الحق على الطليان يا رئيس الوزراء
د.عبدالفتاح طوقان
19-02-2007 02:00 AM
بين " الحق على الطليان " في حجب كتاب الدكتورة نوال السعداوي "اوراق حياتي" في معرض الكتاب في قاهرة المعز ، و بين مذكرات وزير المالية العراقي محمد الحديد الذي اتهم ملك العراق الاسبق غازي بالموافقة على وعد بلفور ، الى كتاب "الفوز" لرئيس مجلس ادارة جنرال الكتريك ، توقفت اسبوعين و انا مطمئن الى ان القرأة هي المخرج الامن من الكتابة التى تؤدي الى وجع الرأس و البطن و القدم احيانا في هذا العالم العربي المليء بالتناقضات و المنغصات.و اذا ما اضفت نسخة "ويندوز فيزتا " التى نزلت الى الاسواق و لعب بيل جيتس فيها دورا غير طبيعيا في نقل العالم الالكتروني الى خيال جديد و مقدرة فذة تحول الكاتب الى ناشر ، و المتصفح الى غول نهم للانترنت ، و صورا و شاشات واوامر للكومبيتر عبر الصوت بدلا عن الطباعة ، و مشاركة ملفات من اجهزة محمولة اخرى غير متشابكة و غيرها من "المكتب 2007" ، لتشعر بأنك في حلم او امام ساحر جعلك ترى في برنامج "ويندوز اكس بي " القديم صفيحة سمنة فارغة و مليئة بالصداء . كيف بالله كنا نستخدم هذا البرنامج ، و اكثر من هذا!
عالم غربي يفكر في المستقبل و التقنيات و تطوير العالم و جانب من عالم عربي بعضه يقبع خلف مهاترات و اكاذيب و احاجي ، هذه اتفاقية ام مشروع و هذا زي اسلامي ام لا ، و هذه امرأة ام كرسي طاولة، و هذا خائن ام فيلسوف و غيرها من قواقيع التخلف .
اسبوعان لم يخرجني من تلك المتع في القرأة و التصفح و الثقافة الا مداخلة رئيس مجلس النواب الاردني الاسبق المهندس سعد هايل سرور في جلسة برلمانية تسائل فيها عن اسباب توقيع ورقة اتفاق سرية بين رئيس وزراء الاردن و نقابة المهندسيين ممثلة في التيار الديني الذي يتولى رئاستها . و عندما نفى رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت وجود مثل هذا الاتفاق ، تفاجاء بالمهندس سعد هايل سرور يظهر الورقة الى العلن، و يالها من وصمة عار في جبين حكومة يعتقد البعض انها بانكارها الاتفاق رغم وجود ورقة الاتفاق "بتوقيع رئيس الوزراء " انها حكومة غير صادقة و جديرة بالرحيل .
و يرى اخرون ان هذا الاتفاق السري ،و الذى جرى بين نقيب المهندسيين (ممثل التيار الاخواني ) وبمعاونة وزير مسؤول ( المحسوب على التيار الاخواني و لكنه ليس منهم ) ، كانت القشة التى قصمت الظهر ، و يبدو ان تيار الاخوان قد باع الرئيس وورقة الاتفاق الى سعد هايل سرور ، على حد ادعاء البعض ، فيما يرى اخرون ان تلك الورطة سببها الوزير المحسوب على تيار الاخوان . و يذهب البعض الاخر الى ان كل ماحدث سببه غياب الحنكة السياسية لرئيس الوزراء و ضعفه امام الرغبة في البقاء في منصبه تحت اي ظرف ، وهو ما يستغله التيار الديني و يتلاعب به من خلال مشاركته غير "بلو تووث" وزاري ممثل في وزارتين .
ان موقف رئيس الوزراء اما م النواب بدا و كأنه "غير صادق " فيما يقول ، في الوقت الذي من معرفتي به و منذ ان كان مقدما في الجيش العربي و احد مرافقي الامير الحسن انه على درجة عالية من الصدق و الامانه و حسن الخلق ، فيكف وصل به الحال الى تلك الحالة ؟..اكاد لا اصدق ، و لكنها السياسية الملعونة.
رؤساء الوزراء المتميزون هم الذين يطورون و يسهلون الرؤية و المهمة المكلفين بها ، و هم الذين يضعون النظم و القيم للمؤسشسات و الافردا و الاطقم الوزارية العاملة معهم لتحقيزهم و تحقيق النجاح المستدام . و هذا النجاح يأتي من خلال الاعمال و التصرفات الامينة و الصادقة ليكسبوا ثقة الشعب اولا ، و المتعاملين معه ثانيا .نجاح يأتي من خلال الاتصال الصادق و الفعال ، و النقدير للامور ، و بناء المعرفة الحقيقية ، و التصميم على النجاح ، و التكوير و الادارة المجتمعة لخلق قيم المنظومة الصادقة لاجل النجاح.
رؤساء الوزراة المتميزون ، هم الذين يضعون الخطط و الرؤية و الهدف و الاخلاقيات ، و هم انفسهم نماذج لبيئة التميز و الصدق.
و عندما لا يصدق رئيس الوزراء ، و يتمادى في اخفاء حقيقة اتفاق كتبه بيده و المسودة موجودة في يد رئيس مجلس النواب الاردني الاسبق ، فان هذا نذير فقدان المصداقية ، فقدان ثقة الشعب و النواب و مؤسسات المجتمع المدني في كل ما يصرح به رئيس الوزراء.
العلاقا ت الخارجية ، الامور المالية ، البناء ، الاشغال ، المواد ، التقنية ، المعولوماتية ، المياه و الري ، كلها تحتمل الخطاء و الصواب ، و لكن فقدان المصداقية و الظهور الى العلن بهذ ه الصورة يطرح السؤال : كيف ينظر الشارع الى الحكومة بمجملها بعد هذا ؟
اعود فاذكر بكلام الصحفي المصري الكبير على امين و الذي قال :ان السياسة هي فن الكذب ، و بطرافة الشعب المصري ذو الاحساس السياسي بالواقع عندما قالوا : الحق على الطليان....وهو ما قد يستفيد منه الرئيس لينجو من فعلته!
aftoukan@hotmail.com