لا يزال الربيع العربي غير واضح معالم المستقبل والشاهد على ذلك استقبال المصريين للخامس والعشرين من يناير حيث لم يكن بالاحتفال كما هو مفروض بل بالمواجهات !! والسبب ان هناك تنافساً سياسياً غير شريف دفع الخاسرين في الانتخابات الرئاسية إلى تحريك أناس للحيلولة دون استقرار الوضع للإخوان وبالتالي القول بأنهم غير قادرين على قيادة البلاد كأن رموز المنافسة لديهم عصا موسى لتحويل مصر إلى جنة غناء !! وهذا لا يعني أن الحكم الإخواني موفق في إدارته في كل المجالات والسبب الانتقال المفاجئ للإخوان من السجن إلى الحكم من دون برنامج وطني واقعي .

ما يهمني اليوم الربيع الأردني الذي قطع شوطاً كبيراً بعيداً عن الدموية والمصادمة التي وقعت عند غيرنا ، نعم عدلنا الدستور ولا تزال الحاجة إلى تعديلات أخرى قائمة ، وتمت الانتخابات على قانون دائم أي صنعه البرلمان وتبين لمن يرى ان هذا القانون بحاجة إلى تعديل وهو ما نرجو أن يتم في البرلمان الجديد ، تمت الانتخابات بعجرها وبجرها واختلفت الآراء لكننا امام حقيقة مفادها أن هذه الانتخابات غير التي سبقتها ولديها حظ من النزاهة يعترف بها مواطنون ومرشحون ومراقبون محليون ودوليون مع عدم إنكار وجود خلل هنا أو هناك وهو ما سيفصل فيه القضاء لأول مرة في تاريخ الأردن . من كل ما سبق ولأننا في رحلة الإصلاح فلا يجوز أن نرجع إلى الوراء ومن هنا فأصوات الدعوة إلى رحيل المجلس السابع عشر قبل أن يجتمع وقبل أن تنتهي التهاني للفائزين هي دعوة إلى الفوضى وإلى التراجع للخلف نحو المربع الأول !!!! ولو تخيلنا إلغاء الانتخابات فما هي الفوضى التي ستعم ؟؟؟ إن الروح الوطنية تفرض علينا الدعوة لقيام البرلمان الجديد بدوره الدستوري وان يكمل مدة السنوات الأربع لأننا كنا دائماً ضد حل البرلمان فكيف نطلب حل مجلس لا يزال عرقه أخضر ولم نر خيره من شره ؟؟ أليس هؤلاء المئة وخمسون أردنيين ؟! أليست وراءهم جيوش من الناخبين والمؤيدين ؟؟! ولو استطلعنا الرأي لما وجدنا عند الأغلبية من يقبل بإلغاء الانتخابات ، وهل لأمور بهذه البساطة ؟ نعم هناك مقاطعة قد تمت ولكن هذا خيار الذين قاطعوا وهم يتحملون نتيجة قرارهم ، ولا يمكن أن نرهن البلد لفصيل أو حزب أياً كان ، فليعكف المقاطعون على تقويم موقفهم ، والسنوات الأربع ليست طويلة في أعمار الدول والأحزاب فليعد الراغبون بحال أفضل من الآن ليكونوا هم فرسان البرلمان الثامن عشر إن شاءوا ، لكن الزمن لا ينتظر أحداً ، والوطن بحاجة إلى استقرار وكل الذين ينفخون في نار الفتنة عليهم أن يدركوا أن الوطن أغلى من الحزب والحكومة ، والاستقرار هو العنوان الأكبر الذي يريده غالب المواطنين إن لم أقل كلهم . لقد مللنا المسيرات وصارت المسيرة عنواناً من عناوين التهكم مع أنها في الأصل أداة من أدوات الديمقراطية حين تكون لسبب واضح وغير مكرر ولا ممل .

نعم نريد ان يستمر المجلس أربع سنوات ومعه حكومة للفترة نفسها وبهذا نسير في طريق الإصلاح . أما التردد والارتباك والاضطراب فكلها عناوين لا يقبلها العقلاء.

b.alomosh@alarabalyawm.net
العرب اليوم