لا تأتي اهمية مكافحة الفساد في الاردن من كون هذه الآفة أصبحت مستشرية على نطاق واسع بحيث اصبح من غير الممكن السكوت عنها اكثر من ذلك,بل تأتي اهميتها كون بلدنا صغير في حجمه و بعدد سكانه,بحيث ان الناس تعرف بعضها البعض مما يعني ان اي انتفاخ أداري أو مالي سريع لأي موظف سيكون ملحوظا للآخرين اللذين وبطبيعة الحال ستتولد لديهم مشاعر بالغبن و عدم الرضا . والخوف هنا ونتيجة للارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة و لانحسار دخل الفرد ان تتطور هذه المشاعر الى احقاد و ضغائن قد تجد لها سبيل غير ودي للتنفيس عنها.هنا لا بد من الاشارة الى انه لو تم فعلا القضاء كليا على ظاهرة الفساد ,فان ذلك لن يعود بأثر مادي ملموس على المواطنيين كما يحلو للبعض ان يصوروا ذلك "الفساد لدينا بمجمله فساد اداري " ولكن بالتأكيد مثل هذه الخطوة لو تمت فأنها ستعود على نفسيات المواطنيين بأثر ايجابي بحيث تجعلهم صابرين على اوضاعهم و قانعين بما قسمه الله لهم في هذه الدنيا و لسان حالهم يردد ان الموت مع الجماعة رحمة,خاصة وان الجميع يدرك بأننا بلد فقير بالاساس ,فلا موارد مائية تكفي ولا ثروات نفطية أو معدنية متوفرة بشكل مجدي.
ملخص القول ان عملية محاربة الفساد لن توفر لميزانية الدولة الاردنية اموالا كافية للقضاء على ظاهرة الفقر كما يتوهم البعض ,ولكنها بالتأكيد ستبعث الارتياح في نفوس المواطنيين ,وستقطع الطريق على كل من يحاول استغلال هذة الآفة لتجنيد بعض النفوس الضعيفة لتنفيذ اجندات معدة سلفا بحجة القضاء على الفاسدين و من يتستر عليهم .وبكلمة اخيرة ,عملية مكافحة الفساد تعتبر درب من دروب تعزيز الامن الوطني ,وبالتالي تعزيز قيم الولاء و الانتماء لهذا الحمى الهاشمي.