نقول للهيئة .. أي أرقام نُصدِّق ؟
د. عدنان سعد الزعبي
28-01-2013 04:17 AM
لا أستطيع أن أقول للهيئة المستقلة بعدما سمعت واطلعت على النتائج الانتخابية وعلى تعاملها مع الاعتراضات والاحتجاجات الانتخابية إلا عظم الله أجركم ، حيث لا أستطيع أن أجد جوابا لهؤلاء الذين يُشككون في نتائج الانتخابات في بعض المراكز ، ويتجمهرون ويُصَعِّدون ، ويطالبون بإعادة الفرز ، أو حتى الانتخابات . لا نريد أن نصل إلى مستوى الصدامات ، لمجرد نتائج انتخابية تَدخّل بها بعض الصغار أو أخطأ فيها الصغار والكبار . لا أستطيع أن أتصور أن هيئة بعظمة صلاحيتها ومرجعيتها القانونية الواضحة ورئيسا بهذه الخبرة الدبلوماسية الحكومية يقبلون بأن تهبط مستويات تعاملهم مع الحقائق إلى مستوى شَعرْنا أنه استخفاف بالمواطنين واستهتار بالمؤسسات الرقابية والإعلامية ، والعديد العديد من الجهات التي جاءت متأملة تجربة أردنية فريدة ، وملكية ديمقراطية تتجاوز المألوف ، خاصة وأنها تعيش وسط أتون ملتهبة ! لنجد مصائب حلّت ومصالح تسابقت وقرارات عشوائية زادت الأمر تعقيدا .
من السهل علينا أن نُزمّر ونُصفّق للهيئة ومَن عَمِل في فلكها ارضاء وتَملُّقًا كما تعودت الأجهزة الرسمية المختلفة. لكن فاجعة النتائج وما يُكشف من حقائق يوما بعد يوم ، وتَطلُّعنا إلى وطن القانون و العدالة يؤلم مَن لديه أمل بهذا الوطن ، ويُحزِن من لديه رحمة وشفقة على هذا المواطن المغلوب على أمره . فكفى تلاعبا بمصائره و حفرا تحت أساسات البناء ، ولأذرع الأخطبوط تطويقا لأعناق الشرف وخنقها بالدّاء المسموم .
فكيف سنعزز الثقة والمصداقية بالمؤسسة الانتخابية بعد أن نجح الخاسر وخسر الناجح ، وأية إعادة تقويم ومراجعة تلك التي بلغ الاستخفاف فيها حد إهانة كرامة وشعور المواطن وتحطيم مفهوم الحقيقة إلى مثل هذا الحد المُشين. فلا نستطيع أن نميز من الفائز ومن الخاسر ، فدلُّونا على الصواب صوّبكم الله .
وكيف سنفسر رسوب نائب أعلن نجاحه وبعد 3 أيام لنعيد ترسيبه وننجح من كان خاسرا رغم وضوح الأرقام وضوح الشمس . من المسؤول عن ضياع مصداقية الانتخابات ولو عند عدد من المواطنين عندما يجدون أن ارقام صندوق واحد تتغير 3 مرات في البلقاء وخرجت النتائج مغايرة للحقيقة رغم وضوح الأدلة وبشاعة التلاعب .
أشفق على الهيئة في تجربتها الأولى عندما سمعت من أحد المرشحين الذي أمضى قسطا وافرا من عمره مدعيا عاما وقاضيا عن التجاوزات والمخالفات التي تُدمي العقول والقلوب ، وكأن الوطن يمضي بلا ضوابط رادعة ولا هيبة حيث استباح العديد حرمات الصناديق وبالأسلحة ، وتم خطف إرادة الناخبين بالقوة على أبواب مقار الانتخابات ، ناهيكم عن أسماء المئات من المسافرين والأموات الذين تم تصويتهم .
الهيئة يجب أن لا تعالج الخطأ بالخطأ كما فعلت في موضوع البلقاء لتثبت النتيجة ، كان عليها تطبيق روح القانون وتفعيل المادة 53 خاصة وأن نتائج الفرز الثاني بيَّنت أن الأرقام الأولية غير دقيقة للمرشحين جميعا، فمن أين أتت هذه الأرقام ؟! وما الغاية منها وكيف حسبها صاحب الأمر والشأن ؟؟!! . لتأتي عملية التصحيح الثانية بنتائج أشد قسوة على كرامة وإرادة الناخب بحرمانه من الحقيقة وعدالة الانتخاب التي تعطي كل ذي حق حقه .
أي أرقام نُصدق ، وأية نتيجة سنعتمد ؟ وهل بقيت بعد ذلك مصداقية حتى نثق بأية نتيجة تُخرجها الهيئة ؟
المرشحون يتقاطرون على صحيفة العرب اليوم ليسجلوا اعتراضاتهم وشهاداتهم المرة ويتحدثون عن قصص أشد مرارة في التدخل وتغيير إرادة المواطن ، والتي ستنشرها العرب اليوم تباعا كما عوّدت قراءها ، إيمانا منها بإيصال الحقيقة للمواطنين بغض النظر عمّن يقبل أو لا يقبل هذا الواقع .
خيبة أمل واضحة بدأت تظهر في العديد من المناطق ، ليس لمجرد "فشة الغل " كما يحاول بعضهم تصويرها ، بل من الظلم الذي أحسوا أنهم وقعوا ضحيته من جراء أخطاء الهيئة واللجان التي هي في الأساس اللجان القديمة نفسها التي أدارت انتخابات 2007، و2010 وغيرهما . نتائج بدأت تتضح ومواطنون شعروا بالظلم فهل ننصف المظلومين ونعيد إحياء الامل بتشبثنا بالعدل والمساواة ؟ .
Ad_alzoubi@alarabalyawm.net
العرب اليوم