قبل ايام نُقل عن " دولته " تصريح غير رسمي تسرب من لقاء جمعه بعدد من مدراء الإذاعات المحلية مفادة أن الدولة ستفلس إذا لم ترفع الحكومة أسعار الكهرباء و من ضمن ما قاله المدعو اياه أن هيبة الدولة قد ضعًفت !
الحقيقة أن القناعة المرُة الطعم التي وصل لها الأردنييون أن دولتهم مفلسة حقا لكن ليس ماديا و إنما أخلاقيا.. و " الدولة " هنا لا تعني إلا المفهوم الضيق و المختزل الذي قيفه الأردنيينون ليعني " الحكومة " تحديدا .
ليس غريبا أنه في حين أن الذات الوطنية قد إمتلئت حبورا لدى عامة الناس في بلدنا فقد قابل ذلك نفاذ الإحترام لنادي الحكم و نقمة متصاعدة من الفشل غير البريء في إدارة الأردن و فقدان رغبة المتنفذين التقليدين على تطوير مقدراته و دفعه للإمام هربا من سقوطه و انهاء حالة الوضع على الحافة التي يعيشها الاردن .
عموم الأردنيين اليوم باتوا يفيضون قناعة بأن بلدهم ليس محدود الموارد كما أشيع طيلة سنوات بل على العكس فقد تبين أن بلدهم بلا موارد محدودة و أن وطنهم يحوي ثروات متعددة عكس دول الخليج مثلا التي تعتمد على الغاز و البترول فضلا عن الثروات البشرية المميزة و المؤهلة للتطوير أكثر و إستفزاز طاقاته الإبداعية ناهيك عن إطلالتة الجيوسياسية و رشاقة حجم سكانه و إنسجامهم و إمكانياته السياحية غير المستغلة و غير المطورة بشكل كاف .
من المضحك الإدعاء بأن إنقاذ الدولة من الإفلاس يتم عبر رفع أسعار الكهرباء المرتفعة أصلا . فقياسا لمستويات الدخل فأننا ندفع ثمنا مبالغا فيه حتى مع إرتفاع أسعار الطاقة عالميا .
من المضحك و المخزي أن يكون حل مشاكل الإقتصاد الأردني على حساب جيب المواطن دون التفكير بحلول جذرية منها مثلا إستعادة كل فلس نُهب طيلة السنوات الماضية و الشروع بحملة تنقيب عن الثروات و الإسراع في إستخراجها ما يعني ليس إنقاذا للبلد من الإفلاس فحسب لا بل دفعا له الى الأمام و حل أزمة البطالة المتفاقمة سيما أن بلدنا مؤهلة للتحول لورشة إقتصادية عالمية على أكثر من صعيد .
بدل أن ترفع " دولتك " أسعار الكهرباء بحجة إنقاذ " دولتنا " من الإفلاس , إستعدها و قدم من باع احدى مؤسساتنا الوطنية العامة الناجحه للمحاكمة فقد تجرأ و أستغل نفوذه المزدوج " ليبيع " الشركة و بحال " البلاش " للشركة التي يعمل لديها ؟!
الشروع بحملة إستعادة ثروات و مؤسسات القطاع العام التي تم السطو عليها " برعاية " و منها شركة الكهرباء - التي تتحمل الحكومة فروقات التشغيل لصالح فائدة ملاكها ! و تدفع ثمنا مبالغا فيه – يضمن إنعاش الإقتصاد الوطني و دب الروح فيه من جديد من جهة و يضمن إستعادة هيبة الدولة التي أبتليت بخفافيش لا تشبع دما سيما أن " خصخصة " موارد البلد مس كرامة الاردنيين لا جيوبهم فقط.
إسمعني " دولتك " , من المنطقي أن توشك دولة تخوض حربا على الإفلاس بسبب تكاليف الحرب و من المنطقي أن توشك الدولة على الإفلاس اذا ابتلاها الله بكارثة طبيعية مدمرة لا بمجرد منخفض جوي مثلا لكن ما ليس هو منطقي ان لا تتورعوا على تحميل الشعب فواتير العهر التي ستفلس الدولة .
إقطعوا الكهرباء عن الأردن فأنا بالأساس اراه قمرا نضرا لا إنارة شارع كئيبة تهددون بقطعها عنا بحجة إفلاس الدولة !