في أسبوع الطفيلة .. بكر خازر المجالي
27-01-2013 05:53 PM
عمون - في اسبوع الطفيلة على تويتر وبناء على طلب عدد من الشبان الناشطين ، قدم الدكتور بكر الخازر المجالي ما يملكه من معلومات ووثقائق من اجل خدمة ارشيف المحافظةز
وقد خص الدكتور المجالي "عمون" بهذه المعلومات الهامة :
الطفيلة في الثورة العربية الكبرى
د. بكر خازر المجالي
تميزت معارك الطفيلة في الثورة العربية الكبرى بأنها حاسمة ومثلت نقطة تحول رئيسية ، وهي من المعارك الرئيسية في تاريخ الثورة العربية الكبرى والتي تعرف بأنها معارك ثلاث :
الاولى احتلال مكة المكرمة مع بدء عمليات الثورة العربية الكبرى
والثانية احتلال العقبة في 6 تموز 1917م
والثالثة النصر الكبير على اكبر حشد للجيش التركي في حد الدقيق في 25 كانون الثاني 1918م .
وتاليا قراءة تحليلية في معارك الطفيلة الثلاث بدءا من الاحتلال في 15 كانون الثاني 1918م الى معركة النصر في حد الدقيق في 25 كانون الثاني 1918م الى معركة التراجع والاستعادة في 7 آذار1918م.
أ. الطفيلة من المحطات الهامة في مسارات الثورة العربية
لم نجد في المراجع التاريخية اسم "الطفيلة" كما نلفظه اليوم، ولعل تأنيث الاسم محدثا " وجاء تخفيفا" في اللفظ لميل اهل البلاد الى تحريف وتحوير الاسم، حتى يصبح سهل اللفظ وليشيع هذا الاسم الجديد فيما بعد ليصبح اسما "رسميا" للمنطقة .
والطفيلة اسم عربي واعجمي فالمعنى العربي للاسم يرتبط بطبوغرافية المنطقة وبسبب خاصية التربة فيها حول عيون الماء الوفيرة والكثيرة والتي يكون التراب حولها غروياً على شكل "طمي" وهو يسمى بالطفيل، هذا اضافة لما يورده البعض ان المنطقة كانت تشتهر بطيور عملاقة اسمها "الطفيل" وسمي الوادي التي تعيش فيه بوادي الطفيل وسميت المنطقة نسبة لهذا الوادي ....
اما ياقوت الحموي فيذكر البلده بأسم "طفيل" في معجم البلدان في الجزء الرابع منه (ص 37) ويقول ان طفيل بلدة في وادي موسى قرب بيت المقدس ولعل النسبة لوادي موسى، هو بسبب اشتهار هذا لوادي في المنطقة ولم يكن اشهر منه فيها .
والطفيلة في تسمياتها تعود الى اصول آرامية والتي تعني الغرى والطين وهي ليست اسما محددا لمنطقة معينة بل اسم لمنطقة واسعة تمتد من منطقة عابل جنوبا حوالي "7 كيلو متر" الى مناطق عفراء وضباع ورحاب شمالا " حوالي 12 كيلو متر" وحتى عابور شرقا حوالي 12 كيلو متر الى منطقة النمتة وصنفحة "7 كلم "لكن بلدة الطفيلة الحالية تتميز بموقعها الهام الاستراتيجي وتوفر الحماية الطبيعية الجغرافية لها ويلاحظ ان الحماية هذه قد عززت بمواقع اخرى خارج منطقة قلعة الطفيلة ومثلث طوقا "يحمي الطفيلة ذاتها وهذه المواقع التي هي اثار وخرائب حاليا "شاهدة على الحضارة الاصلية والفعالة التي كانت موجودة في المنطقة وهذه الخرائب اذا ما تعرفنا عليها فنجدها فعلا " تحيط بالطفيلة احاطة السوار بالمعصم وهي :
- من الشمال: خرائب نوخه ومجادل وكركا والقرن وبطينة والسبع.
- من الشرق: خرائب العيص والنصرانية، وخانق اللوز والخضراء وام الحرمل .
- من الغرب: خرائب ام الشعير ورويم وصنفحة
- من الجنوب: خربة المياسر وقصر الدير .
ويقع خارج نطاق هذه الخرائب اثار متعددة اهمها موقع مملكة الادوميين الذين اتخذوا من بصيرا عاصمة لهم .
وقد شهدت الطفيلة حضارات بشرية متعددة تعاقبت عليها لأهمية موقعها، وخصوبة تربتها، وتوفر المياه فيها ووعورة المكان حولها، حتى ان المراجع تدرس اسم الطفيلة كاشتقاق روماني من اسم قديم" دي تيفلوس" وهذا يعني ام الكروم والاسم البيزنطي ايضا للمدينة قديما "كان اوغسطوبوليس" وهو اسم من مقطعين يعني مدينة اوغسطو حيث ان بوليس (Polis) تعني المركز او المدينة .
والطفيلة منطقة جبلية صعبة لا توجد فيها مساحات واسعة منبسطة الا في المنطقة الشمالية باتجاه وادي الحسا، حيث يتوفر سهل منبسط ضيق بطول حوالي "9 كلم " وبعرض حوالي" 4 كلم " فقط، اما في الجهات الشرقية فطبيعة المنطقة متموجة تكثر فيها الاودية المتفاوته في العمق والطول، وتصعب التضاريس جنوبا لكنها حادة وشاهقة وصعبة جدا عندما تتجه غربا حيث تشرف المنطقة على وادي عربة ..
ووعورة المنطقة وخصبها وكثافة غاباتها ووفرة المياه فيها، ووجود خامات معدنية متعددة، منها النحاس والمنغنيز والفوسفات والاسمنت اكسبها اهمية خاصة جعلها موطناً، لحضارات عديدة متعاقبة، فهي لم تخل مطلقا من الاستيطان على مر التاريخ فقد كانت منطقة الطفيلة مصدرا للنحاس والحديد لمنطقة المشيرفة في الكرك حيث كانت تصنع السيوف المشرفية وشهدت الطفيلة مقتل رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن عمير الازدي في السنة الثامنة للهجرة وعلى اثرها كانت سرية زيد بن حارثة ومن ثم غزوة مؤتة .
والخرائب والاثار العديدة هي دلالة واضحة على الاستيطان البشري والحضارات فيها اضافة الى العديد من الخرائب الاخرى والتي يصل عددها الى (25) خربة مختلفة وعدة قصور اثرية، منها قصر التوانة في الغرب وقصر اللعبان في الشمال، وقصر التنور ورمسيس والقديس وقصر كاترينا .
وفي الطفيلة مقام جابر الانصاري وقد ذكره صبحي العمري في كتابه المعارك الاولى ص 163 حيث قال "لقد عسكر الامير زيد بن الحسين مع 30 متطوعا من عقيل في جنوب المدينة بجوار مزار يقال له جابر الانصاري" وبعد البحث حالياً عن هذا المقام وسؤال العديد من السكان في المنطقة تبين بأنه الموقع الذي تقوم عليه او بالقرب منه تماما مركز شرطة الطفيلة حالياً وهنا لا بد من الاشارة الىان القول جنوب البلدة على اعتبار ان بلدة الطفيلة كانت القلعة وما حولها من بيوت قليلة، بحيث جاز القول في حينها ان مقام جابر الانصاري هو في جنوب البلدة، والاصح انه في شرق البلدة مع الميل جنوبا "بالنسبة للقلعة ولكنه حاليا هو في منتصف مدينة الطفيلة يعلو التلال التي تحتضنها الجبال الشرقية الجنوبية .
والطفيلة اذا اعتبرناها مركزا " لما امتداده 18 كلم شمالا " و 18 كلم جنوبا ضمن قاطع عرضه 10 كلم نجد ان هذا المستطيل يتميز بالخصب ووعورة المسالك ومناخه بارد جدا "شتاء"، وما ان تخرج من محيط هذا المستطيل لجهة الشرق فانك تدخل في اقليم الصحراء وعند الخروج منه من جهة الغرب فأنك تواجه بسلسلة "الجبال الشاهقة والجرداء، التي تشكل اكتاف وادي عربه الذي شهد ثاني صدام مسلح بعد مؤته عندما اجتمعت الروم فيه وهاجمهم ابو امامة الباهلي وقتل رجلا منهم برتبة بطريق (بطريرك) "فهاجموه وقتلوه هو وجماعته وشهدت منطقة وادي عربه في طرفه الشمالي مقتل كعب بن عمير الغفاري على يد عامل غساني اسمه سدوس ايضا "في منطقة السلماني حاليا حيث قلعة ضحل الصغيرة التي تبعد حوالي 1 كلم الى الجنوب قليلا من النصب المقام حاليا تخليدا لهذه الواقعة .
وشهدت منطقة غرب الطفيلة غزوة ذات السلاسل ولكن المؤشرات التاريخية تشكك في مكان الغزوة فقد تحدث عنها الطبري الذي يرجح مكانها في وادي الحرير والذي يقع الى الغرب على بعد 13 كلم تقريبا حيث بير التوانة وعين الحرير، وتوجد منطقة هناك لغاية الآن تسمى بالسلاسل وهذه تقع ضمن الامارة الجذامية التي كان يتزعمها فروة بن عمرو الجذامي، الذي رحب بالدعوة الاسلامية قبل وصولها فقتله الرومان وصلبوه ومقامه في عفراء "حالياً "وتقول المصادر التاريخية ان ذات السلاسل تقع في منطقة جذام والتي كانت تشمل المنطقة من شمال معان حتى الطفيلة .....
ولعل منطقة العيص هي ما ذكرته الاسفار القديمة باسم "عوض" في بلاد آدم وترجع المصادر ان هذه الخربة التي يوجد فيها بناء قديم عثماني الطراز يتوسط البلدة باتجاه طرفها الغربي وهو معجور تماماً"وخرائب مهدمة ، ترجح المصادر ان هذه كانت مستقر ايوب عليه السلام كما ورد في قصص الانبياء (ص 349)" حيث كان ايوب يملك ثروة حيوانية ضخمة تدل على كثافة السكان في المنطقة، والا لما كانت هذه الثروة الضخمة لايوب عليه السلام المؤلفة من 7 الاف من الغنم و 500 من البقر ، و500 من الحمير ، و3 الاف من الجمال .
نقدم هذه التوطئة للتوثيق بالطفيلة تاريخياً" وحضارة، والتي اكتسبت اهمية خاصة على مر العصور، وشهدت احداثاُ مهمة في مطلع هذا القرن وكانت هدفاُ " استراتيحياً" لقوات الثورة العربية الكبرى حيث يتجدد التاريخ فيها وتصدق رؤية العظام القدماء وتتحدث الرؤية في مطلع القرن العشرين فقد اعتبرها قادة الثورة العربية الكبرى على درجة من الاهمية السياسية والعسكرية والاجتماعية وتجلت الطفيلة في وقفة اهلها الى جانب الاستقلال العربي بقيادة الشريف المنقذ الاعظم الحسين بن علي ...........
3. احتلال الطفيلة 15/1/1918
الدخول الى الطفيلة يوم 15 /1/ 1918
لقد اوردت المراجع واجمعت المصادر على ان العرب شرعوا في تنفيذ عملياتهم من معسـكر القويرة بدءا من النصف الاول من شهر كانون الثاني 1918، وتمكنت القوات العربية بقيادة الشريف ناصر بن علي 12 كانون الثاني 1918 من احتلال جرف الدراويش (والتي سنذكر معركتها فيما بعد)، وتقدمت القوات باتجاه الغرب نحو الطفيلة لتلتقي مع قوات الشريف مستور التي قدمت من الغرب عن طريق وادي عربه، وعندما علم الحاكم التركي زكي الحلبي بقدوم القوات العربية اتخذ قراره بالانضمام الى قوات الثورة العربية مما دفع بسمو الامير زيد ان يعينه حاكما على الطفيلة/ وقد جاءت ظروف الاستلام او اتخاذ قرار الانضمام للاسباب التالية :-
1. عدد حامية الطفيلة نسبياً فهو لم يتجاوز المائتين والخمسين حسب معظم الروايات وهذا يجعلها ضعيفة امام هجمات عربية كثيفة ومن اتجاهين .
2. تأثرت الحامية بانتصار العرب السريع في جرف الدراويش والتي وصلتهم انباؤه ومعرفتهم بزحف العرب يوم 12/1/1918 من الجفر باتجاه الغرب على الطفيلة.
3. ان الوضع العام داخل الطفيلة يؤثر على سلوك الحامية وقرارات قائدها، فقد كان للاتصالات من قبل مشايخ الطفيلة اثرها في سرعة اتخاذ هذا القرار .
4. تتواجد جالية ارمنية في داخل الطفيلة وهي التي هاجرت من وطنها بسبب البطش التركي، وقد احتموا في المنطقة واستجاروا بأهلها واصبحوا مواطنين فيها وقد ناصرهم العرب واستمروا في موقفهم في الطفيلة كذلك .
لقد كان من السهل على القوات العربية الدخول الى الطفيلة، فدخلتها ورفعت الرايات العربية فيها يوم 15 كانون الثاني 1918 وكان القائد حينها الشريف ناصر بن علي وبعد بضعة ايام – كما يروي سليمان الموسى في تاريخ الاردن بين الماضي والحاضر ص48- دخلها الامير زيد ومعه 100 جندي نظامي ومدفعان جبليان، واسندت للامير زيد قيادة المواقع التي تشرف على البحر الميت وكان يرافقه راسم سردت وصبحي العمري وهذه المعلومات نقلا عن ما ذكره العجلوني في كتابه ص 52 (مذكراتي، محمد علي العجلوني) .
والعجلوني يفند روايات لورنس حول دخول الطفيلة وحديثه عن بعض النزاعات العشائرية، والعجلوني نفسه كان مع الشريف مستور القادم من جهة الغرب ويذكر ان الحرب قد اخت بين العرب جميعا ولا ينكر وجود بعض الصراعات القبلية التي كانت تظهر بين فترة واخرى والتي كان الامير زيد يعالجها بحكمة ويقول العجلوني – ص52 ان لورنس كان يسجل الظواهر الشاذة مهما كانت تافهة ويبني احكامه الخاصة بطريقته.
4. الاجراءات بعد دخول الطفيلة
اصبح ميدان العمليات واسعا، وامتد لمسافات جديدة بعد دخول الطفيلة واحتلال محطة جرف الدراويش، واحتلال الشوبك وهذا يتطلب اعادة النظر في اسلوب العمل لمواجهة الظروف الجديدة خاصة وان العرب يدركون ان الاتراك سيقومون بهجمات معاكسة بهدف استعادة المواقع التي فقدوها خاصة لأهمية هذه المواقع، ولمواجهة الظروف الجديدة فقد اتخذ الامير زيد الاجراءات التالية
أ. تنظيم القادرين على حمل السلاح وتدريبهم وتسجيلهم كمتطوعين في قوات الثورة .
ب. ارسال قوات مراقبة امامية بقيادة الشريف مستور الى منطقة سيل الحسا لمراقبة الوضع ورصد تحركات القوات التركية وتألفت هذه القوة من عدد من الخيالة.
جـ. ارسال عدة رسائل الى شيوخ الترك والعشائر يخبرهم فيها بالوضع العام والاجراءات القادمة داعيا اياهم لدعم قوات الثورة في عملياتها .
د. توزيع المكافآت المالية على العشائر وشيوخ وزعماء النواحي .
هـ. اعادة نوري السعيد الى العقبة ليبدأ بتأليف وتنظيم فرقة مشاه نظامية خاصة بعد ملاحظة قدرة الجنود النظاميين على التعامل مع التحصينات التركية بطريقة افضل من المتطوعين وغير المتطوعين .
و. تنظيم الارمن لمن يرغب منهم في التطوع والعمل مع القوات العربية وقد جرى تدريب شبابهم على السلاح وتم تنظيم مجموعة منهم على شكل فريق عمليات خاصة قامت بعمليات ناجحة ضد الاتراك .
معركة حد الدقيق 25 كانون الثاني 1918
(الطفيلة – العيص – حد الدقيق – رجم كركا- خربة نوخه – مجادل)
****************************
1. تقدير القوات التركية
2. مسارات القوات التركية
3. تنظيم القوات العربية
4. موقع المعركة
5. ميدان المعركة
6. سيناريو المعركة
7. النتائج
مسار النصر الكبير
من اهم مسارات الجيش العربي التي سلكها وهو يخوض معركة حاسمة وكبيرة ضد القوات التي زحفت في محاولة لاستعادة الطفيلة بعد ان احتلها العرب في 15 كانون الثاني 1918 وكان هدف القوات التركية استعادة هيبة الباب العالي واعادة الثقة للجنود في الجبهة بعد عدة هزائم تلقتها القوات العثمانية في جبهات مختلفة .
كان ميدان المعركة متداخل ويشمل مساحة واسعة تمتد من منطقة العيص المرتفعة والتي عندها يبدأ الانحدار نحو مدينة الطفيلة غرباً/ والى منطقة مجادل وخربة كركا وخربة نوخة وهذه معالم توجد في سهل حد الدقيق المنبسط، الممتد ما بين العيص جنوباً وحتى سيل الحسا شمالاً وهو فوق هضبة مرتفعة تنحدر بشكل ساحق نحو الغرب باتجاه بلدة عيمة ...
ونقرأ هنا في سيرة هذه المعركة الحاسمة يوم 25 كانون الثاني 1918م:
1. تقدير القوات التركية
تختلف المراجع في تقدير قوة الهجوم التركية والاختلاف يرجع الى ان الباحثين في هذا الموضوع هم اما مشاركين في المعركة وهؤلاء الاقرب للدقة او باحثين اعتمدوا على روايات مختلفة ومتباينة ومتعددة فاخضعها هؤلاء لتحليلهم واستنتاجهم فجاءت النتائج متباينة .
وتالياً تقديرات بعض النتائج :-
أ. تقديرات امين سعيد في كتابه الثورة العربية الكبرى ص 250/ج1
ويقدر عدد هذه القوة كما يلي :
- 2000 جندي مشاة - 40 رشاش
- خيالة عدد قليل - 06 مدفع
ب. محمد العجلوني في ذكرياته عن الثورة العربية الكبرى ص 52/53
يذكر هنا ان حامد فخري قائد تركي من اصل شركسي ويحمل وساما المانيا رفيعا، وكان معه في المانيا ورومانيا قوة منتخبة من الجنود المدربين والضباط الاكفاء باسلحة حديثة سريعة ويطلق على هذه المجموعة اسم (مرتب فرقة) اي فرقة منتخبة ويقول عن عددهم كما يلي :
1000 جندي مشاة
؟ مدفعية
؟ كوكبة فرسان
قوات الجاندرمة في الكرك بقيادة محمد الحموي .
جماعة من المتطوعين بقيادة مشافق المجالي .
ج. قدري قلعجي في جيل الفداء ص 247
يذكر ان الاتراك ارسلوا من الكرك اربع كتائب وسرية بغالة، وهنا يذكر ما ورد نصا "وبينما كانت سائرة في وادي موسى بلغ العرب خبرها …. وهذه مغالطة تاريخية وجغرافية فلم تصل القوات الى وادي موسى في حينها وانما المقصود هنا وادي الحسا وقد يكون الأمر خطأ مطبعيا او غير ذلك ولكن يتكرر هذه الخطأ عند قدري قلعجي .
د. مصطفى طلاس في كتابه الثورة العربية الكبرى ص239
نقلا عن مذكرات الامير زيد بن الحسين ص 62/63 يقول ان تقدير القوة كما يلي :
- لواء يتألف من 3 كتائب من الفرقة 48
(لاحظ هنا ان كل الروايات تقول الفرقة 47)
- 27 مدفع رشاش
- مدفعان جبليان نمساويان
- مدفعا ميدان (لم يجر استعمالها بسبب وعورة الطريق ويطلق الاتراك على هذا النوع من المدفع اسم القدرتلي )
- سرية خيالة
هـ. سيد علي العدروس في الجيش العربـي الهاشـمي
ص80/81
يذكر ان قوة الترك كما يلي:
600 جندي من الفرقة 48
100 خيال
مدفعا هاون
و. منيب الماضي وسليمان الموسى في تاريخ الاردن بين الماضي والحاضر ص 49/50
يذكر ان الفرقة 48 بقيادة الامير الالاي حامد فخري زحفت الى الطفيلة وتألفت قواته من :-
3 طوابير قوامها 900 جندي مشاة
100 خيالة
مدفعي هاوتزر جبليين
27 مدفع رشاش
جماعة من المتطوعين
وسليمان الموسى يذكر في كتابه الحركة العربية ص 310 ان عدد الحملة يزيد عن الف جندي ومعها مدفعان ضخمان ورشاشات .
ز. ويروي صبحي العمري في كتابه المعارك الاولى ص 176 على لسان الزعيم جميل البرهاني ان فرقة حامد فخري– الفرقة 48– كانت تتألف من الالوية التالية :-
- اللواء 150 بقيادة فائق بك
- اللواء 151 بقيادة كنعان بك
- اللواء 152 بقيادة توفيق برتو بك
لم تشترك هذه الفرقة باكملها في المعركة بل ترك قسما منها في مناطق المسؤولية لحماية الخط الحديدي من عمان وحتى الفريفرة، ويقدر عدد المشتركين في المعركة بـ:
- 1500 من قطاعات المشاة
- سرية خيالة
- سرية النقلية (النقليات).
- المخابرة
- فصيل الخبازين
- سرية المقر (سرية القيادة)
- مرتبات من درك الكرك بقيادة الملازم محمد الحموي
- متطوعين من العشائر بقيادة مشافق المجالي
ويكون المجموع العام ما لايقل عن 2000 جندي
الخسائر :-
ولنكمل دائرة البحث حول عدد القوات المشاركة نذكر الخسائر التي لحقت في القوات التركية لتعطي دلالة على حجم التشكيل وتكون قريبة تفيدنا في موضوع الاستنتاج …..
أ. فالخسائر لدى محمد علي العجلوني وهو مشارك في المعركة يقول في ذكرياته ص 53 ان الفرقة ابيدت بكاملها ولم يبق منها الا تسعة وعشرون ضابطا وما يقرب المائتي جندي وقعوا في الاسر .
ب. لم يذكر امين سعيد شيء عن حجم الخسائر
جـ. يذكر قدري قلعجي ص 248 في جيل الفداء ان القتلى كثر، واستسلم 600 جندي وغنم العرب 4 مدافع سريعة الطلقات .
د. مصطفى طلاس في كتابه الثورة العربية الكبرى ص 241 يذكر الخسائر التالية :
400 قتيل من بينهم القائد حامد فخري (القائد العام لقوات الهجوم التركية)
320 اسيرا منهم 17 ضابطا
200 من الخيل والبغال
22 رشاشا
2 مدفع نمساوي
نجا عدد قليل من الاتراك هربوا باتجاه الخط الحديدي .
هـ. سيد علي العدروس يذكر في (الجيش العربي الهاشمي) ص 82 ان الخسائر كانت .
400 قتيل
218 اسير
مدفعين
350 حصان وبغل
ويورد العدروس تقريرا من الجانب التركي ورد على لسان حسين حسني الضابط العربي في هيئة الاركان حينها يقول فيه انه عاد الى الكرك 21 ضابط و421 فردا من اصل الحملة التي قوامها 600 جندي وضابط .
ويورد تقريرا اخر على لسان الكابتن الالماني ستوبر (شتاير) يورد فيه ان الخسائر التركية لم تزد عن 159.
و. سليمان الموسى ومنيب الماضي في تاريخ الاردن بين الماضي والحاضر ص 51 يذكران الخسائر كانت
- 700 قتيل على الاقل
- 250 اسير بين ضابط وجندي
- 27 مدفع رشاش
- 200 حصان وبغل
- مدفعين جبلين من طراز سكودا
- لم ينج من الاتراك اكثر من خمسين رجلا
ز. مذكرات الامير زيد بن الحسين ص 77 ورد نص الرسالة التي بعث بها الامير زيد قائد المعركة الى الشريف الحسين بن علي بعد المعركة بيوم واحد اي في 26 كانون الثاني 1918 وفصلت هذه الرسالة الخسائر التركية كما يلي :
- 300 قتيل على الاقل
- 9 ضباط اسرى
- 150جندي اسرى
- 17 رشاش
- مدفعان من نوع قدرتلي ومجموع من البغال والخيال لم يحصوها وافادت الرسالة ان عدد الناجين لا يتجاوز المائة وعشرة، ونستنتج ان مجموع القوة التركية في حدود 570 جندي وضابط، وفي رسالة اخرى في 27/1/1918 من الامير زيد الى الامير فيصل حول المعركة ونتائجها اكد على الغنائم الواردة في الرسالة الاولى ويضيف عليها 200 من البغال تم الاستيلاء عليها اثناء تقهقر الجيش التركي.
ولدى قراءة للخارطة في كتاب علي العدروس وهي الخارطة رقم 8 التي توضح مسرح العمليات يوم 25 كانون الثاني 1918 نقرأ عليها المعلومات التالية عن حجم القوات التركية والعربية :
القوات العربية القوات التركية
القائد الامير زيد بن الحسين القائد حامد فخري بك
1000جندي(قوات نظامية) بقيادة عبدالله الكتيبة 151/3003
الدليمي وراسم سردست .
50(متطوعا) بقيادة النقيب اسماعيل نامق الكتيبة 151/3 300 جندي
200 (حجازي) غير نظاميين سرية فرسان 100 خيال
مدفعان جبليان مدفعان جبليان (استراليوت)
اربع رشاشات بقيادة صبحي العمري 33 رشاش
قوات متطوعة غير نظامية من اهالي
قرية عيمة .
قوات متطوعة غير نظامية من اهالي قرية صنفحة .
لكن في نفس مذكرات الامير زيد وكما يروي سليمان الموسى ص 43 يذكر ان الامير فيصل كتب لابيه رسالة في (6 شباط) وصف فيها مراحل القتال وقال ان الامير زيد هو الذي ادار المعركة واشاد بشجاعة الضابطين راسم سردست وعبدالله الدليمي ، ويذكر الامير فيصل ان خسائر العدو كانت
400 قتيل منهم القائد حامد فخري مدفعان جبليان
320 اسيرا منهم 17 ضابطا بينهم قادة الكتائب 22 رشاش
200 دابة (خيل وبغال) خيام ومعدات اخرى والات وهاتف
ونلاحظ ان مجموع القتلى والاسرى هو "720" علما ان حجم قوات العدو هو 600 جندي و 100 خيال وفقا لمصادر مصطفى طلاس وعلي العدروس وهو ايضا يصل الى 200 جندي وفقا لمصادر صبحي العمري- الذي شارك في المعركة – وتقديرات امين سعيد، ونعود هنا للقول ان الاختلاف في التوثيق هو ان القادة لم يستخدموا مفكرات حرب لتوثيق ورصد الاحداث حتى ان الذين شاركوا في العمليات فأنهم لم يبدأوا بتدوين مذكراتهم الا بعد فترة طويلة فالعجلوني بدأ بكتابة مذكراته في1956 وصبحي العمري صدرت مذكراته في كانون الاول 1919 لاول مرة .... والقضية في الحفاظ على الجوهر الاساسي لمفهوم عمليات كل عملية عسكرية، ورصد الاجراءات العسكرية والوصول الى النتائج التي تجمع عليها معظم المراجع والدراسات وتبقى قضية الاعداد وتقدير حجم القوات المشاركة ليست ذات اهمية يحتمل تأثيرها على القضايا الاساسية بقدر ما تكون مهمة لتعميق الدراسة والبحث في الاحداث للوقوف على الحقائق والوصول الى الاستنتاجات المنطقية البعيدة عن العاطفة والتهويل والتي تخدم المعرفة الصحيحة وتتفق مع التاريخ السليم للاحداث حفظا للحق والحقيقة، وصيانته على مدى الاجيال القادمة .
2. مسارات القوات التركية
من مطالعتنا للمراجع المختلفة نجد هناك تناقضا في الاوامر الصادرة لقوات الفرقة 48 للتقدم نحو الطفيلة فقد اورد صبحي العمري- كما ذكرنا سابقا ان جمال باشا الاصغر قائد القيادة الذي ينتمي اليه حامد فخري قد صرح انه سيعدم حامد فخري لو انه لم يقتل في هذه المعركة لانه قام بهذه الحركة دون امره اضافة الى ان النصائح اليه كانت بان ينزل بقواته في محطة جرف الدراويش لكنه لم يفعل ونزل في القطرانة، وهنا يورد السيد العدروس في كتابه تاريخ الجيش العربي الهاشمي ص 81 رغم اعتداد حامد بك وثقته المطلقة بقوته الا انه كان جاهلا بطبيعة المنطقة الجغرافية، فبدلا من ان يسلك الطريق الصحراوي السهل الى جرف الدراويش ومنها الى الطفيلة التي في ذلك الوادي العميق ذي المسالك الوعرة، سلك طريق وادي الحسا الصعب والذي يتيه فيه الانسان حيث يصعب على الماشي اجتيازه بسهولة .
كان خط القوات التركية"واضحاً" فالانطلاق من عمان بواسطة القطار وصولا الى القطرانه حيث نقطة الترجل والتجمع، ولتحريك القوات باتجاه الغرب الى الجنوب قليلا وصولا لبدايات وادي الحسا وتسير القوات عبر الوادي ليصل الى منطقة اللعبان حيث مشارف المعركة المعروفة بمنطقة حد الدقيق، ويشير لورنس في رسالة له عن معركة سيل الحسا وهي نفسها معركة الطفيلة ان حامد فخري تحرك من الكرك باتجاه الطفيلة 1 الى منطقة حد الدقيق هذه المنطقة التي تشكل الطرف الشمالي لميدان المعركة ذاته- وتشتهر المنطقة بجبل حد الدقيق المحاذي لوادي اللعبان .
وتصل المسافة التي قطعتها القوات التركية وصولا لميدان المعركة حوالي 60كلم ... والواضح هو ان وصول القوات التركية 23/1/1918 للقطرانة وتقدمهم عبر وادي الحسا وعسكرت هناك ليلاً ليصلوا في مساء اليوم التالي 24/1/1918 الى منطقة حد الدقيق ومن ثم يحصل الاشتباك الاولي وتحتدم المعركة لليلة كاملة وتستمر المعركة خلال اليوم التالي 25/1/1918 وتبدأ المعركة تميل لصالح العرب من ظهر ذلك اليوم وتتحول كليا بعد ظهره لتبدأ عمليات المطاردة والقضاء على القوات التركية مع دخول مساء يوم 25/1/1918.
اما مسارات القوات التركية المحتملة فهي كالتالي :-
المسار المحتمل الاول :
القطرانة – منطقة جبل الاطاويل وجبل الرويضي- منطقة قصر نعمان وقصر ابو ركبة وقصر النمرة – منطقة ذات رأس – منطقة شقيرا الغربية- العينا- مرورا بوادي الحسا باتجاه الغرب- وادي اللعبان- حد الدقيق/ وباختصار مسار الكرك – جنوبا الى سيل الحسا ثم سهل حد الدقيق فمشارف الطفيلة .
المسار الثاني المحتمل :
القطرانه– منطقة السلطاني جنوبا – منطقة الابيض – وادي سوح الحرب- قصر محي –شقيرا الشرقية- العينا – وادي الحسا – وادي اللعبان – حد الدقيق .
لا تحدد المراجع المختلفة المسار الصحيح لان الحديث عن الاشتباك والمعارك انما يبدأ من منطقة اللعبان ونهاية سيل الحسا، حيث يورد السيد العدروس في الجيش العربي الهاشمي ص 81: في ليلة 24-25 عسكر حامد بك بقوته في وادي الحسا ومن حسن حظ العرب ان مجموعة من البدو كانت تخيم في نفس الوادي اتقاء البرد فتنبهت للوجود التركي فقامت بازعاج القوه في تلك الليلة وطيلة اليوم الثاني" ثم واصل حامد بك تقدمه واحتلت قواته التلال المطلة على المدينة من الشمال مع ظهر اليوم الثاني ويخبرنا العجلوني في مذكراته ص 53: اتصل نبأ زحفنا بالامير زيد ومن انها وصلت السهل الذي يمتد بين وادي الحسا والجبال التي تقترب من بلدة الطفيلة ويضيف فسارعت الحامية بقيادة راسم سردست وكمنت لها في المسالك امامها، ونفر اهالي البلدة جميعا الى المرتفعات حول السهول التي تسير فيها الفرقة الزاحفة، وفي كتاب الحركة العربية لسليمان الموسى ص 310 يذكر وبعد ان اجتازت هذه القوة وادي الحسا واقتربت من الطفيلة اشتبكت معها القوة العربية بقيادة الامير زيد يوم 25 كانون الثاني 1918 في معركة استمرت يوما كاملا .
اما صبحي العمري فهو يذكر في اوراقه ص 165 وتوزعت القطاعات التي ذكرتها في خط دفاعي متجهه للشمال باتجاه العدو المنتظر من طريق الكرك؛ ويضيف في نفس الصفحة: واخر اخبار الصباح تفيد انه قد اجتاز منحدرات وادي الحسا الجنوبية وهو متجه نحونا وان الشريف مستور وخيالته تقوم بحرب الاعاقة وبأن عربان الحويطات بدأت تصل الى اطراف مسير العدو .
واوضح الامير زيد بن الحسين وجهة العدو في رسالته الى الامير فيصل في 12 ربيع الاخر 1336 الموافق 25/1/1918 والتي يذكر فيها: العدو تعرض علينا من وادي الحسا الى ان وصل خطوط مدافعة الطفيلة وبعد محاربة 24 ساعة هجمت عليه جنودكم البواسل وطردته وكسرته شر كسره اما مصطفى طلاس نقلا عن مذكرات الامير زيد يقول في كتابه الثورة العربية الكبرى ص 239 وقد تحركت هذه القوة عن طريق القطرانة- الكرك وعندما وصلت وادي الحسا الكبير واثناء اجتياز هذه القوة للوادي قام الشريف مستور بمناوشتها والاصطدام بطلائعها
وعليه فان الارجح هو المسار الاول يبدأ من القطرانه باتجاه الغرب الى العينا ثم جنوبا الى وادي الحسا فوادي اللعبان ... وتشير الوثائق الى انضمام الجند والدرك في الكرك بقيادة الملازم محمد الحموي وانضمام جماعة من متطوعي الكرك بقيادة مشافق المجالي للقوات التركية، وهذه تعطي الدليل على ان خط سير القوات كان الاقرب الى الكرك وهو طريق سهل في بدايته ولكن وعند البدء في السير في وادي الحسا فان المنطقة شديدة الوعورة بدليل ان الاتراك لم يتمكنوا من الاستمرار بجر مدفعين كبيرين بسبب وعورة الطريق ...
3. تنظيم القوات العربية في الطفيلة
دخلت القوات العربية الى الطفيلة يوم 15كانون الثاني 1918 من اتجاهين:-
من الغرب : بقيادة الشريف مستور
من الشرق : بقيادة الشريف ناصر بن علي
توفرت معلومات عن القوات التركية من حيث العدد والتنظيم اما عن تنظيم القوات العربية في الطفيلة حتى عشية معركة الطفيلة فقد تفاوتت التقديرات ولكن ضمت القوات العربية قواتا نظامية على رأسها حامية الطفيلة وعددها حوالي 180جنديا وقواتا غير نظامية لقوات المتطوعين بقيادة بركات المجالي ومتطوعي بني صخر والعقيلات وقوات حرس الامير زيد الخاص اضافة الى القوات التالية:
20 جنديا نظاميا
30 خيالا من المطالقة
220 من اهل الطفيلة
13 رشاش
1 مدفع جبلي
وشارك بقيادة هذه المعركة القادة :
راسم سردست
عبدالله الدليمي
محمد علي العجلوني كان ضمن لجنة احصاء الاسرى والغنائم
اشرف احمد
سجان الجناسي
الشريف عبدالله بن العريد
زكي الحلبي
اسماعيل نامق – قائمقام الطفيلة
الشريف مستور
جعفر العسكري
ذياب العوران
محمد الغصين
وقد اوضح مصطفى طلاس حجم القوات العربية في كتابه الثورة العربية الكبرى ص 240 حين يقول "تقدمت عند الظهيرة قوة من الجنود العرب النظاميين من الطفيلة تقدر بخمسين فارسا ومائتي متطوع ومعهم خمسة رشاشات واربعة مدافع ميدان، ومدفع جبلي واحد على رأسها الامير زيد بن الحسين ومن ضباطها راسم سردست وعبدالله الدليمي، وكان يعاضد هذه القوة ويساندها رجال الطفيلة والقرى المجاورة خاصة قرية عيمة، وكذلك فرسان الحويطات والمطالقة وعلى رأسهم حمد العرار الجازي الذي اقسم ان يضحي بنفسه في سبيل القضية العربية.
4. موقع المعركة
ادرك العرب ان الاتراك لن يسكتوا عن احتلال الطفيلة، بل سيتحركون لاستعادتها، للاهمية التي تتمتع بها هذه المنطقة وكما ذكر فان الاجراءات التي اتخذت بعد دخول الطفيلة، بنيت على الافتراض بأن الاتراك سيهاجمونها لذا كان القرار بأرسال قوات تعمل كحجاب في المنطقة المتوقع ان يسلك منها العدو ويقترب باتجاه الطفيلة، وقاد هذه القوات الشريف مستور ورابطت في منطقة وادي الحسا حيث اتجاه التهديد المتوقع ....
وكان النقاش حول البقاء في الطفيلة او التحرك الى مكان آخر ولكن وبصفتهم المدافعين كانت لهم القدرة على اختيار موقع المعركة
- فاحتمال البقاء في الطفيلة يعني ان القوات العربية لن يتوفر لها ميادين الرمي الواسعة اضافة الى فقدانها كامل السيطرة على الارض باعتبار ان مدينة الطفيلة تقع في صحن عدة جبال محيطة مرتفعة تسيطر تماما عليها بجعلها هدفا سهلا للمدفعية والرشاشات ومن السهل فرض رقابة لصيقة عليها.
- لذا كان القرار بالخروج من الطفيلة وكان الموقع بين خربة العيص وصولا الى خربة كركا في السهل الضيق المحصور بين بداية الانحدار الى الطفيلة جنوبا حتى بداية الانحدار الى وادي الحسا شمالا هو الموقع المناسب لتنفيذ خطة دفاعية محكمة ..... ويتميز الموقع بانه الاقرب الى خط التماس الاول اذ ما اعتبرناه بانه الخط المار عبر وادي الحسا من الشرق الى الغرب وبوادي اللعبان/ والقادم لهذا السهل فان عليه ان يمر بمناطق وعرة كثيره وعليه ان يصعد الى هذا السهل مما يجعله عرضه للنيران والمراقبة والسيطرة على تحركاته ويفقده زمام المبادأة ويجعله في موقف رد الفعل باستمرار وعليه فقد جاء تنظيم القوات العربية على اساس الارض والموقع والقوى البشرية كما يلي :-
الامير زيد بن الحسين / القائد العام لمسرح العمليات
الميمنة راسم سردست على رأس الخيالة في ابو بنا( الطفيلة في نهاية سهل حد الدقيق )
الوسط محمد الغصين على رأس حرس الامير زيد الخاص باتجاه كركا
الميسرة صبحي العمري اهل عيمة من خلف خرائب نوخه ومجادل
عبدالله الدليمي المدفعية في تل مجادل
الحجاب الشريف مستور مشاه وخياله في وادي اللعبان والحسا
5. ميدان المعركة
ارض المعركة سهل منبسط ضيق فيه مواقع مرتفعة على شكل منفرد في القسم الغربي من السهل/ يميل هذا الخط نحو الشرق حيث يبدأ بمرتفع نوخه حيث بقايا خربة كبيرة ثم بعد 3 كلم تقريبا وبخط مستقيم يميل الى الشرق قليلا خربة مجادل وهي خليط من الخرائب الرومانية والتركية والمطموس معظمها في التراب، وتبدو بعض الاقواس الحجرية منها وبعدها وعلى نفس الامتداد خربة كركا، وهي رجم حجري اسود يشرف على طريق الطفيلة والكرك وعلى مدخل وادي اللعبان ومخرج وادي الحسا وتكثر الاودية والمنحدرات الى الغرب من خط الخرائب هذه وتنبسط الارض وتبدو سهلة الى الشرق منها حتى تصطدم بسلسلة من الجبال المتصلة تبدأ من صويميع جنوبا مرورا بشيظم ووادي شيظم وتمتد حتى جبال ابو اصبح، وتتفاوت الارتفاعات بين 1271 مترا 1195 مترا و1076 مترا .
ونلاحظ ان ميدان المعركة تحيط به سلسلة من القرى من جهة الغرب حيث تبدأ بعيمة، ثم ضبابة، ثم رحاب، وتتميز ارض المعركة بانها من النوع الترابي الذي يتشكل طينا ووحلا بسرعة، فاذا ما اخذنا بالاعتبار ان العمليات كانت شتاء فهذا يعطي ميزة للمدافع بانه يستطيع ان يراقب ويصب اكبر قدر من النيران على المهاجم لطول وقت تعرضه للمراقبة والنيران بسبب بطء سيره نتيجة العوائق الطبيعية هذه في منطقة تشتهر ببردها الشديد لارتفاعها عن مستوى سطح الارض ولكونها في مواجهة الرياح الغربية ومباشرة ، وميزة اخرى توفرت للعرب هي خبرتهم في المنطقة ومعرفة المخارج والمداخل وقدرتهم على المناورة، وهذه جعلتهم يتفوقون على المهاجم ويقاتلون فوق ارض يطمئنون اليها .
6. سيناريو المعركة
وصل الاتراك الى القطرانة في 23/1/1918م وتقدموا الى الطفيلة عبر طريق القطرانه الكرك ثم وادي الحسا يوم 24/1/1918 وتمت المعركة وفقا للسيناريو التالي:-
- اشتباك اولي بالمصادفة مع قوات عربية تعسكر في منطقة وادي الحسا وهذا الاشتباك سبب القلق والازعاج للقوات التركية مساء يوم 23/1/1918م.
- اشتباك مع قوات الحجاز بقيادة الشريف مستور يوم 24/1/1918 للتأثير على معنويات القوات التركية واعاقة تقدمها .
- وصول المعلومات لقوات الامير زيد عن حجم قوات العدو واتجاهها .
- اجتياز القوات التركية منطقة وادي الحسا وتغلبها على جيوب المقاومة ووصلت جوانب وادي الحسا العليا الجنوبية، وهذه ترتفع بشكل حاد ومتعرج .
- وصول القوات التركية الى مقدمة سهل حد الدقيق الذي يبدأ مع بدء سفح جبل حد الدقيق، والذي هو كتف وادي اللعبان .
- ثم تركزت القوات العربية والتي اوردنا تنظيمها وعددها في الجزء الجنوبي من سهل المعركة بالاستناد الى خربة العيص وجبل الطفيلة ومستفيدين من مواقع خربة نوخه ومجادل وكركا والتي وفرت السيطرة والمراقبة وتتوفر ميادين الرمي الامامية الواسعة الجيدة فيها .
- مع ظهيرة يوم 24/1/1918 اشتبكت القوات التركية مع القوات العربية .
- بدأت جموع العرب تتوافد للمعركة بعد تفرقها نتيجة معركة جرف الدراويش هذه الجموع التي كانت تقدم زخماً جديدا في كل مرة للمعركة بحيث حافظت القوات العربية على كثافة النيران بل عملت على زيادتها باستمرار، وهذا اربك الاتراك وجعلهم يعيدون حساباتهم من جديد .
- بدأ العدو بقصف مواقع نوخه ومجادل لتمركز قوات المدفعية والرشاشات فيها
- تقرر ان تكون القوة التي تتقدم من مواقعها لمقابلة العدو كما يلي:
أ- رشاشات عدد 2
ب- البغالة
جـ- المدفع التركي مع حظيرته (10افراد )
د- يكون عبدالله الدليمي ومعه 12 بغلا مع الامير زيد
هـ- يكون صبحي العمري مع فصيل رشاشات
و- يعين اسماعيل نامق قائداً لقوة التقدم
- وتقرر ان تبقى القوات التالية في مواقعها
120 جندي مشاه
المدفع المصري
الملازم بهاء الدين نوري
- احتلال المواقع الشرقية والسيطرة على طريق الكرك الطفيلة والتقدم بثبات والرمي باتجاه العدو .
- تقدم صبحي العمري وتمركز في موقع ما بين نوخة ومجادل وهنا صادف ثلاثة رجال متجهين نحو التلال المطلة على ميدان المعركة .
- اخبر الرجال الثلاثة صبحي العمري انهم متجهون نحو اهل عيمة المرابطين فوق تل خربة بطينة ويستعدون للهجوم، وهنا جرى التنسيق معهم على ان لا يهاجموا حتى يسمعوا صوت صليات رشاش، وان يخبروا اهل عيمة، واتفقوا على ذلك واتفقوا على انهم سيعطونهم اشارة بالتلويح بالمناديل البيضاء عند وصولهم لاعلامه بوصول المعلومات الى الجميع هناك .
- استمرار الاشتباكات طول ليلة 24-25/1/1918 وبشكل متقطع وغير حاسم بسبب رداءة الاحوال الجوية من جهة وبسبب عدم توفر معدات الرؤيا الليلية اصلا وعدم استخدامها بتلك الفترة مع القوات العسكرية .
- اشتدت المعركة صباح 25/1/1918م
- تقدم اهل عيمة وهاجموا الاتراك من الجهة اليسرى وصعدوا الجبل الحاد وهذا كان غير متوقع بالنسبة للاتراك الذين اصبحوا عاجزين عن استخدام اسلحتها وتنفيذ تعبيتها الحربية .
- مقتل حامد فخري القائد العام للقوات التركية واسر قادة الكتائب وبدأت الهزيمة تظهر وتبدو في صفوف القوات التركية .
- بدأ واضحا للعرب ان المعركة اصبحت معركتهم وهم يديرونها ويملكون زمام المبادرة فيها، وكثفوا هجماتهم باتجاه العدو الذي بدأ يتقهقر .
- لقد كانت ميمنة القوات التركية قوية الى حد ما لان قوات الحجاب لم تمسك اكتاف وادي الحسا جيدا، بل انسحبت والتحقت بالقوات العربية وهذا اثر على المعركة واطال من وقتها .
- تشكلت فورا قوات جديدة عربية
أ- قوات محمد الغصين ومهمتها اختراق صفوف القوات التركية
ب- قوات راسم سردست ومهمتها الضغط على العدو وارغامه على التقهقر وجعل انسحابه غير منظم .
- استخدمت في المعركة وسيلة تضليلية وهي استخدام (الطقاقات). كان تنظيم اعداد الرشاش كما يلي :
3 جنود للرمي
5 جنود لحمل البنادق والذخيرة والتزويد والماء وكل جندي لديه بندقية
كل رشاش له طقاقة وهذه مهمتها عند توقف الرشاش عن الرمي يقوم الجنود بضرب الطقاقة بحيث تعطي صوتا يشبه الرشاش وتوهم العدو بان لدى العرب رشاشات كثيرة العدد وموزعة وقد وزعت الطقاقات هذه مع الرشاشات ووضعت على مسافة 50 مترا من الرشاش
- قبل مقتله صاح حامد فخري القائد التركي قائلا( ان العرب قد قلبوا قواعد الحرب عاليها سافلها) وذلك بسبب الاسلوب الذي اتبعه العرب فهناك قوات نظامية اتبعت اساليب القتال الصحيحة اما القوات غير النظامية التي كانت تقاتل فقد اتبعت اساليب مبتكرة ومفاجئة في مقارعة العدو .
- قبل غروب يوم 25/1/1918 اكمل العرب هزيمة القوات التركية وغادر من نجا من الترك الى الكرك وغيرها .
- تشكلت لجنة لجمع الغنائم واحصائها وتسليمها للقيادة ولاحصاء الاسرى ايضا من محمد علي العجلوني .
اشرف احمد
سجان الجناسي
- كان لورنس يراقب الوضع ولم يتدخل عسكريا بأي شكل كان في المعركة ولم يشعر العرب بوجوده على خلاف مزاعمه التي بعث بها لقيادته والتي يزعم فيها انه وبتوجيهاته وتعليماته تمكن العرب من تحقيق النصر في الطفيلة .
7. النتائـج
انتهت هذه المعركة بتوجيه ضربة قاصمة للاتراك وكانت ردود فعل القيادة التركية يظهر فيه الاستياء من هذه الهزيمة وقد مثلت الطفيلة بالنسبة للعرب ما يلي :
- انها اول مدينة يحتلها العرب بقوات نظامية وينفذون خطة دفاعية حققت الانتصار الواضح .
- تعتبر معركة الطفيلة هذه بحق واحدة من معارك الحرب العالمية الاولى وهي معركة من اشد المعارك قسوة على الاتراك فهذه هي المعركة الوحيدة التي يتم فيها ابادة قوات تركية كاملة .
- اعطت المعركة هذه العرب دفعا جديدا في اعادة التنظيم، وازداد عدد الجيش، وكتب الامير زيد للامير فيصل ولجلالة الملك الحسين بن علي شرح لهم هذه المعركة ويعرض مطالبه واقتراحات لتطوير الجيش استعدادا للعمليات المقبلة.
- ارتفعت المعنويات العربية وبدأوا فعلا يعملون من اجل تحقيق اهداف الثورة العربية الكبرى، ويشعرون انهم يستطيعون تحقيق الاهداف التي من اجلها يقاتلون .
انتهت هذه المعركة وقد كانت الخطة العربية ان يتقدم العرب باتجاه الكرك لتحقيق الهدف الاستراتيجي بالاتصال مع القوات البريطانية لكن شدة البرد ووطأة الطقس والثلوج، اضافة لحاجة الجند للادامة، واعادة التنظيم جعل العرب يرجئون التقدم نحو الكرك، لتنفيذ مرحلة من مراحل العمليات العسكرية لكن تحقق فتح الكرك بدون عمليات عسكرية وسيتضح كيفية ذلك من خلال العملية التركية الجديدة ضد القوات العربية في الطفيلة في 7 اذار 1918 خلال البحث في المسارات القادمة ....
معركة اعادة التوازن واستعادة الطفيلة يوم 7 اذار 1918
جرف الدراويش – بئر التوانة – خربة عابور – وادي الحرير – السلاسل – العيص – الطفيلة
*****************************
1. المقدمة
2. الاستعدادات التركية
3. الاستعدادات العربية
4. التقدم التركي لاستعادة الطفيلة
5. القتال
6. خط الانسحاب التركي
معركة استعادة الطفيلة
1. مقدمــه:-
كانت الطفيلة اول مدينة يستولي عليها الجيش العربي في مسرح الاردن/ وقبلها كان استيلاؤهم على العقبة ، ومثلت الطفيلة الانتصار الثالث للثورة العربية بعد العقبة وجرف الدراويش، وهذا جعل الاتراك يدركون انه لا مجال امامهم الا القضاء على الثورة العربية عسكريا ..
كانت ردود الفعل التركية سلبية ازاء ما حصل لقواتهم في الطفيلة، وهم احوج ما يكونون الى ما يرفع معنوياتهم ويعزز مواقفهم في الجبهات المختلفة، ويعزز انتصارهم الذي احرزوه على البريطانيين في جبهة الجاليبولي في عام 1915وفي كوت العمارة في جنوب العراق في 1916 .
لقد بلغ العرب حد الزهو في انتصارهم في الطفيلة وليس ابلغ من ذلك ارتداء جندي عربي لزي حامد فخري بعد سقوطه صريعا، مرتديا نياشينه واوسمته وسلاحه ليوجه رسالة معنوية فاعلة وفورية في ميدان المعركة.
2. الاستعدادات التركية
بدأ التخطيط التركي للثأر من القوات العربية واستعادة الهيبة التركية في المنطقة والحيلولة دون تقدم العرب لاحراز انتصارات جدية باتجاه الشمال لأن هذا يعني الضغط على جبهة تركيا الجنوبية ومساعدة قوات الحلفاء في تحقيق واحراز موطئ قدم لهم في الضفة الشرقية لنهر الاردن .
لم تكن المعلومات متوافرة عن الحشد التركي ولكن يظهر في رسالة من الامير زيد الى الامير فيصل مؤرخة في 3 شباط 1918 ما نصه:- " احوالنا لم تتبدل. العدو يحشد قوة في الكرك ولا اعرف ما هي نواياه ولكن الحقيقة ستظهر قريبا فاما ان يتمركز في الكرك او يتعرض علينا..." ولكن في رسالة اخرى في 9 شباط 1918 من الامير زيد الى الامير فيصل يذكر فيها العدو حشد قوة في الكرك تتألف من خمسماية خيال وقسم مشاة والاخرى وهي اكثر من قوة الكرك في القطرانة ايضا اضيف قسم الى قوة الدراويش ولا اعلم قصده من ذلك (الاخبار التي تردنا من جواسيسنا وغيرهم ان العدو يريد التعرض علينا)" وفي رسالة اخرى في 21 شباط 1918 من الامير زيد الى جعفر العسكري يقول فيها " اشكرك على تنبيهكم لنا بشأن تحشدات العدو في القطرانة والكرك فليكن معلومكم ان العدو حشد قوات ليست في الحسا والجرف خلال المركزين الاوليين والمصادمة بيننا وبين العدو يوميا ..) واظهر نص الرسالة هذه وجود اشتباكات في منطقة وادي الحسا والجرف وفي شباط تمكن العرب من تدمير قطارين واربع مكائن. ومن حشد قوات العدو وبدء توارد المعلومات عنه نجد ما ورد في الرسالة المؤرخة في 5 اذار 1918 من الامير زيد الى الامير فيصل التي يوضح فيها الحالة النفسية للعرب " العدو لديه مدفع 12 سانتيم سريع الماني ، كسر معنوية الصغير والكبير علاوة على الطيارة ...).
وعن الطريق الذي سلكته القوات التركية فقد اورد السيد العدروس في كتابه الجيش العربي الهاشمي ص 84 ما نصه تعلمت الدرس من هزيمة القوات التركية الاولى التي قادها حامد فخري وتقدمت مباشرة من الكرك الى الطفيلة عبر وادي الحسا الوعر المسالك متبعا الطريق الروماني القديم، ولتجنب خطأ حامد فخري، ركبت القوة القطار من عمان ونزلت في محطة الحسا جرف الدراويش التي تبعد نحو 20 ميلا شرق الطفيلة وتقدمت على الطريق المسمى درب السلطاني الصاعد عبر ارض منفتحة لا يوجد بها وديان عميقة كوادي الحسا " .
وتتطابق المراجع التاريخية في ذكر طريق تقدم القوات التركية وتـأليف هذه القطاعات لكن الاختلاف في استمرار المعركة والايام التي استغرقتها، وما هو حجم الاشتباكات التي حدثت وهذا ما سنكشف عنه .
3. الاستعدادات العربية
اعتاد العرب بعد كل عملية عسكرية ان يتفرقوا ونخص بالذكر القوات غير النظامية التي ما تكاد تكمل مهمتها حتى تعود الى مضاربها، تحمل ما تيسر من الغنائم، وهذا ما حصل فعلا بعد هجوم جرف الدراويش الناجح في 12/1/1918م متفرقين وعلى دفعات متباعدة وافاد ذلك ادامة زخم المعركة وارباك الاتراك، وهذا ما حصل ايضا بعد معركة الطفيلة وهزيمة فخري باشا حيث عاد العرب الى مضاربهم خاصة وان بعض البدو بينهم خلافات معينة وهم يتجنبون البقاء معا في منطقة واحدة ويورد لورنس في اعمدة الحكمة السبعة بعض هذه الخلافات بين الجازي والتوايهة مثلا حيث يعتبر الجازي ان منطقة الطفيلة هي ضمن اراضيهم او تحاديها ولا حق للتوايهة في القدوم اليها وغير ذلك من الروايات ومثل هذه الاحداث كان يركز عليها لورانس لأنها ترضي اتجاهاته وتفكيره الذي يتفق مع تفكير المجتمع الذي ينتمي اليه، والذي يرغب في رؤية العرب متحاربين عاجزين عن قيادة انفسهم لا يهتمون بالمصالح الكبيرة والاستراتيجية وغير ذلك .
وبدأت الاستعدادات العربية لمواجهة التطورات المستقبلية المحتملة منذ هزيمة القوات التركية في 25/1/1918 ولعل وثائق واوراق الامير زيد تعطينا الدلالة الواضحة على الاهتمام الكبير في اعادة تنظيم وتسليح القوات العربية وزيادة عددها وكانت هذه الاستعدادات تتم في ثلاثة اتجاهات :
أ. اتجاه التسليح والتنظيم للقوات المتواجدة في الطفيلة بطريقة تؤمن المنطقة، خاصة من جهة التهديد المحتملة وهي المنطقة الشمالية من جهة وادي الحسا وطريق الطفيلة – الكرك .
ب. اتجاه الاستمرار في الحصول على المعلومات عن نوايا الاتراك المقبلة ورصدها تجنبا للمفاجأة وقد اوضحنا ان العرب قد اعتمدوا على العملاء في الحصول على المعلومات وهذا ما ورد في رسالة الامير زيد الى الامير فيصل المؤرخة في 9 شباط 1918 عندما يذكر الاخبار التي تردنا من جواسيسنا وغيرهم ...".
جـ. اتجاه تتبع العدو وملاحقته ومشاغلته في مواقع تحشده للتأثير عليه ومثل هذا ما ورد في رسالة الامير زيد الى الامير فيصل – المؤرخة في 3 اذار 1918 حيث يقول " القوة الموجودة في الجرف تقارب السبعمائة خيال والف جندي ولذلك استرحم من مولاي ان يأمر من يلزم لأشغال العدو من الجنوب بقدر الامكان كما انني اخبرت عبدالمعين يشتغل من عنده نحو السكة؛ والعدوان إن شاء الله معثور هذا مع استرحامي ارسال طيارة الى جهة الجرف لضربها." ومحتويات هذه الرسالة تعطينا الدلالة على ما يلي:
1. الاستمرار في الحصول على المعلومات عن طريق الاسرى والعملاء .
2. بعد الرؤيا العربية في التخطيط العسكري وتوجيه الضربات الاستباقية في محاولة للتأثير على العمليات العسكرية التركية المقبلة بحث توجه الضربات للقوات في مواقع تحشدها .
3. الاهتمام بالمعنويات وتعزيز الثقة بالنصر من اشارة الامير زيد في رسالته : والعدوان ان شاء الله معثور .
4. تهديد الخطوط الادارية للقوات التركية والمتمثلة اساسا في خط سكة الحديد والاستمرار في تدمير الجسور وتخريب قضبان السكة كلما امكن .
وقد اكد الامير زيد بن الحسين كقائد لمسرح عمليات الطفيلة على ضرورة تزويد القوات بالذخيرة والاسلحة وتأمين الاسناد الجوي، وهنا يقول الامير زيد في رسالته المؤرخة في 3 اذار 1918 ... العدو لديه اربع طيارات في القطرانه والحسا .... يلزم سرعة ارسال طياراتنا ولو من جهة فلسطين ...
لقد ادرك العرب في الطفيلة صعوبة الموقف بسبب نوايا العدو المؤكد للهجوم على الطفيلة بقوات كثيفة وهائلة مسندة بالمدفعية والطائرات وبقيادة تركية والمانية وبلغارية وقد عبر الامير زيد في نفس رسالته السابقة 3 اذار 1918 حيث يقول " وضعيتنا في الوقت الحاضر ليست طيبة، حيث ان ثلث قواتنا مجبورين نبقيها نحو درب الكرك والثلثين نحو السكة ..." وفي رسالة له لجعفر باشا العسكري في 3 اذار 1918 قال فيها " ... اننا مهددون من قوة العدو التي في الكرك والمؤلفة من خمسماية خيال وقسم بيادة (مشاة) ، نحن متوكلين على الله ....
لقد جاءت رسائل الامير زيد الى الامير فيصل والى قادته العسكريين لتعبر عن مدى التصميم العربي لمواجهة الخطر والتصدي له، واظهرت حجم الاستعدادات العربية التي تتفق وحجم التهديد المتوقع، ويلاحظ في رسائل الامير زيد خلوها من الديباجة والتنميق بل جاءت رسائله لتشرح واقع الحال تماما تنطق بالصدق والحقيقة التي تميز بها العرب في تعاملهم مع الاحداث وكان توقعهم ان هذا التصرف سيواجه ايضا بالصدق والمنطق من قبل الحلفاء ....
4. التقدم التركي لاستعادة الطفيلة
اعتبر الاتراك منطقة الحسا والتي تقع الى الشرق من الطفيلة على مسافة حوالي 36كلم منطقة تجمع رقم 1 لقواتهم ومنطقة محطة جرف الدراويش والتي تبعد حوالي 32كلم شرقا عن الطفيلة منطقة تجمع رقم 2، بحيث تتحرك القوات من الموقعين باتجاه الشرق لمهاجمة الطفيلة والسيطرة على المقتربات المؤدية اليها ولعل للتفكير والتخطيط التركي علاقة في اخطاء القائد حامد فخري عندما سلك طريقا طويلا ووعرا للوصول الى الهدف، من هنا جاء التخطيط التركي لاستعادة الطفيلة وبهذه الصورة للاسباب التالية :-
1. افضل منطقة للتقرب نحو الطفيلة هو من جهتها الشرقية لأن المنطقة الشمالية وعرة جدا ولا مجال للتقرب من الغرب لطبيعة المنطقة الجغرافية ولا مجال للتقدم من الجنوب لاستحالة الحصول على موطئ قدم فيها لأن العرب يسيطرون عليها تماما .
2. اعتبر الاتراك ان المنطقة الشمالية والتي تتواجد فيها القوات التركية ومتمركزة في الكرك ستكون منطقة غلق من الجهة الشمالية وان العرب لن يتمكنوا من الانسحاب غربا لوعورة المنطقة، وبالتالي فأن الهجوم من الشرق سيدفع العرب للانسحاب جنوبا ويحقق الاتراك هدفهم بدحر القوات العربية ليس فقط عن الطفيلة وانما الاستمرار في دفعهم نحو الجنوب حتى تتمكن القوات التركية من تحقيق الاتصال من الجهة الغربية مع قواتها في معان، وبالتالي تغلق المنطقة وتعزلها وتمنع اي اتصال مع الحلفاء في جبهة فلسطين .
3. التقدم الى الحسا وجرف الدراويش يعني التقدم مع الاستناد الى القوات التركية في الخلف حيث ستبقى مواقع تحمي المؤخرة في المحطتين اضافة لتأمين خط الامداد عبر خط السكة القادم من عمان .
4. توفر المنطقة الشرقية للطفيلة ميدانَ معركة واسعٍ، خلاف المنطقة الشمالية التي توفر ميدانَ معركة ضيقٍ، فبعد اجتياز بدايةً وادي الحسا الذي يتجه شمالا ثم ينعطف غربا واجتياز وادي الطقطقي وصولا الى منطقة التوانة فأن المنطقة بعد ذلك تكون سهلية جيدة للمناورة والقتال، وتوفر مناطق تخفية وتستر وتسهل حركة الآليات والمدافع فيها وحركة المشاة ايضا، وهذه المنطقة واسعة تمتد من غرندل جنوبا لتصل الى عابور ووادي الحسا شمالا، وتمتد غربا الى الطفيلة، بمساحة واسعة بعمق 20 كلم وامتداد حوالي 30 كلم .
5. منطقة العمليات هذه مكشوفة للطائرات والاستطلاع والمراقبة في الوقت الذي تتوفر فيه خطوط انسحاب خلفية متعددة لتسمح في المناورة والتقدم للامام .
فمن قراءة الخارطة نجد ان المنطقة الشرقية للطفيلة تؤمن منطقة تقدم جيدة وصالحة لحركة المشاة والاليات والحيوانات ايضا . واذا ما اعتبرت الاسلحة المستخدمة في المنطقة في ذلك الوقت فأننا نجد ان المنطقة صالحة لحركة جميع القوات خاصة وان المنطقة بعد اجتياز جرف الدراويش غربا بمسافة 3 كلم حيث بداية وادي الطقطقي وعلى امتداد حوالي 13 كلم بنفس اتجاه الغرب، نجد ان المنطقة جبلية تتحدد الحركة فيها في خانق ضيق لا يسمح بحركة كثيفة فيه ، فاذا ما توفرت المدفعية بعيدة المدى، والطائرات التي تستطيع التدخل في الوقت المناسب فان السيطرة على هذه الطرق ستكون محكمة وتامة ولن تنجح اي قوة في اجتيازها الا بتوفر اسناد مدفعي مماثل وغطاء جوي فاعل ولعدم توفر مثل ذلك فقد تحركت القوات التركية كما يلي حتى وصلت الى اهدافها:
أ. قوات الحسا: سلكت مجموعة الطرق الترابية في وادي الرواق جنوب قلعة الحسا حيث توجد طريق مرصوفة هناك لا زالت بقية منها وعند معاينة الطريق وجدناها بعرض 3 متر تقريبا، ومرصوفة بحجارة بقي منها ما طوله 600 متر في منطقة تشتهر بكثبانها الرملية الناعمة التي تصبح لزجة ولا يمكن السير عليها عند هطول الامطار والتي تسقط احيانا على شكل عواصف رعدية تفيض في الارض، مما استدعى الترك لبناء سد بقرب القلعة في جهتها الشمالية اضافة الى عبارة مياه ضخمة يمر من فوقها الطريق المرصوف ... وتكمل قوات وادي الحسا الطريق وصولا الى وادي قلعة الشراري في الجنوب الشرقي من عابور لتلتقي هناك مع قوات جرف الدراويش وبذا تكون قد قطعت حوالي 21 كلم.
ب. حركة قوات جرف الدراويش: وهي مجموعة القوات المتواجدة اصلا في جرف الدراويش والتي اعيد تجميعها هناك بعد استعادة المحطة في وقت سابق وبعد وقت قليل من احتلال العرب لها في 12/1/1918م، تحركت هذه القوات مباشرة باتجاه الغرب سالكة سلسلة المرتفعات وصولا الى وادي قلعة الشراري بعد مسيرة 12 كلم تقريبا ليكمل الجيش التركي والالماني السير نحو وادي التوانه الذي يسير جنوبا وعلى مسافة حوالي 15 كلم من الطفيلة .
5. القتال
بدأ الحشد التركي في المحطتين المذكورتين (الحسا وجرف الدراويش) بعد ان انتهت موجة الامطار والثلوج التي شهدتها المنطقة في تلك الفترة، وتكامل الحشد وبدأ الزحف الرئيسي يوم 6 آذار 1918م ولكن الاشتباك والمناوشات كانت قد بدأت من 20 شباط 1918م، ولا يوجد ما يغطي هذه الفترة في المراجع؛ لكن اوراق الامير زيد وكما رتبها سليمان الموسى وفي مقدمة المذكرات له ص 29 يذكر ان المصادمات بين الطرفين كانت تقع يوميا منذ 20 شباط، وهذه الاشتباكات كانت قصيرة ولا تصمد فيها القوات العربية لسرعة حركة القوات التركية واندفاعها السريع والاسناد المدفعي والجوي الذي كان متوفرا لها، وامام هذا الوضع فقد قاتل العرب بجيوشهم النظامية قتال اعاقة في جميع مراحله وعلى خطوط قتالية كانت كالتالي :
أ. قتال الاعاقة في التوانة:
التوانة اول منطقة سهلية بعد اجتياز سلسلة المرتفعات الشرقية التي تمتد بعمق حوالي 15 كلم لجهة الشرق وصولا لخط سكة الحديد، والتوانة منطقة مسيطرة على الطريق وتؤمن المراقبة الجيدة من فوق المرتفعات على يمين الطريق الذي تربض فوقه خربة التوانة، وتنفيذا للسياسة القتالية العربية وهي نقل المعركة خارج الارض الحيوية، فقد حشد العرب قواتهم في منطقة خربة التوانة بعيدا عن الطفيلة بمسافة حوالي 15كلم والتوانة اول منطقة يتوفر فيها الماء بعد جرف الدراويش، واشتبك العرب مع القوات التركية يوما كاملا في 7 اذار 1918م لكن العرب اضطروا للتراجع بسبب :
1. كثافة المدفعية وقوة قصف الطائرات وكثافة النيران من الاسلحة التركية والالمانية .
2. كان هجوم الاتراك على جبهة واسعة وعلى شكل فكي كماشة او حذوة فرس، بحيث احتووا ساحة المعركة وركزوا نيرانهم على القوات العربية التي تشتت رمايتها امام هذا الوضع وفقدت قدرتها على التركيز وتوجيه نيرانها .
3. كان الهجوم التركي على شكل موجات متعاقبة ظهرت طلائعها الاولى مع نهاية سلسلة المرتفعات وبقيت الموجات الثانية في الخلف وادى هذا الى تحديد قوة النيران العربية وصعوبة تجميعها وتوجيهها نحو هدف محدد .
ب. البدء بالتراجع مع تنفيذ قتال الاعاقة
امام هذا الموقف الصعب قرر الامير زيد التراجع للخلف للحفاظ على تماسك الخطوط الدفاعية وجر العدو للنزول في منطقة الاودية لكشف نفسه ولتعريضه للنيران، وكان التراجع وفوهات البنادق موجهة للعدو ووصلت القوات الى خربة ام الحرمل وخربة السحبانية وخربة المصلى ثم اجتازت وادي الحرير وصولا الى جبل ام الارانب وبلغ خط التراجع حوالي 14 كلم تحرك العرب بها بسرعة وهي مسافة كبيرة اذا ما قيست بالمقاييس القتالية حتى وصلت القوات الى خربة العيص .
جـ. قتال الاعاقة في خربة العيص:
العيص والتي تسمّى قديما " عوص" هي مفتاح الطفيلة من جهتها الشرقية ومنها يميل وادي العيص ينفتح على الطفيلة، وصمد الامير زيد في 8 اذار 1918 في هذا الموقع وكان هدفه الاساسي هو اعطاء الفرصة لاهل الطفيلة لاخلائها بعد جلاء الموقف وتيقن العرب بأن الاتراك سيدخلون الطفيلة حتما وفعلا تمكن الامير زيد من تحقيق هذا الهدف .
د. قتال الاعاقة في الرشادية:
لقد كان الهدف التركي واضحا وهو تنفيذ سياسة " المطحنة" بحيث تتقدم القوات التركية وتتراجع القوات العربية امامهم فيبتلعون الارض ويطحنون القوات والسكان ودفعهم باتجاه خليج العقبة، وتأمين الاتصال مع القوات التركية في معان، ولهذا اندفعت القوات التركية خلف القوات العربية حيث اتخذ الامير زيد خطا دفاعيا جديدا في الرشادية على بعد 17 كلم جنوب الطفيلة، وصمد الامير زيد من جديد واستمرت المعارك على خط الدفاع هذا حتى يوم 10 اذار 1918م ولا تتوفر اية تفصيلات عنه، لكن العرب تحصنوا جيدا في الرشادية التي تتميز بتلالها المرتفعة الشاهقة التي تطل على اودية سحيقة كوادي ام زعرورة ووادي غرندل.
هـ. قتال الاعاقة في الشوبك
امام الضغط التركي انسحبت قوات الامير زيد جنوبا الى الشوبك لتقطع مسافة 20 كلم تقريبا، وهناك اتبعت نمطا قتاليا جديدا وهو استمرار الدوريات في مناوشة العدو في كل مكان وتجنب الاصطدام المباشر الجبهوي مع العدو، لكن المفاجأة هنا هو انسحاب القوات التركية وعودتها الى الطفيلة في 14 اذار 1918م فعادت قوات الامير زيد لترابط من جديد في الرشادية وبعث الامير زيد الى الامير فيصل من الرشادية ببرقية يوم 9 اذار 1918م يوضح ويلخص الموقف العام ويذكر فيها حجم القوات التركية والالمانية والنمساوية التي هاجمت في التوانة وفي رسالة سابقة ذكر سموه ان للعدو طائرات تسنده في عملياته وتالياً نص الرسالة :-
من الامير زيد الى الامير فيصل
الرشادية 26 جمادى الاولى 1336 (9 اذار 1918)
مولاي :
1- في 18 جماد الاول قررنا ان نجمع العربان ونهاجم السكة، ولهذا القصد ارسلنا الشريف علي بن عريد، ومعه مدفع واربعة رشاشات (مفرزة المغاربة) 35 سواري نظامي و 60 جندي مشاة تحت قيادة قائد مدفعية الجيش السيد راسم وارسلناهم على التونية(هي نقطة ما بين جرف الدراويش والطفيلة وتقريبا في منتصف الطريق) .
2- في 20 جماد الاول تعرض على التونية، بقوة طابورين مشاة تُرك، وطابور مشاة المان ومدفعين و150 سواري وقسم من عسكر البغالة مع رشاشات عديدة ووسائط مكملة، ودام الحرب بينهم وبين مفرزتنا الى الساعة الثامنة في النهار. العدو دخل التونية وعند ذلك الحقنا لهم الامداد من كل طرف واحطنا بهم من كل جهة واستمر القتال بيننا وبينهم ليلاً نهاراً حتى تاريخ 24 منه (7 اذار) .
3- العدو من التوانة اخذ يزحف جنوباً ويقترب من الرشادية، وقصده قطع خط رجعتنا وحصرنا في الطفيلة.
4- فلذلك اضطررنا ان نخلي الطفيلة ونزحف على الرشادية اكثر من ستة كيلو مترات ومن حين وصولنا الى الرشادية نشب القتال بيننا وبين العدو حتى تاريخه لم يدخل الطفيلة ولا يمكنه الدخول ما دمنا اخذين جانبه.
5- غداً مرادنا التعرض على العدو ودفعه الى الوراء ومن الله التوفيق .
6. طلبنا من القوة الهيشة رهط مشاة ومدفع هندي من رشاشتين ونظن انهم غداً يلتحقون بنا .
7. العدو جرد الجمال كلها التي في معان وجلبها لحربنا وايضا الاي الاسد سوار وفي معان قوة قليلة جدا فالمرجو اذا امكن تعجيل هجومكم على الجبهة، لانها فرصة، والقوة المواجهة لنا اخذنا خبر اكيد بان موجود الطابور من 500 نفر الى 600 .
توقيع /الامير زيد
و. الانسحاب التركي من الطفيلة
بعد اجتماع الترك في الطفيلة، قاموا بتدمير العديد من المنازل وتخريب بعض المواقع، واستمروا في الطفيلة حتى جاء الامر المفاجئ بالانسحاب يوم 23 اذار 1918، هذا الامر الذي جاء بسبب الزحف البريطاني من فلسطين باتجاه الشرق ومحاولة اجتياز نهر الاردن ليصل الى مرتفعات السلط، وهذا دفع القيادة التركية لتعيد حساباتها من جديد وتستعد لمواجهة هذا الهجوم البريطاني الذي كان يسير في خطين :-
- خط يتجه شمالا موازيا للبحر الابيض المتوسط
- خط يتجه في الوسط باتجاه نابلس ويتفرع منه خط باتجاه الشرق عبر نهر الاردن وصولا لمرتفعات السلط .
ولمواجهة هذا التهديد البريطاني فقد امرت القيادة التركية قواتها في الطفيلة بالانسحاب لتعزيز الجبهة حول عمان للدفاع باتجاه الغرب خاصة بعد النجاحات التي حققها الحلفاء في الجبهة الفلسطينية وبعد الانسحاب تقدمت القوات العربية لتدخل الطفيلة من جديد ولتبدأ الاستعدادات العربية لمرحلة جديدة من العمليات العسكرية .
يتداخل في المسار الخامس في عمليات الثورة العربية الكبرى اكثر من شكل ونمط من العمليات العسكرية، وهو مسار شامل لجبهة واسعة ويتميز هذا المسار بأنه ذو اتجاهين .
الاول: اتجاه مسار القوات التركية المهاجمة والتي سلكت طريقين هما عبر الحسا والاخرى عبر جرف الدراويش .
الثاني: اتجاه مسار القوات العربية، التي سلكت طريق التراجع امام القوات التركية من جرف الدراويش وحتى منطقة العيص في الطفيلة وايضاً يتميز المسار بانه ذو تأثير على مسرح العمليات البريطانية في فلسطين والتي كانت تنتظر نتائج عمليات الطفيلة لتتخذ القرار بالتحرك نحو الشرق عبر نهر الاردن للتقدم نحو عمان .
1 . ورد ذلك ضمن محددات من رسائل لورنس ص 154 والتي قام بترجمتها الدكتور عبدالمنعم ناصر ومنشورات دار الحرية للطباعة – بغداد 1988