الحكومات البرلمانية في الورقة الثانية للملك
د. اسامة تليلان
19-01-2013 04:11 AM
ركزت الورقة النقاشية الثانية التي طرحها جلالة الملك عبدالله الثاني على الانتقال نحو الحكومات البرلمانية، كمنطلق لتعزير المسار الديمقراطي في البلاد، والواضح من خلال هذه الورقة والورقة التي سبقتها ان جلالة الملك عازم على قيادة عملية الانتقال نحو الديمقراطية كما هي مستقرة في العديد من التجارب الغربية الراسخة، وصولا الى فكرة التداول السلمي للسلطة، بين الاغلبية والاقلية في اطار البرلمان.
طروحات جلالة الملك تؤسس فعليا للدخول في ممكلة جديدة تشكل نموذجا للديمقراطية في الشرق العربي التي تعطي جل السلطات والممارسات الى حكومات وبرلمانات تجسد ارادة الشعب.
فمن ناحية تناولت الاوراق جملة من الاعراف والتقاليد التي لا بد من رسوخها لتجذير الممارسة الديمقراطية ومن ثم الانتقال الى ترسيخ الاطر المؤسسية للبناء الديمقراطي. وبين هاتين الحالتين لم تغفل الورقة اهمية تقوية المجتمع المدني على اعتباره احد اهم روافع ترسيخ العملية الديمقراطية وديمومتها، ولعل كل من الديمقراطية والمجتمع المدني يدوران في محيط متبادل التأثير فحاجة كل منهما للاخر اساسية.
ومن اجل الوصول الى الحكومات البرلمانية فقد طرحت الورقة ثلاثة متطلبات أساسية دون تقليل من أهمية عامل الوقت ، وهي:
أولاً: ضرورة بروز أحزاب وطنية فاعلة وقادرة على التعبير عن مصالح وأولويات وهموم المجتمعات المحلية ضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق، وقادرة على بناء كتل مستقرة في اطار البرلمان، بعد حصولها على نسبة عالية من مقاعد البرلمان.
ثانياً: تطوير الجهاز الحكومي على أسس من المهنية والحياد، بعيدا عن تسييس العمل، لمساندة وإرشاد وزراء الحكومات البرلمانية، بحيث يصبح الجهاز الحكومي مرجعاً موثوقاً للمعرفة والمساندة الفنية والمهنية، ومن المهم أيضاً أن يعتمد الوزراء على خبرات هذا الجهاز في صنع القرار.
ثالثاً: تغيير الأعراف البرلمانية من خلال تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب بما يعزز نهج الحكومات البرلمانية، وفكرة الاغلبية والاقلية ( المعارضة ) وبناء الكتل المستقرة كما في العديد من البرلمانات. ومن ثم تأطير آلية تشكيل الحكومات من خلال التشاور والتوافق بين الكتل النيابية.
ما تطرحه الاوراق يعتمد على عامل الوقت والمقصود بالوقت ليس السرعة وانما عدم التباطؤ والتسرع في آن، ففي كلتا الحالتين ستفقد العملية الكثير من متطلبات نجاحها، وهذه مسؤولية مشتركة لكل الاطراف المجتمع ومؤسسات الدولة.
الحكومات البرلمانية على اساس انها تجسيد عملي لعملية التداول السلمي للسلطة، لا يمكنها ان تستقر بدون وجود احزاب سياسية قوية وفاعلة وتجسد تطلعات المواطنين ووجود برلمان قوي ومحصن من الاحتواء ولا يعتمد على الاداء الفردي للنواب وانما على الكتل الحزبية بصورة اساسية.
الرأي