انتهت الانتخابات، ووضعت الحملات الانتخابية أوزارها، وذهب كل مرشح إلى ما يريد، بعضهم يشككون في نتيجة الانتخابات، وبعضهم الآخر وأغلبهم (ناجحون) يؤكدون أن الشفافية سارت بكل شفافية ونزاهة.
التقارير الأولية تشير إلى تمتع الانتخابات التي جرت الأربعاء الماضي بقدر كاف من الشفافية والنزاهة رغم وجود بعض الملاحظات التي ظهرت هنا أو هناك.
الملاحظات تلك ربما يقول قائل إنها لا تؤثر على نتيجة الانتخابات بالمجمل ولكن من حقنا ونحن نثني على جهود الهيئة بأن نطالب بالأخذ بكل الملاحظات التي قيلت وما تزال تقال على محمل الجد تحسبا للمرات المقبلة.
انتهت الانتخابات، وتعرفنا على تركيبة مجلس النواب السابع عشر، نعم، التركيبة مفاجئة، ويمكن تسجيل ملاحظات أولية على مخرجاتها، وعلى القوائم الوطنية وطريقة احتسابها.
الواضح أن المجلس سيطرت على مخرجاته العشائرية، والأصول والفروع، وطبقة رجال الأعمال، والمقاولون، ويخلو (إلا ما ندر) من أصحاب الفكر الإصلاحي الذين يؤمنون بالإصلاح نهجا وفكرا، قولا وعملا.
الجميع يعرفون أننا في المرحلة المقبلة لا نريد تحت قبتنا نوابا يرددون كلمة الإصلاح دون معرفة معناها، ودون أن يعملوا قيد أنملة لتحقيق الإصلاح المنشود. نواب يؤمنون أن التشريع الإصلاحي هو الذي يصل بنا لإصلاح المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
بصراحة انأ خائف على تجربتنا الإصلاحية، وأرجو أن نصل بها إلى بر الأمان، ونشرّع تحت القبة ما يفيد التجربة ويجعل لها روافع حقيقية، روافع تؤمن بأن الإصلاح يعني حرية الرأي والفكر والمعتقد، وأن الدولة المدنية العصرية تعني دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، والحرية والمساواة، والعدل، وتعني أيضا تساوي الفرص ونبذ الواسطة والمحسوبية والفساد.
من المهم أن يعرف أعضاء المجلس السابع عشر أن الإصلاح الذي نريد لا يتوقف عند حد، فلا ضير من إعادة النظر في قانون الانتخاب الحالي بناء على التجربة التي تمت، وبما يوسع قاعدة القائمة الوطنية، ويحدد طريقة التعامل معها وحسبتها.
على كاهل أعضاء المجلس المنتخب حمل ثقيل، فعليهم إعادة الثقة الشعبية بالسلطة التشريعية، وإعادة الحيوية لقبة البرلمان، حيوية تجعلنا نؤمن أن جزءا من سلطة التشريع والرقابة ما تزال تمارس تحت القبة، وأن أعضاء مجلس النواب ليسوا أدوات لتنفيذ الأوامر فقط.
أعرف أن من بين النواب الجدد من يحمل فكرا إصلاحيا حقيقيا، ويريد لأردننا أن يكون وطنيا ديمقراطيا، وأعرف انه يمكن أن يخرج من بينهم مجموعة تستطيع خلق حالة يؤشَّر إليها بالبنان، ولكنني لا أفشي سرا لو قلت إن يدي على قلبي قلقا من تكرار تجارب سابقة.
أرجو أن لا يكون قلقي حقيقيا، وأن يخيب ظني، وأن تخرجوا علينا بتشريعات ترضي الوطن والمواطن وتؤسس للمرحلة المقبلة من عملية الإصلاح المنشود التي تحدث عنها جلالة الملك مرارا وتكرارا.
قد أكون غير متفائل بمخرجات العملية الانتخابية، وربما كنت أطمح بتمثيل أوسع للفكر الإصلاحي تحت القبة، وكنت آمل بتقهقر كل فكر محافظ لا ينتمي للإصلاح، وكنت أحلم بتمثيل أوسع للأحزاب السياسية، تمثيل أوسع لتلك الأحزاب التي تحمل برامج سياسية حقيقية، ولا أقصد هنا أحزاب النخبة، أو الهبة، التي لا تحمل رأيا أو فكرا أو معتقدا بقدر ارتكازها على شخص.
أرجو أن لا يكون للمال الأسود أثر في برلماننا الحالي، وأن يبادر أعضاء المجلس لرفع الحصانة طواعية عن كل نائب يُطلب للمدعي العام للتحقيق معه بتهمة مال أسود.
لا أريد أن اتشاءم، ولكني آمل أن لا يجعلنا أعضاء المجلس السابع عشر نقوم بقطع السبابة التي شاركت بعملية الانتخاب وتحملت الحبر السري الذي الصق على سبابتنا لمدة يومين كاملين.
دعونا لا نندم على أننا ذهبنا لصناديق الاقتراع وانتخبنا، دعونا نعيد الثقة بالمؤسسة التشريعية، ونلمس أنّ لدينا تحت القبة نواب تشريع ورقابة حقيقيين يقولون ويفعلون.
Jihad.mansi@alghad.jo
الغد