عمون - أجمعت معظم الصحف الإسرائيلية أن تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما المنشورة مؤخرا والتي ينتقد فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تعبر عن حالة استياء الأول من الثاني المتهم أميركيا بالمسؤولية في فشل عملية السلام خلال السنوات الأربع الماضية.
وتضيف هذه الصحف أن انتخاب نتنياهو لولاية جديدة يعني في نظر أوباما استمرار نهج التشدد إسرائيليا وجمود عملية السلام إقليميا خلال المرحلة المقبلة، ومن ثم "مزيدا من العزلة الدولية لإسرائيل".
وقد تصاعد الحديث عن الموضوع بعد نشر المحلل السياسي جيفري غولدبرغ لمقال بمجلة "دي أتلنتيك"، أكد فيه أن يأس أوباما من نتنياهو "سر معلن"، موضحا أن أقواله قد تؤشر على "انفجار قريب محتم بينهما".
وقد تضمن هذا المقال -الذي أعادت صحيفة معاريف نشره اليوم- أحاديث "خاصة" لأوباما، منها أن "إسرائيل لا تعرف مصالحها" وأن "نتنياهو يتقدم بها نحو العزلة التامة".
ويضيف الكاتب أن الرئيس الأميركي وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه "جبان سياسيا"، وهو مقتنع بأنه أسير في أيدي مجموعات ضغط المستوطنين، و"لن يتجرأ على القيام بأي حركة حقيقية نحو تحقيق السلام مع الفلسطينيين".
وفي توضيح معالم هذه الرؤية، يقول غولدبرغ إن أوباما يرى أن "إسرائيل -الدولة الصغيرة المحوطة بالأعداء- منبوذة وخلقت اغترابا حتى لدى الصديق الأكبر الأخير: الولايات المتحدة"، وبالتالي إذا استمر هذا النهج "فهي ببساطة لن تبقى". وأضاف أنه إذا لم "تفك إسرائيل ارتباطها عن التدخل في حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، فسيأتي يوم يرى فيها العالم دولة أبرتهايد".
وفي تعليقها على تصريحات أوباما عنونت يديعوت أحرونوت افتتاحيتها بـ"حينما يُصفي الرئيس الحساب"، ورأت أن ما جاء في مقال غولدبرغ رسالة من أوباما فحواها أنه "لا يستطيع أن يصدق كلمة واحدة تخرج من فم نتنياهو، فهو لا يعتمد عليه ولا يراه حليفا يمكن الجري معه".
ويضيف كاتب الافتتاحية أورلي أزولاي أن "الرئيس الأميركي يقيم المرآة أمام وجه إسرائيل المتجهة إلى صناديق الاقتراع، ويُبين أن نتنياهو هو الشخص الذي لن يهتم بمصلحتها وسيجعلها تقوم في الوعي الدولي على أنها دولة منبوذة مع إشارات واضحة إلى التمييز العنصري، فأوباما لم يتحلل من إسرائيل بل من رئيسها".
قرع الأجراس
وتابع الكاتب الإسرائيلي قوله بأن ساكن البيت الأبيض "لُدغ أربع سنوات من نتنياهو.. وهو الآن يعرض تصوره العام ويُبين لإسرائيل أنه يحبها لكن من الاتجاه الليبرالي.. يقرع كل الأجراس قبل أن يصبح الأمر متأخرا جدا. إن رئيس الولايات المتحدة يريد أن ينقذ إسرائيل من قيادتها".
بدورها، اهتمت صحيفة هآرتس بالموضوع معنونة افتتاحيتها بـ"أنصتوا لأوباما"، وقرأت في التصريحات الأميركية ضربة لنتنياهو الذي خسر رهان بقاء الرئيس الأميركي صامتا، وقالت إن أوباما كشف -بعدما كان منشغلا بشؤونه الداخلية- عن آرائه للجمهور الإسرائيلي، وهو ما كان يتحاشاه نتنياهو خلال الفترة الماضية.
وأوضحت الصحيفة أن مقال غولدبرغ "مادة للتفكير تُقدم إلى المواطنين الإسرائيليين"، قبل أن ينتخبوا حكومة يمينية "تقود الدولة في مسار الصدام مع أميركا وباقي العالم".
وللحيلولة دون ذلك، دخلت زعيمة حزب "الحركة" تسيبي ليفني على الخط، حينما أشادت بتلك التصريحات وحثت الإسرائيليين على الاستيقاظ، محذرة من نتائج استمرار نتنياهو في الحكم.
وقالت ليفني -وهي وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة- في مقال منشور بصحيفة "جيروزالم بوست" "كإسرائيلية، من الصعب عليّ سماع ذلك (تصريحات أوباما)، لكن من المهم معرفة ما سيحدث"، مضيفة "إذا لم يغير الناخبون آراءهم، سيقودنا نتنياهو نحو العزلة والعنف وسيسوء اقتصادنا".
تشويه السمعة :
في المقابل، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت تصريحات مسؤولين بحزب الليكود انتقدوا "تدخل" أوباما في الانتخابات الداخلية الإسرائيلية، وقالوا إن الرئيس الأميركي "يسعى لتشويه سمعة نتنياهو"، مؤكدين أن الأخير "سيواصل الدفاع عن المصالح الوطنية لإسرائيل ولن يقدم أي تنازل يمس بأمن مواطنيها".
وفي رسالة موجهة إلى القيادة الأميركية، قال مسؤول كبير في حزب الليكود إن "على أوباما أن يستوعب أن رئيس الوزراء المقبل هو نتنياهو، وأنه سيتعين عليه مواصلة العمل معه".
كما دعمت الصحيفة موقف الليكود -الذي يتزعمه نتنياهو- باستعراض تعليق مختصر من النائبة تسيبي حوتوبيلي قالت فيه إن "سياسة نتنياهو نالت إسنادا كاملا من جانب الأميركيين، مع كل الاحترام لأوباما".
بدوره، دافع النائب داني دانون -الموجود في المرتبة الخامسة في قائمة الليكود الانتخابية- عن حظوظ زعيمه في الفوز، وقال إن "كل محاولة تدخل خارجية تضيف لنا المقاعد فقط، وعلى الرئيس أوباما أن يفهم أنه يتعين عليه العمل مع رئيس الوزراء نتنياهو".
الجزيرة