الآن تبدأ مهمة تشكيل الحكومة!
باتر محمد وردم
28-01-2013 06:18 AM
بعد أن انقشع غبار المعركة الانتخابية بكل ما نجم عنه من نتائج سلبية وإيجابية، ندخل الآن في المرحلة الأكثر صعوبة وتعقيدا وضبابية، وهي تشكيل أولى الحكومات “البرلمانية” في المسار الإصلاحي الجديد. وفي البداية لا بد من توجيه الدعاء بالتوفيق لمن سيضطر إلى حمل هذا العبء الصعب، ليس في قيادة الحكومة فحسب بل في التفاوض مع حوالي 100 نائب وكتلة على الأقل من أجل الاتفاق على النتيجة النهائية.
في خطابه في منتدى دافوس الاقتصادي قبل يومين كرر الملك عبد الله الثاني نفس الجملة التي وردت في الورقة النقاشية الثانية والتي تؤكد “تكليف رئيس الحكومة الجديد سيتم من خلال التفاوض مع مجلس النواب”. هذا تغير جذري على طريقة تشكيل الحكومات لأن الحوار مع النواب سيكون في مرحلة “التكليف” وليس “التشكيل” وهذا يعني أن اسم رئيس الوزراء “لن يصدر بتكليف من الملك” بل من خلال تشاور مع النواب، ولكن هذه بحد ذاتها ايضا قضية صعبة.
المعطيات تشير إذا إلى أن الحكومة الحالية سوف تبقى على الأقل حتى نهاية الجلسة الأولى من مجلس النواب السابع عشر والتي سيتم من خلالها إلقاء خطاب العرش، واختيار رئيس مجلس النواب ومساعديه. عملية اختيار رئيس مجلس النواب ستكون أول تمرين لكشف توجهات الكتل النيابية في هذا المجلس. أمامنا الآن 123 نائبا فرديا وحوالي 23 قائمة انتخابية. بعض هذه القوائم لديها “مخزون” من النواب الأفراد مثل “الوسط الإسلامي” الذي أعلن وجود 16 نائبا ثم طالب برئاسة المجلس والحكومة معا! من حق الوسط الإسلامي طبعا أن يطالب بذلك ولكن تحول المطلب إلى واقع يحتاج إلى أن يحصل مرشح الحزب على أكثر من نصف اصوات المجلس في حال تشكيله الحكومة أو الأغلبية في حال الترشح لرئاسة المجلس.
نظريا تبدو رئاسة المجلس اقرب إلى “الرؤوس الكبيرة والمخضرمة” التي تواجدت في المجلس منذ بضع دورات وكان لها نصيب من الرئاسة في السابق، وسيحاول كل منهم أن يجتذب أكبر عدد من النواب الجدد إلى “فريقه” المعتاد من النواب السابقين. عملية انتخاب رئيس المجلس ستكشف التحالفات الجديدة وربما تظهر مفاجأة مفادها أن النواب الجدد قد يتفقون ايضا على نائب جديد للرئاسة ويلتزمون بمنحه الأصوات الكافية؛ ما قد يحدث انقلابا في تركيبة الكتل النيابية ولكن هذا يبقى مستبعدا.
هل سيكون الرئيس القادم من خارج البرلمان؟ الاحتمال كبير جدا ولولا ذلك ما كان الملك ليضع تلك الفقرة الاحتمالية في ورقته النقاشية الثانية. كون هذه الدورة هي الأولى لمجلس جديد غير واضح المعالم ربما يتم تقديم “لائحة” من بضعة اسماء مقترحة لسياسيين مخضرمين وتوافقيين من خارج المجلس بحيث تقوم مجموعة من الكتل التي تمثل الأغلبية بالاتفاق على اسم واحد، فيبدأ مشاوراته بعد ذلك لتشكيل حكومة قد تضم نسبة كبيرة من النواب الذين يمثلون الكتل التي ستظهر وتنشأ في الأيام القادمة وبالتالي تضمن نيل أغلبية الثقة.
ما نخشاه بأن سباق الكتل الهلامية الجديدة على المناصب الوزارية سيفرز حكومة ضعيفة، ووزراء يضعون نصب أعينهم تسديد الحساب للناخبين الذين وقفوا وراءهم في دوائرهم الانتخابية وليس لبلد يواجه الكثير من التحديات ويحتاج إلى أفضل الشخصيات التي يمكن أن تسهم في عملية الإصلاح. في المجلس مجموعة من الكفاءات المتميزة التي يمكن أن تسهم في حكومة ناجحة، ولكن الاحتمال الأكبر هو أن الحاجة ستكون إلى ضمان أغلبية الكتل الكبيرة عن طريق توزير نواب من كتل مختلفة بدون تجانس حقيقي. ولكن دعونا ننتظر قادم الأيام في تجربة استثنائية لن تخلو من المفاجآت.
batirw@yahoo.com