يرسم صورنا على وتيرته، يمسنا بشيء غائب، يحك الغيوم في أعالي الشجر،لكل وقت غيمة،تهب لنا أزاهير الجوى الكثار،وحنين خفي الى زمن ما.
للشتاء، رائحة عشق، تفوح في أودية القلوب،وتعاريج الروح،تعطر الزوايا،تعيد لها نداءاتها التي تيبست وهي تنتظر...
جميل أنت أيها الشتاء؛ تأتينا، نطل على شفافيتنا الأولى، توحدنا، نلملم أشتاتنا، توقظ فينا الكثير من عهد "الولدنة"،وتفتح في أوردتنا العديد من حكايات المطر الحميمية،وقد وشمنا الأرض بخطواتنا الهاربة،نصوغ علاقاتنا مع أشيائنا التي أهملناها طيلة الفصول السابقة...وفيروز تقول: "تلج...تلج...عم بتشتي الدنيا تلج...والنجمات حيرانه، وورود الطرقات بردانين...".
نشتاقك،تبعث فينا الوله الذي ما عدنا ندركه،وهو لا يزال يتشبث في خاصرة ذاكرتنا التي استباحت الملل والهدوء بعيدا عن صفير الزوبعة الشتوية...
نداء أنت، يزف الى العاشق.
رقيق حتى في أعاصيرك الهادرة،تعانقنا دون وجل،ليس كغيرك من الفصول،تحضننا،تجتاحنا، تزلزلنا عندما يسيل المطر،ولا نملك إلا التأتأة في المشي تحت ندف الثلج الذي يدثرنا ببياضه،ويفترش البسيطة بنقائه وصفائه ورقة عطائه،وفكرة بيضاء،نشكلها حسبما نرغب، والطرقات المعبقة بالياسمين، سيمحوها المطر غدا، ولا يبقى إلا رائحة العشب التي لا تنفك تجرحنا عندما ترحل.
أنحني لك شاكرة،تعيد لي حلاوة الروح التي تتأنق انتظارا عندما يهل الضباب على غدي...