نريده مجلسا نيابيا لا بلديا وقرويا
جهاد المنسي
16-01-2013 06:03 PM
عمون- فرض المرشحون للانتخابات النيابية حضورهم على أغلب القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، من خلال إعلانات تتحدث عن برامجهم حينا، أو عبر "اسكتشات" تعكس برامج القوائم الوطنية ورؤية المرشحين الفرديين، وفيها يقولون ما يشاؤون، ويعبرون عما يجول في خاطرهم، ومن ثم يذهبون.
بالتدقيق في سواد ما يقال (وأزعم أنني متابع لأغلب ما يُبث ويُنشر)، أجد أن معظم كلام المرشحين هو "دغدغة" لعواطف الناس، بعيدا عن المنطق والعقلانية والرؤية. وقد لمست من خلال المتابعة والقراءة أن نسبة عالية من المرشحين يصرفون وعودا بلا سياق تشريعي أو رقابي واضح، وبلا دراية بطبيعة عمل مجلس النواب ودوره. وتأسيسا على ذلك، وجدت أن أغلب ما يرفع من شعارات وما يقال في الكلمات المتلفزة وغيرها، هو إعادة إنتاج لما يقوله الناس في مجالسهم.
الخطر أن المرشحين يتبنون وجهات النظر تلك، ولكن تحت القبة يحصل العكس؛ فتزداد هوة الثقة بين السلطة التشريعية والشعب، وترتفع النقمة. فليس كل من يقال عنه في المجالس إنه فاسد هو كذلك، وليس كل من يقال عنه إنه شريف هو كذلك أيضا؛ ودور النائب المستقبلي يكمن في البحث والتحري، وعدم إطلاق الوعود جزافا أو إطلاق الاتهامات على عواهنها.
وللحق، وحتى لا أظلم الصالح بالطالح، فإنني وجدت بعض الكتل والمرشحين الفرديين يتناولون في برامجهم الانتخابية رؤية سياسية وإصلاحية، بما في ذلك رؤيتهم لعملية بناء الدولة الحديثة النموذج؛ دولة الإصلاح، الدولة المدنية العصرية التي نريد. ولكن هؤلاء قلة لا يشكلون حالة يمكن البناء عليها. فسواد اليافطات الانتخابية والبرامج يبتعد أصحابها عن الغوص في عمق ما يعانيه الأردن، من قبيل عجز الموازنة، وبالتالي سوء الوضع الاقتصادي الذي يؤثر بالضرورة على محدودي ومتدني الدخل، ويتحدثون في العموميات دون تخصيص.
نعم، نريد محاربة الفساد ومقاضاة المفسدين، ولكن الكلام لا يجب أن يكون حديثا تذروه الرياح، يقال في المعركة الانتخابية، لكن عند التطبيق تحت القبة يغيب النائب عن المساءلة والمحاسبة، ويتهرب من دوره التشريعي والرقابي.
نعم، نريد إصلاحا حقيقيا، ولكن الكلام عن الإصلاح لا يعني استعداء الآخر وتخوينه، والهروب من إنجاز التعديلات المطلوبة لوضع الإصلاح على سكة الانطلاق.
رأس الدولة جلالة الملك، تحدث في أكثر من مناسبة عن الدور الذي سيضطلع به مجلس النواب المقبل، سواء فيما يتعلق بعملية الإصلاح أو في تشكيل الحكومات البرلمانية. وهذا يتطلب من المرشحين، فرادى وقوائم، التركيز على هذا الجانب، وتقديم رؤيتهم التي تتضمن الوصول إلى هذا التصور الذي يمثل نقلة إلى الأمام.
لا نريد لنوابنا المستقبليين دفعنا إلى الحائط أكثر، ولا نريدهم اعتبار مشاوراتهم مع الرئيس المكلف فرصة للمطالبة بفتح شارع وتعبيد دخلة وإنارة طريق، فهذا عمل المجالس البلدية والقروية، وليس من صلب عمل مجالس النواب. كما لا نريد نائبا يشترط لمنح الثقة للحكومة تعيين ابن قريته أو ابن عمه في درجة عليا.
ولا نريد، بموازاة ذلك، نوابا يتقوقعون على أنفسهم، ويرون الأردن من منظار ما تقدمه الحكومة لمحافظاتهم من خدمات، ويعتقدون أن عمان (التي غرقت في العاصفة الثلجية الأخيرة جراء تدهور البنية التحتية فيها) تعوم في نعيم العسل واللبن، وأن كل الخدمات موجهة نحو عمان فقط.
دعونا نحن جمهور الناخبين وقبل الذهاب إلى صندوق الاقتراع، نقف للحظات، ونتفحص برامج المرشحين وماذا يقولون، ونسألهم كيف سيحلون مشاكل المديونية، وما هي رؤيتهم لعملية الإصلاح المستقبلية، وموقفهم من المحاصصة والجهوية والفئوية، لأن الإصلاح لا يمكن له أن يسير في طريقه الصحيحة طالما دخلت تلك العوامل في فكر النائب المستقبلي. دعونا نسأل المرشحين الذين يطلبون أصواتنا الآن قبل أن نعدهم بالتصويت لهم، عن خطة عملهم لمعالجة الفقر والبطالة، وموقفهم من قوانين الضمان الاجتماعي، والدخل، والمالكين والمستأجرين، ومن عجز الموازنة، وقوانين الانتخاب، والاجتماعات العامة، والأحزاب، والمطبوعات والنشر، والقوانين ذات الصلة بالمرأة والطفل. "الغد"
jihad.mansi@alghad.jo