الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي انفجرت في عام 2008 ، ابتداءً من أميركا قبل أن تعم العالم بأسره ، كان يمكن أن تكون بداية كساد اقتصادي عالمي شبيه بالانهيار الكبير الذي حدث في العالم في ثلاثينات القرن الماضي.
ما جعل هذه النكسة تقف عند مستوى (ركود) اقتصادي بدلاً من (كساد) اقتصادي هو التدخل القوي للحكومات والبنوك المركزية ، فالحكومات هبت لإنقاذ البنوك والشركات المتداعية ، فحالت دون حدوث سلسلة من الإفلاسات ، كما أنها قدمت ما سمي بتحفيز الاقتصاد أي زيادة الإنفاق العام ولو بالعجز ، مما حال دون حدوث نمو سالب ، كما أن البنوك المركزية ، وعلى رأسها الفدرال ريزيرف الأميركي ، سارعت بدورها إلى ضخ السيولة في شرايين الاقتصاد بشكل غير مسبوق ، وساعدها على ذلك غياب خطر التضخم في ظل الركود.
بعد خمس سنوات من انفجار الأزمة ، ما زالت الاقتصادات العالمية تعاني ، ولم تستطع الخروج من الازمة والانطلاق في مرحلة جديدة من النمو المرتفع الذي جرت العادة أن يتلو مرحلة الركود.
في السنة الخامسة أو السادسة للأزمة ما زال نمو الاقتصاد العالمي لا يتجاوز 3% وقد يقل عن هذه النسبة المتواضعة. والتحسن النسبي في الاقتصاد الأميركي لم يسمح له بالنمو بأكثر من 2% ، والاقتصادات الأوروبية تحقق نموأً سالباً ولكن بفضل الاقتصاد الألماني يمكن أن ينمو اقتصاد الاتحاد الأوروبي بمعدل نصف الواحد بالمائة ، أما دول العالم الثالث الصاعدة فيتوقع لها أن تنمو بمعدل 5ر3% ، وحتى بلدان النمو المرتفع كالهند والصين تشهد تراجعأً في معدلات النمو ، وإن ظلت معدلات نموها مقبولة.
الأردن ليس بعيدأً عما يحدث في العالم ، وبعد أن كان ينمو بمعدل 7 إلى 8 بالمائة سنوياً ، هبط معدل النمو إلى 5ر2% ، وليس من المتوقع أن يتجاوز 3% في السنة الجديدة ، ويبدو أن نسب النمو العالية أصبحت جزءاً من التاريخ ، ويصعب إعادة إنتاجها.
الحكومات الأردنية المتعاقبة لم تقصد التحفيز بالذات ، ولكنها مارسته عملياً عن طريق زيادة الإنفاق العام وتحمل العجز الواسع والمزيد من المديونية ، كما أن البنك المركزي الأردني لم يقصر في حفز البنوك على التوسع ، ولكن النتائج حتى الآن ليست مرضية. الرأي