محاربة المال السياسي واجب وطني
د. جورج طريف
20-01-2013 04:59 AM
مع اقتراب موعد اجراء الانتخابات النيابية التي ستفرز المجلس النيابي السابع عشر لا بد من الاشادة بجهود الهيئة المستقلة للانتخاب التي نشأت بإرادة جلالة الملك وبموجب التعديلات الدستورية تعبيرا عن التزام جلالته بتعزيز المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار الوطني ، وللإجراءات التي اتخذتها الهيئة بزمن قياسي على مستوى الإقليم، والمستندة إلى أفضل المعايير والممارسات الدولية لضمان إجراء الانتخابات النيابية في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، وفق أعلى درجات النزاهة والشفافية والحيادية ابتداءً من التسجيل وحتى فرز الأصوات وإعلان النتائج.
لقد حرصت الهيئة على اعتماد المعايير الصحيحة بهدف توفير الضمانات لحق المواطن في الخيار الحر، والارتقاء بالممارسة الانتخابية إلى المستوى الذي يستحقه الاردن والاردنيون في ضوء ما أُمكن استخلاصه مما أتاحه قانون الانتخاب الحالي بحيث تدار العملية الانتخابية باعلى درجات الديموقراطية وفق المعايير الدولية لضمان سلامة العملية الانتخابية، وعدم السماح بإرباكها أو بإعاقتها من خلال التجاوز على القانون أو خرقه عن طريق استخدام وسائل غير مشروعة للتأثير على حرية الاختيار لدى الناخبين .
لكن السؤال الذي يطرح نفسة ونحن نقترب من عملية الاقتراع هو:- هل ما قامت به الهيئة المستقلة من اجراءات وما وضعته من تعليمات كاف لانجاح العملية الانتخابية ......؟ وهل يحمل ما قامت به الهيئة ضمانات كافية تصب في اجراء انتخابات نزيهة وشفافة ....؟
وللاجابة على مثل هذه التساؤلات لا بد من القول ان ما قامت به الهيئة من جهود يؤطر ويهيء الاجواء الملائمة للناخبين في ممارسة حقهم الانتخابي بكل يسر وسهولة ....الا ان ذلك لا يكفي لان تطبيق هذه الاجراءات وتنفيذ هذه التعليمات يعتمد على اكثر من جهة يأتي المواطن في المقدمة منها ... سواء اكان مرشحا ام ناخبا ... وبالنسبة الى المرشح فان التقيد بالتعليمات وتطبيقها كما هو مرسوم لها امر اساسي وعلى راس ذلك ما اطلق عليه المال السياسي او شراء الاصوات ونجاح العملية الانتخابية يعتمد على النزاهة في التعامل معها ومحاربة المال السياسي بكل جدية تصبح مسألة ضرورية وواجب وطني لا يقتصر على جهة واحدة لمنعها ومحاصرتها بل على الجميع واجب مواجهته بكل حزم كما أن تأثير المال السياسي السلبي لا يقتصر على نزاهة الانتخابات بل على مستقبل كل أردني وأردنية مثلما اكد جلالة الملك ما يتطلب تعاون الجميع الناخب والمرشح ورجل الامن والموظف وما الى ذلك ....
ومن جهة اخرى فان تشجيع المرشحين الذين يعتمدون على المال السياسي لايصالهم الى البرلمان من خلال عملية شراء وبيع الاصوات تدخل في باب الفساد والمفسدين ويحاسب عليها القانون وهي عدا انها توصل من لا يستحق الى البرلمان فانه سيكون عنصر فساد في المجلس والكل يعلم ان الاجدر بحيازة صوتك هوالمرشح الذي يستحق هذا الصوت والذي سيمثله تحت القبة وليس من يشتريه بالمال ويصادر ارادته للوصول به تحت القبة حيث تصبح القبة لديه هدفا لا وسيلة للعمل على تطوير الانظمة والقوانين والتشريعات ومراقبة اداء السلطة التنفيذية وتحقيق طموحات ابناء شعبنا في السعي الى تحقيق العدالة والمساواة وتكافوء الفرص وتوزيع عائدات التنمية بعدالة وسيادة القانون والمشاركة في صنع القرار وصولا الى تطور الاردن وازدهاره بالمال
محاربة المال السياسي واجب على الدولة ودليل على شفافيتها ونزاهتها مثلما هو واجب على كل مواطن الذي هو غاية الديموقراطية ووسيلتها وهو سر نجاحها وتعزيزها .
tareefjo@yahoo.com