رحم الله عمر شهيد الطفولة والجوع والإهمال واليتم والتقصير عمر الذي قضى نحبه بسبب حادث سير بينما كان يسكن في منزلة – الحاوية – في شارع الجامعة الأردنية .
رحل عمر ودفن بإحدى مقابر الزرقاء بدون تشييع وبدون حداد وبدون حزن يليق بموت الطفولة وربما انهمرت علية بعض الدمعات من بعض الأعين التي توارت خجلا من العار.
وحيدا" عاش وحيدا" مات وحيدا" دفن .. دفن بدون دموع وبدون حزن وربما دفن بأيدي باردة لا أب قبلة قبلة الوداع الأخير ولا أم شعرت بمرارة الثكل.دفن عمر ودفنت معه مرة أخرى كرامتنا وحياؤنا وكشف بموته القاسي عرينا واسقط عنا ما بقي على عوراتنا من وريقات التوت وكشف عن حجم زيفنا عن حجم تشدقنا عن كذبنا عن نفاقنا عن جوائزنا عن مؤسساتنا عن وزاراتنا ودوائرنا ...
مات عمر ودفن .. وعرينا على حقيقتنا ففي يوم موته كان عرسنا الديمقراطي ودفع الكثير من الرويبضات ملايين الدنانير ليشتروا ما تبقى من ضمائر الجوعى والثكلى وليزرعوا صورهم البغيضة في وجوهنا ...
ترى يا عمر لو إن نصف أو ربع ما انفق احتفالا بالعرس الديمقراطي انفق على المعوزين والأفواه الجائعة هل بقيت تسكن في حاوية القمامة ؟؟؟
رحماك يا الله إلى هذا الحد والى هذا الكفر نترك أطفالنا يعيشون في حاويات القمامة ويقتاتون منها وندعي بعد ذلك التقدم والتطور والاستثمار ونتشدق بحقوق الطفل والإنسان والحيوان ...
موتك القاسي يا عمر أوجعني وأبكاني ...
موتك القاسي يا عمر وصمة عار لا تنتهي على جباهنا الملطخة أصلا بأكاليل العار.
ترى .. من شيع عمر .. من صلى على جثمانه الطاهرة ..من دق الأجراس للصلاة على روحة البريئة .. وهل من نعاه بصفحات الزيف والنفاق .. ولا أقول أكثر من ذلك ...
موتك القاسي يا عمر عارنا إلى يوم القيامة ولا استثني احد..
والى روحك الطاهرة وأرواحنا الملوثة المنافقة استذكرت قصيدة للشاعر حيدر محمود :

مرثية الحقيقة :

لعلها الوحيدة التي بكت علية ...
هذه الربابة ( الحاوية ) العتيقة
لعلها الوحيدة الصديقة
كانت رغيفه وسيفه
وخيمة انتظاره الطويل
ومات في سبيلها .. فهو شهيد اثنين :
حبه .. وجوعه النبيل
يا جوع : أنت قاطع الطريق
أنت قاتل الأنامل الرشيقة .
لو إن واحد من الحيتان مات
حدت الحيتان كلها عليه
وسار من وراء نعشه المنافقون
باسوا خديه ..
وحنطوا في متحف الرضي قميصه ..
وحنطوا نعليه ..
لكنة يا موت عارنا
من أول الخليقة
فأين تسكن الحقيقة ؟؟
رحمك الله يا عمر وادعوا لقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة وعلى ضمائرنا الملوثة .
mukhled@aldaja.com