دوار فراس : لدينا هتافات تكفي لسنتين
احمد ابوخليل
19-01-2013 05:30 AM
غادرتُ مسيرة الاخوان المسلمين أمس التي أقيمت في دوار فراس (جبل الحسين) الساعة الثالثة بعد الظهر، ولا أعرف أية تطورات لاحقة يمكن أن تكون قد حصلت بعد ذلك.
اسمها مسيرة لكنها في الواقع عبارة اجتماع ثابت احتل حيزاً محدوداً يمكن للعين المجردة أن تشاهده في لحظة واحدة، وهو ما يسهّل الإحاطة بعناصره ومحتوياته من أعداد وانفعالات ومستوى الحماس أو الملل وغير ذلك.
من المتوقع أن يقوم منظمو الاعتصام بنقاش مسألة قلة عدد المشاركين نسبياً، فالاستعدادات كانت لحدث كبير وكذلك التجهيزات، والمنصة مصممة بشكل جديد أكثر رحابة من صندوق "البكب" الذي أصبح منصة تقليدية، وفي الخلفية أقيمت شاشة كبيرة تبث طوال الوقت، ولكن الجديد (والطريف) هو ما أعلنت عنه المنصة، من أن هناك حمامات عامة/ خاصة بالمشاركين، وبالطبع مع صعوبة الحيلولة دون استخدامها من قبل غير المشاركين بمن فيهم الخصوم.
ومن غير المعروف، بالنسبة لي على الأقل، إن كانت تلك الحمامات مجهزة لصنفي الفضلات: السائل والصلب، وبالطبع فإن الدلالات والمؤشرات في الحالتين سوف تختلف، كما ستختلف الآثار الناتجة عن زيارة الحمام وفقاً للعلاقة التقليدية بين "دخول الحمام والخروج منه". لقد اتضحت بالأمس الحكمة وراء دعوات الحكومة الى "شد الأحزمة" فيما لم تعترف المعارضة بذلك واكتفت بالتركيز على أهمية "سد المنافذ" أمام حجج وادعاءات الحكم...
على العموم، يوجد في البلد هذه الأيام صنفان من الاحباط: الأول تقوده السلطة بكل أدواتها، وينعكس في صنف متدن من النشاط الانتخابي والسياسي سوف تكون له نتائج كارثية على مستويات أبعد واعمق من الانتخابات، والثاني احباط تقوده الحركة الاسلامية وشركاؤها.
موضوعنا اليوم هو الصنف الثاني، ففي مسيرة أمس وعلى قلة العدد فإن الملل النسبي كان سائداً منذ اللحظة الأولى، وبذل الشباب على المنصة جهداً صوتياً كبيراً بهدف تحفيز الحضور، ورغم ان الاسلاميين سمحوا (كما هي عادتهم في لحظة الأزمة فقط) لغيرهم بالوصول الى المنصة وبإطلاق شعارات عالية السقف بهدف المزيد من التحفيز، لكنه بالأمس كان سقفاً بلا جدران وبلا أعمدة تحمله. إن على المنظمين أن يتوقفوا طويلاً أمام تحوّل الشعارات الكبيرة الى كلام يسمعه الناس بلا انفعال مناسب.
عند لحظة معينة قال أحد الواقفين على المنصة: "لدينا هتافات تكفي لسنتين"، ومع تقديري لحماسته، وقناعتي بصحة ما قاله، وغيرتي من "شبوبيته"، لكن عبارته تستوقف، حتى لو كانت غير مقصودة منه شخصياً؛ إذ من المؤسف أن تتحول كثرة الشعارات بذاتها الى ميدان للفخر.
ahmad.abukhalil@alarabalyawm.net
العرب اليوم