رحمت مواطن مقصوص أصلاً .
Omar_shaheen78@yahoo.com