الأردن الجديد .. الاصلاحات السياسية والدستورية
الفرد عصفور
16-01-2013 04:21 PM
كثيرون يطالبون بملكية دستورية وبتحديد صلاحيات الملك. ولكن هذا الخيار ليس الخيار الافضل للبلد. الملكية في الاردن ليست مطلقة وبنص الدستور الحالي ملكية نيابية وهذا اكثر نفعا من ملكية دستورية يكون فيها الملك او مؤسسة العرش مجرد رمز مقيد ومحدد الصلاحيات. مؤسسة العرش يجب ان تكون لها سلطات تمارسها عبر السلطتين التشريعية والتنفيذية.
في ظل ما يجري في محيطنا العربي والاقليمي فان وجود نظام ملكي يمسك الخيوط وخصوصا الامنية والعسكرية والعلاقات الخارجية امر ضروري للبلد وضمان للاستقرار وللسلم المجتمعي. كما انه الملاذ الآمن والحكم العادل بين السلطات.
اصلاحات سياسية عديدة لا تزال مطلوبة ومن الضروري تثبيتها في الدستور لتأصيلها وتجذيرها بتوافق شعبي يقره مؤتمر وطني موسع يشمل كافة الاطياف والتوجهات السياسية في البلد حتى لا تكون عرضة لامزجة الحكومات او السياسيين.
.
بعض التعديلات الدستورية المطلوبة:
تحصين العائلة المالكة: لا يوجد في الاردن من يعترض على الاسرة الهاشمية الشريفة. والعقد الاجتماعي الذي توافق عليه الاردنيون في المؤتمر الوطني عام ثمانية وعشرين بايع عبدالله بن الحسين على مملكة نيابية وراثية وهذه البيعة لاتزال قائمة.
ومن اجل تحصين العائلة المالكة من اي شبهات يجب ان يحظر الدستور على افراد العائلة المالكة واقربائها وانسبائها تولي المناصب العليا والادارات العامة للشركات الوطنية حتى لا تقع عليهم اي شبهة تحرج الملك. كما ان هذا الحظر سيمنع اي شخص الخضوع للاغراءات التي قد تجلبها المناصب.
النيابة والوزارة: البلد ليست بحاجة الى حكومة نيابية. فالحكومة النيابية قد تتغول على السلطة وقد تحمل بذور فسادها. لا بد من نص دستوري واضح لا لبس فيه يفصل فصلا تاما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. الدور التشريعي والرقابي لمجلس الامة يجب ان لا يمس ويجب ان يشرع الفصل التام بين السلطات من خلال مواد دستورية واضحة. وعندما يكون نظام الحكم نيابيا فمعناه ان نواب الامة واعيانها يقومون بدور التشريع والتقنين ومراقبة السلطة التنفيذية. فان كان النائب وزيرا فمن يحاسبه؟
مدة الدورة النيابية: لا يجوز ان تبقى الدورة النيابية اربعة اشهر او ستة اشهر. الدورة النيابية يجب ان تكون متواصلة مع امكانية شهر واحد فقط يسمى اجازة نيابية يتم بعده افتتاح الدورة التالية للمجلس بخطاب العرش. اما الوضع الراهن فهو مخجل حقا اذ لا يجتمع المجلس طوال السنة لاكثر من شهرين بشكل فعلي.
امتيازات ورواتب اعضاء مجلس الامة: الخدمة في النيابة خدمة وطنية فيجب ان تتحدد امتيازات النواب والاعيان بنص دستوري ملزم لا يتغير. وتكون رواتب النواب والاعيان رمزية على شكل مكافآات دون ان يتمتعوا باي امتيازات غير منطقية مثل الاعفاء الجمركي للسيارات او قوائم قبول خاصة في الجامعات او كوتات للحج او وساطات للتعيين العشوائي في الدولة او جوازات سفر دبلوماسية او تقاعد بغير استحقاق. ولذا يجب ان ينص الدستور صراحة على ان الخدمة في الاعيان والنواب ( وكذلك في الوزارة) غير خاضعة للتقاعد الا وفق قانون الضمان الاجتماعي.
الانتخابات والدوائر الانتخابية: هناك اعتراضات كبيرة على قانون الصوت الواحد. الاعتراضات محقة لان تطبيق نظام الصوت الواحد تطبيق عشوائي مغرض قصد منه تفريق الاصوات وتشتيت المرشحين. وبدلا من نظام الصوت الواحد لنجرب نظام النائب الواحد اي نائب واحد للدائرة الانتخابية الواحدة وبدلا من تفتيت الاصوات لنفتت الدوائر الانتخابية.
حرية الرأي والتعبير والابداع: يجب ان ينص الدستور على ان حرية الراي والتعبير والابداع مكفولة ومطلقة بما لا يمس حرمة الحياة الخاصة للاخرين وحقوقهم. وان القوانين النافذه تحكم ما قد ينجم عن ممارسة هذه الحرية من أضرار قد تلحق بالغير.
التملك العقاري والاستثمار: نحن بحاجة للحفاظ على هذا البلد حتى لا ياتي يوم نجده مباعا وليس للمواطن فيه أي حقوق. لا بد من نصوص دستورية حاكمة تمنع بيع العقار والارض لغير المواطنين. غير المواطن يمكنه الاستئجار طويل المدى على سبيل المثال اما التملك الدائم فهذا خطر سنجد انفسنا متورطين فيه في وقت لا ينفع معه ندم. ما ينطبق على العقار والارض ينطبق على المؤسسات. يجب ان ينص الدستور صراحة على حرمة بيع اي ممتلكات وطنية عامة مثلما هي حرمة التنازل عن اي جزء من الارض الاردنية. ويضاف الى هذا نص يؤكد على المشاركة بين الدولة والمواطن في ملكية وسائل الانتاج والثروات الوطنية بدل ان يترك هذا الوطن سلعة لمن يدفع ويشتري منه جزء او اجزاء.
من المؤكد ان هذه التعديلات المقترحة للدستور قد دارت في خلد كثيرين وقد لا تعجب كثيرين اخرين لكنها جديرة بالمناقشة فالبلد يستحق ان نفكر من اجله وليكن هذا قبل فوات الأوان.