الانتخابات النيابية كل عام
عبد المنعم عاكف الزعبي
29-01-2013 05:43 AM
الانتخابات دفعت معدلات النمو الاقتصادي بحوالي 0.35 بالمئة..
من يقرأ عنوان المقال يدرك تماما أنه لا يمثل مقترحا جديا ولا يعكس واقعا ممكنا يتناسب مع البيئة السياسية والتشريعية في المملكة.
بيد أن تقييم هذا الاقتراح من ناحية اقتصادية مجردة مع افتراض عدم وجود أي أثر سياسي أو اجتماعي لمجلس النواب يبدو مجديا بطريقة لافتة تتجاوز التوقعات.
تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن النشاط الانتخابي الأخير قد ضخ ما يقارب 100 مليون دينار في السوق الأردني على شكل دعاية واستهلاك وغير ذلك من أوجه النشاط الاقتصادي.
هذه الأموال وما احتوته في ثناياها من مال سياسي غير قانوني لم تكن لتنفق لولا الانتخابات النيابية، وبمعنى أنها أسهمت بكامل قيمتها في دفع معدلات النمو الاقتصادي بحوالي 0.35 بالمئة في 2013.
الانتقادات التي انصبت على التبذير في الدعاية والمال السياسي تجاهلت إلى حد كبير الفائدة الاقتصادية والاجتماعية المجردة لهذه الأنشطة، حتى المحرم منها محليا ودوليا.
حيث إن هذا الزخم في الإنفاق قد تمكن بالفعل من تعويض قصور الحكومة في وظيفتها الاقتصادية الأولى ممثلة بتحقيق توزيع عادل للثروة الاقتصادية ومكتسبات التنمية.
فهذا الزخم وما تضمنه من مال سياسي ليس إلا نتيجة حتمية لتقصير الحكومة في تأسيس شبكة أمان اجتماعي تحمي الفقراء وتقيهم شر العوز المادي الذي قد يصل بالمواطن حد بيع إرادته السياسية.
ولمن لم يقتنع بالطرح السابق أن يعود إلى نشرة وزارة المالية ليرى بعينه انخفاض نفقات المعونة الاجتماعية بـ 100 مليون دينار خلال عام 2012 رغم الظرف الاقتصادي الصعب و الاستثنائي للعام نفسه.
من الجهة المقابلة، لم يلتفت كثير من المحللين إلى أن الأموال المنفقة على الانتخابات كانت مجمدة في البنوك وتمثل في ثناياها عجزا حكوميا عن تحصيل الضرائب وفرضها بشكل عادل وتصاعدي بغية إعادة إنفاقها على الاقتصاد لخدمة الطبقات المتوسطة والفقيرة.
المعطيات السابقة تؤكد أن النشاط الانتخابي قد أدى الدور المفترض للحكومة في توزيع الثروة ومكتسبات التنمية الاقتصادية بين طبقات المجتمع، إذا ما تم النظر إليه بأسلوب مجرد.
وإذا أضحت فرضية غياب الأثر السياسي والاجتماعي لمجلس النواب (والمشار لها أول المقال) حقيقة وواقع فلا بأس من أن يعقد الأردن انتخابات نيابية كل عام، فينمو الاقتصاد ولا ينام فقير من دون وجبة عشاء.
النظرة الأولى لتركيبة مجلس النواب لا توحي بغياب الأثر السياسي والاجتماعي فحسب...
العرب اليوم