هل اقترب إغلاق الحدود مع سورية؟
د. باسم الطويسي
21-01-2013 03:22 AM
جاءت تصريحات رئيس الوزراء عبدالله النسور، نهاية الأسبوع الماضي، التي لوح فيها بإغلاق الحدود الأردنية مع سورية إذا ما ازدادت أعداد اللاجئين مع تصاعد الصراع هناك، وسط موقف معقد وصلت إليه حركة اللجوء إلى الأردن، وموقف معقد آخر في إدارة اللجوء من قبل السلطات الأردنية بعد الانكشاف الإنساني المحرج الذي وصلت إليه أحوال المخيمات أثناء الأمطار والعاصفة الثلجية الأخيرة، مع استمرار ضعف وفاء المجتمع الدولي بتوفير الإمكانات التي تساعد في إيواء واستضافة اللاجئين.
البديل الذي طرحه رئيس الوزراء بإنشاء منطقة عازلة لأغراض إنسانية داخل الأراضي السورية، بمساعدة القوات المسلحة الأردنية، يحتاج إلى مناقشة وطنية جادة، تحسب الحسابات الاستراتيجية والسياسية والإنسانية لخطوة من هذا النوع، على اعتبار أنها تعني قيام الجيش بمهمة خارج الحدود. ولكن، من غير الواضح حجم البعد العسكري والاستراتيجي في هذه المهمة، وحجم المخاطر المترتبة عليها.
شعبيا، يمكن أن تُقبل خطوة من هذا النوع في ضوء توافق على ثلاثة شروط أساسية، هي: أولا، أن تكون المنطقة العازلة لأغراض اللجوء الإنساني؛ فتخصص للاجئين الهاربين من نيران الصراع، وليس منطقة عسكرية عازلة بمفهوم منطقة بنغازي في معركة ليبيا، وهو ما يتطلب أن تكون منطقة معزولة السلاح تماما. ثانيا، أن يتم إنشاء هذه المنطقة بحد أدنى من التفاهمات مع النظام السوري والمعارضة معا. وفي لحظة ما، سيكون هذا الطرح من مصلحة كافة الأطراف، ويمكن أن يوفر إطارا مطلوبا ومرغوبا. ثالثا، توفير غطاء سياسي ومالي دولي وعربي، يساهم في دعمه مختلف الفرقاء في المعادلة الدولية.
هذا السيناريو يتوقف على ازدياد شدة الصراع في جنوب سورية، وقد لا يرتبط عمليا بقوة تماسك النظام في دمشق؛ فالمؤشر الحقيقي هو قوة حركة اللجوء نحو الأراضي الأردنية، وقد دلت أرقام هذه الحركة أنها مرتبطة بعوامل عدة، منها استهداف قوات النظام للمدن والبلدات الجنوبية، ونقل الجيش الحر أنشطته العسكرية إلى مناطق جنوبية وحدودية.
الأمر الآخر المهم هو حالة الضغط المنظم على الفلسطينيين في مخيم اليرموك؛ إذ تذهب كل السيناريوهات إلى أن المخيم سيدفع الثمن، وسيكون ضحية مرحلة الحسم أو مرحلة ما قبل الحسم، ما سيدفع نحو عملية تهجير ولجوء إرادي وقسري هائلة. وهنا يحتاج هذا الأمر إلى تفكير أردني معمق بعيدا عن المواقف المعلبة والحساسيات المسبقة والمعارك الواهمة؛ فمسألة رفض أي نزوح فلسطيني جديد من أي جهة إلى الأردن يجب أن يكون موضوع توافق وطني شامل بين مختلف مكونات المجتمع الأردني.
لقد تحولت مسألة إدارة اللاجئين السوريين إلى قضية سياسية صرفة ضمن إدارة الصراع حول سورية. وفي الوقت الذي أصبحت فيه هذه المسألة قضية مركزية في الصراع، فإن وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته السياسية والأخلاقية ما يزال في أضعف درجاته، والمساعدات القليلة التي تصل المخيمات لا تعدو أن تكون أكثر من دعاية سياسية تبرز في أوقات محدودة، وعلى خلفيات معروفة.
أمام الأردن خيارات محدودة في الوفاء بالتزاماته الإنسانية والعربية، وحماية مصالحه. وعلى الحكومة أن لا تعوّل كثيرا على نصائح الأصدقاء الذين لا يملكون إلا العواطف الملتهبة للسوريين، والكلام المجاني للأردنيين. وعلينا تذكر أن لدينا واحدة من أطول وأكبر الخبرات التاريخية في إدارة اللجوء، ونعرف الأثمان السياسية المترتبة على ذلك قبل الاقتصادية. وبالمناسبة، فقد كان الأردن أول من استقبل موجة نازحين في التاريخ، نتيجة الاضطهاد الديني والسياسي؛ حدث ذلك حينما استقبلت منطقة بيلا في الشمال مجموعة من الحواريين الهاربين من الاضطهاد في فجر المسيحية الأول. الغد